لا مساومة

اعداد بواسطة:

عندما تطالب النساء بحقهن الأصيل في المساواة والمواطنة الكاملة غير المنقوصة.. تبدأ الاتهامات بالتغريب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبأنهن يتبنين أجندة غربية، كما لو أن النساء الغربياتأكثر إنسانية منهن، وهو ترسيخ الفكر الاستعماري الذي اتخذ التدخل دومًا في شئون الدول النامية بحجة تطويرها، ويتخذ حاليًا لمقرطةمجتمعاتنا!! ولذا فإن دعوة النساء للمساواة هي دعوة للمساواة لكل القوى المهمشة في مجتمعاتنا.. دعوة تبني على الحقوق الأصيلة لكل البشر.

إننا لسنا مجرد أمهات وبنات وأخوات، وهو جزء عزيز من هوياتنا المتعددة، فنحن أيضًا عاملات ومهنيات وقائدات وفنانات وكاتبات، ونحن قبطيات ومسلمات، ونحن صعيديات وفلاحات ومتدينات، ونحن مناضلات ليس فقط من أجل حقوق النساء، بل من أجل حقوق كل المصريين والمصريات في الكرامة والحرية والديموقراطية.

وقد آن الأوان أن تتعامل معنا القوى السياسية والفكرية في المجتمع على هذا الأساس. لن نقبل بعد الآن أن نكون مجرد أداة تستخدمها القوى السياسية لتثبت للآخر” – المحلى: الديني، أو الأيديولوجي، أو السياسي، أو الخارجي أنها أفضل منه لأن نساءها أكثر إيمانًا، أو تحررًا، أو إنجابًا….الخ.

الديموقراطية ليست حكرًا على الرجال، وأي ديموقراطية لا تضع حريات النساء في القلب منها هي ديموقراطية مطعون في مصداقية المنادين بها. الديموقراطية التي تكتفي بحشد النساء للتأييد، وتستبعدهن من مواقع اتخاذ القرار، ديموقراطية عرجاء، والديموقراطية التي تجمل برامجها الحزبية ببند أو أكثر قليلاً حول حقوق النساء، هي ديموقراطية منقوصة لا يمكن الوثوق فيها.

في نضالنا من أجل القيم التي نشارك الرجال في الإيمان بها، ندفع ضريبة مزدوجة، مرة لأننا مناضلات، ومرة لأننا زوجات، وبنات، وأمهات مناضلين.. تستخدم أجسادنا وأنوثتنا لتهديدهم والضغط عليهم. كما تنتهك أجسادنا باسم التقاليد، بل وباسم الدين أحيانًا.. ولم يعد من الممكن أن تتعامل القوى السياسية المختلفة مع القضايا التي تمس أجسادنا باعتبارها أمورًا تافهة وهامشية.. وأن تغض النظر عن الانتهاكات التي تحدث لنا.

لن نقبل بعد الآن قهرنا باسم الثقافة والتقاليد“.. فنحن أيضًا شريكات في صياغة هذه الثقافة وتلك التقاليد، ومن حقنا – وواجبنا إعادة النظر فيها وتنقيتها من كل العناصر التي تقمع إنسانية البشر، وصياغتها من جديد بما يعمق قيم العدل والمساواة والحرية للجميع. ولن نقبل بعد الآن أن تستخدم بعض القوى الدينلتكريس النظرة الدونية للنساء، للتعامل معنا باعتبارنا زانيات لو خرجنا للعمل، أو كافرات لو نادينا بفصل المؤسسة الدينية عن الدولة. ولن نقبل أيضًا أن تتعامل معنا الدولة باعتبارنا كمًا ملحقًا بحزب الحكومة تعين لنا من يتحدثن بأسمنا ليباركن قمعنا.

آن الأوان أن تتعامل كل القوى معنا بنفس المعايير التي تتعامل بها مع الرجال وأن تتخلى عن معاييرها المزدوجة، ومفاهيمها القيمية المزدوجة، وهو أمر لا نطلبه لأنفسنا فقط بل نطلبه لكل القوى المهمشة والمضطهدة في بلادنا، توجه سندافع عنه بكل قوانا، لأنه ببساطة يتسامي بإنسانية البشر في بلادنا.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي