ما أهمية دراسة النوع في سياق الحقوق الاقتصادية؟

الشركاء: اختيار

تأليف:

ماسة أمير

يتم تهميش القضايا الاقتصادية عادة في أوقات الأزمات، فمن سيطالب بحقوق العمالة المؤقتة في الوقت الذي تطرح فيه قضايا ملحةمثل محاكمة رؤوس النظام السابق أو النقاشات التي دارت, في أعوام سابقة، حول الانتخابات الرئاسية وما إذا كان يتوجب إجراء الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أولاً. وعلى الرغم من أن أول كلمة من إحدى شعارات ثورة 25 من يناير كانت عيش“, إلا أن المطالب الاقتصادية تم التعامل معها على أنها مطالب فئويةتعطل الثورة وتهدد عجلة الإنتاجالتي إن تعطلت، تعطلت معها مصر الثورة

الطرح الذي قدمتة جريدة الأهرام، على سبيل المثال، التي دعت لإيقاف المطالب الفئوية شهرًا كاملاً علي الأقل حتي لا تحجب المطالب الفئوية العجولة شمس الثورة عن أرضنا الطيبة1. وإذا كانت القضايا الاقتصادية تعاني من التهميش بشكل عام، فإن القضايا الاقتصادية التي تتعلق بالمرأة تعاني من تهميش مضاعف في ظل ثقافة أبوية لا تعترف بحقوق المرأة وترى أن الوضع الطبيعيللمرأة هو وجودها في منزلها. وفي وقت الثورات, ينظر لحقوق المرأة بشكل عام على أنها حقوق ثانوية تعطل من السعي نحو الحقوق الثورية، حيث أن المرأة ستحصل على حقوقها تلقائيًا اذا ما أفسحت الطريق للثوريين غالبًا من الرجال ليرسوا قواعد الديمقراطية. لذا ستناقش الورقة أهمية دراسة النوع الاجتماعي في سياق الحقوق الاقتصادية من خلال مناقشة نظرية التسرب التدريجي والحياد الجندري.

نظرية التسرب التدريجيوالحياد الجندري

وإن كانت نظرية التسرب التدريجي2 للفوائد الاقتصادية من المؤسسات الاستثمارية الكبرى لتعم على الجميع قد أثبتت فشلها فإن النظرية نفسها تفشل اذا ما تم تطبيقها على حقوق المرأة، حيث ترى النظرية أن الفوز بـ حقوق المصريينسيعني, بالتأكيد, الفوز بحقوق المرأة وبناء عليه, يكون الفوز بالحقوق الاقتصادية عامة نصرًا للحقوق الاقتصادية للمرأة. ويكمن خطأ النظرية السابقة في أن السياسات التي تتسم بالحياد على صعيد النوع الاجتماعي تفرز سياسات تتسم بعدم المساواة والتمييز ضد المرأة. وفي مجال الحقوق الاقتصادية, من الصعب, أن لم يكن من المستحيل, الوصول الى سياسات عادلة اذا لم توضع اعتبارات النوع الاجتماعي بعين الاعتبار وقت صياغة القوانين التي تؤثر على الحقوق الاقتصادية للمرأة.

ومن الجدير بالذكر أن التفاوت بين السياسات التي تسعى لتحقيق الحقوق الاقتصادية ونتائجها على أرض الواقع واضح في جميع أنحاء العالم، وخاصة في بلدان منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ففي حين أن بلدان تلك المنطقة حققت تقدمًا ملحوظًا في سد الفجوات بين الجنسين في نتائج التعليم والصحة, لم تترجم الاستثمارات في رأس المال البشري إلى ارتفاع معدلات متناسبة لمشاركة المرأة في مجالات الحياة الاقتصادية. في حالة مصر مثلاً, في حين أدت الاستثمارات في رأس المال البشري في مجال التعليم إلى زيادة معدلات معرفة القراءة والكتابة من 47% من الإناث و68% من الذكور في عام 2006، وفقًا للتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى 58% من الإناث و75% من الذكور في عام 2011 3, إلى 68% من الإناث و82% من الذكور في 2013 4، لم تترجم هذه الزيادة إلى زيادة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية في مصر. ويتكون مؤشر المشاركة والفرص الاقتصادية من معدلات عدة, منها نسبة الإناث إلى الذكور المشاركة في قوة العمل, والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء للعمل مماثل، والنسبة التقديرية لدخل الإناث مقارنة بدخل الذكور. وفي حالة مصر، تشير إحصاءات عام 2006 إلى أن دخل الإناث يقدر بـ 1614 دولار في العام مقارنة بـ 6203 دولار في العام بالنسبة للذكور, وتشير إحصاءات عام 2011 إلى وجود فجوة أكبر في متوسط الأجور، حيث حصلت النساء على دخل يقدر بـ 2176 دولار في العام مقارنة بـ 9138 دولار في العام لنظرائهم من الذكور. في حين تشير إحصاءات عام 2013 إلى أن دخل الإناث يقدر بـ 2784 دولار في العام مقارنة بـ 10629 دولار للذكور. وبعبارة أخرى، فإن ترتيب مصر في مجال المشاركة والفرص الاقتصادية شهدت هبوطًا من المركز الـ 108 (2006) للمركز الـ 126 (2011) ثم إلى 128 (2013) على الرغم من زيادة معدلات معرفة القراءة والكتابة. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى النهج الإحصائي للحقوق الاقتصادية، إلا أن زيادة الوعي العام بضرورة مراعاة المنظور الجندري في صياغة سیاسات التنمية تقابلها الحاجة للإحصاءات ذات الصلة. فكلما تتوفر بيانات موثوق بها, فإنها تساعد على تبديد الشكوك فيما يتعلق بأهمية النهج المبتكرة مثل منظور المساواة بين الجنسين.

ما وراء الدخل.. الفقر كفقر القدرة

تشير الهوة بين معدلات معرفة القراءة والكتابة والمشاركة الاقتصادية للمرأة والتي قد تبدو متناقضة إلى حقيقة أنه, في مجال الحقوق الاقتصادية، نادرًا ما تترجم البديهية إلى واقع. ففي حين أنه قد يبدو صحيحًا أن زيادة عدد المدارس قد يؤدي إلى تحصيل علمي متساوٍ للفتيات والفتيان, على سبيل المثال, فإن هذة الزيادة لا تضمن أن تحصيل الفتيات

للتعليم سيكون على قدم المساواة مع الأولاد، حيث أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية تلعب دورًا هامًا في حالة الفتيات. فقد يعتقد الآباء والأمهات, على سبيل المثال، أن بناتهم لسن في حاجة للالتحاق بالمدارس، حيث أن دورهن سينحصر في الزواج والأمومة, الأدوار التي لا يمثل فيها التعليم أهمية. وفي هذا المنعطف، يصبح مفهوم الفقر, وخاصة تأنيث الفقر 5، وثيق الصلة بموضوع تمكين المرأة اقتصاديًا، لافتًا انتباهنا إلى حقيقة أن النوع الاجتماعي يؤثر في العمليات الاجتماعية التي تؤدي إلى الفقر وفي طرق الخروج من الفقر المدقع. وقد يتساءل القارئ ما صلة الخطاب الخاص بالفقر بالتحصيل العلمي؟ تكمن الاجابة على هذا السؤال في مفهوم التنمية كحريةالذي ابتكره العالم الاقتصادي أمارتيا سن، والذي يعرف مفهوم الفقر بحيث يتجاوز فقر الدخل إلى مفهوم فقر القدرة، حيث يمنع الفقر الأفراد من اتباع أسلوب الحياة التي يقدرونها ويريدونها. ينطوي غياب الفقر على التحرر من ضرورة أداء الأنشطة التابعة والقدرة على اختيار أساليب حياة تحقق الرضا الذاتي؛ فيعتبر الفقر نوع من غياب الحرية وليس غياب الموارد المالية. فإذا كان مقياس الدخل والإشباع الاستهلاكي يتفق مع الفقر المستمد من المنظور الاقتصادي للنمو 6، فإن الأبعاد الأخرى للفقر, كالصحة والتعليم والأمية تتجاوز المنظور النقدي إلى المنظور الإنساني لتشمل متغيرات اجتماعية واقتصادية تعكس أوجه الحرمان التي يعاني منها الفقراء. النساء هن الأكثر فقرًا، إذن, من منظور الفقر البشري, حيث يشمل فقرهم أوجة مثل الاستبعاد من صنع القرار, وعدم تكافؤ الفرص في التعليم, وفرض قيود في مجال العمل من بين أمور أخرى، جميعها قيود مفروضة على الخيارات والفرص لا تعتمد على مستويات الدخل.

في حين أن تعريف الفقر من خلال مستويات الدخل قد تكون له مزاياه، إلا أن من عيبه الأساسي افتراض أن الحل الوحيد للفقر هو رفع مستويات الدخل، وحتى يحدث هذا على النطاق الواسع المطلوب، مع أخذ الأرقام المعنية في الاعتبار، يجب على البلدان الفقيرة أن تشهد نموًا اقتصاديًا هائلاً. ويظهر الحل, هنا في رفع معدلات النمو عن طريق زيادة الإنتاجية والاستثمار مع دعمها بالمساعدات الخارجية. ومع ذلك, فإن النمو وحده ليس حلاً سحريًا، فالدول ذات معدلات النمو الكبير لا تشهد دائمًا تحسنا في مستويات المعيشة. وبالإضافة إلى ذلك، لا تضع الفوائد المادية وحدها حدا للتمييز. فكما يوضح مثال المدارس المذكور أعلاه، فإن الاستثمار في بناء مدارس جديدة لا يضمن أن الفتيات سوف يكن قادرات على الحصول على التعليم على قدم المساواة مع الفتيان, وهو يغفل الدور الذي يلعبه النوع الاجتماعي في تصفية (فلترة) فرص الحصول على التعليم. وبالمثل, فإن التحليل من حيث الدخل لتمكين المرأة لا يتناول تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد المشاركة الاقتصادية للمرأة. سوف يحقق القليل من حيث انضواء النساء في الحياة الاجتماعية لمجتمعاتهن.

يعمل مفهوم النوع الاجتماعي من حيث صلته بالفقر، إذا بمثابة مقارنة نظرية ومنهجية للبناء الثقافي للاختلافات الجنسية, والذي يلمح إلى مظاهر عدم المساواة بين الجنسين وللطريقة التي يتصل كل من الجانبين (الاختلافات الجنسية ومظاهر عدم المساواة) بالآخر. وقد أصبح هذا المفهوم يستخدم كأداة تحليل هامة تهدف إلى تحديد وزيادة قدرات الأشخاص على تحسين مستوى معيشتهم. ويعد الاهتمام بعامل الاستبعاد الاجتماعي7 جزءًا لا يتجزأ من هذا النهج, حيث يعني بتحليل الخصائص الهيكلية للمجتمع، والتي تولد العمليات والديناميات التي تستبعد الأفراد أو الجماعات من المشاركة الاجتماعية الكاملة. يتحول التركيز، إذا, من زيادة الدخل كجواب على الفقر بطريقة تقليدية إلى الدمج الإجتماعي كجواب على الاستبعاد والاقصاء، الذي يشكل وجهًا هامًا من أوجة الفقر، فيروج للدمج في العمليات الاجتماعية وفي سوق العمل، على سبيل المثال، الأمر الذي يشكل تحولاً جذريًا في مضمون السياسات المنتهجة وفي طريقة تطبيقها.

اقتصاد الرعاية

تعد قضية عمل المرأة من القضايا التي يصبح فيها منظور فقر القدرات ذا أهمية خاصة. وإذا نظرنا مرة أخرى إلى إحصائيات التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الخاصة بمصر، نجد أن مصر انتقلت مركزين للأعلى من عام 2010 لارتفاع المساواة في الأجور بين الرجال والنساء للعمل المماثل. ولكن في الوقت نفسه, هناك تفاوت كبير بين متوسط دخل الرجال والنساء, اللاتي يتلقين 2176 دولار / سنة مقارنة بـ 9138 دولار / سنة للرجال. ويرجع التفاوت بين المساواة في الأجور للعمل مماثل وبين الفجوة في المتوسط السنوي للدخل يشير إلى ظاهرة إقصاء النساء من الوظائف التي تدر دخلاً مرتفع، حيث يشير نفس التقرير إلى أن نسبة الإناث إلى الذكور في مراكز التشريع وكبار المسؤولين والمديرين تصل ضآلتها إلى 0.12، مما يعني أن من أصل عينة من 100 شخص يشغلون المناصب الأخيرة، سيكون هناك 11 امرأة لكل 89 رجل (بقيت النسبة على ما هي عليه في عام 2013). ويعد حصر العمالة النسائية في قطاعات محددة ظاهرة تعبر كل الحدود الثقافية, مؤثرة على النساء في جميع البلدان تقريبًا, حيث غالبًا ما تتركز النساء في المهن المؤنثة، مثل التمريض والتدريس والعمل المكتبي، أو رعاية المسنين وذوو الاحتياجات الخاصة, الظاهرة التي يطلق عليها الفصل المهني الأفقي، حيث تبقى النساء في وظائف ذات فئات أدنى من وظائف الرجال تقدم دخولاً متواضعة وفرص معدومة، أو محدودة للتقدم. تعود أسباب انحصار دور المرأة في مهن أنثويةإلى عوامل عدة مثل المعتقدات التي لا أساس لها حول قدرات المرأة, وعلى افتراض أن جميع النساء لديهن مسؤوليات تتعلق بكونهن أمهات والتزام واسع النطاق بنسق الرجل المعيل من جانب أرباب العمل تترجم لتعزيز تعيين المرأة في وظائف أقل أجرًا. ففي دراسة للعوائق التي تحول دون وصول المرأة إلى الوظائف غير الحكومية في مصر 8, توصلت الدراسة إلى أن من العوامل المساهمة هي المعايير الاجتماعية التي تشجع المرأة على العمل في مهن معينة, وبيئات العمل والقيود على تحرك النساء في الانتقال من المنزل إلى العمل. تؤدي هذة العوامل غير الرسمية إلى زيادة احتمال معاناة النساء للفقر حيث أن المرأة تميل إلى العمل في مجالات تدر دخلاً أقل من الرجل كما تميل النساء إلى العمل ساعات أقل نظرًا لمسؤولياتهن غير المأجورة في المنزل.

ويلعب ما يسمى باقتصاد الرعاية9 دورًا هامًا في حصر النساء في مجالات اقتصادية

معينة. ففي حين أن أعدادًا متزايدة من النساء من جميع الأعمار تعملن خارج المنزل كما يقمن بأعمال غير مدفوعة الأجر للأزواج والأخوة والأبناء، لا تقابل مسؤولياتهن المتزايدة مع أي زيادة ملحوظة في الحقوق، وتظل القيمة الاجتماعية لعمل المرأة الخاص بالرعاية غير ملحوظة. وتميل أعمال الرعاية, خاصة التي تقوم بها النساء والفتيات في الأسر الأكثر فقرًا, إلى كونها تكلف وقتًا وجهدًا, ولكن ضرورية لاستمرار الاستهلاك اليومي الأفراد الأسرة. ونتيجة لاستهلاك هذه الأعمال لوقت وجهد النساء، فإنه يحد بشكل كبير من فرص عمل المرأة في أعمال تدر مدخولاً ماديًا؛ كما تحد من الوقت المتاح للتبادلات الاجتماعية أو الترفيهية، والاحتياجات الخاصة للراحة أو العناية بصحتهن. ولا يرتبط هذا العبء بزيادة حقوق النساء، بل يقابله توقعات ثقافية من أن النساء لا بد أن يؤثرن عائلاتهن على حساب أنفسهن، حيث يصبح التصرف خارج هذه التوقعات خارج نطاق الممكن. وهناك إمكانية أضيق الحصول المرأة على الموارد, والناجمة عن المساحات المحدودة الموكلة إليهن من خلال التقسيم الجنسي للعمل، وإلى التراتبية الاجتماعية المبنية على أساس هذا التقسيم, التي تترجم إلى الحرمان في مجالات اجتماعية مختلفة, واحدة منها إمكانية تواجدهن في سوق العمل. توضح هذه النظرة الموجزة على أحوال مشاركة المرأة الاقتصادية العوامل المعقدة التي تشكل الفقر بين النساء، وهو مزيج من التمييز 10 والتحيز غير الواعي.

وتوجهنا النظرة على الفقر باعتباره تجربة جندرية إلى مجموعة واسعة من القضايا أعمق من الطرح البسيط الذي لا يرى أبعد من الفقر المادي إلى كون الفقر تجربة جندرية بسبب المعايير والقيم، وانقسامات في العمل والأصول والمسؤوليات، وعلاقات القوة والسيطرة. وتكمن أهمية الإطار الجندري للفقر في كونه إضافة حقيقية لسياسات مكافحة الفقر، التي غالبًا ما يغيب عنها هذا الإطار. يسلط الإطار الجندري الضوء علي مسؤوليات المرأة في الرعاية، على سبيل المثال, والتي تمثل إعاقة لقدرتها على المشاركة في مثل هذه السياسات, الواقع الذي نادرًا ما يؤخذ في الاعتبار في تصميم مثل هذه السياسات. لا تفشل هذه السياسات في الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الجندرية التي تنتج عن تجربة الفقر فقط، ولكنها تؤدي, في كثير من الأحيان, إلى دفع عبء التعامل مع الفقر أكثر وأكثر على أكتاف النساء. ففي ارتكازها على اعتبارات الكفاءة تستهدف هذه السياسات المجموعة التي من المرجح أن تنتج أكبر قدر من المنفعة لأكبر عدد, أي النساء. تتنفذ برامج تخفيف حدة الفقر، إذا، من خلال النساء, فينتهي المطاف بعمل المرأة من أجل التنمية, بدلاً من العكس، فتكون النتيجة امتداد نطاق أدوار ومسؤوليات المرأة مقارنة بالرجل، والتي لا تحسن, بالضرورة من خيارات حياتهن، ولكن قد تحد منها.

لا يؤدي مثل هذا المنهج إلى تمكينالنساء11 في الحصول على حقوقهن الاقتصادية. الـ تمكين، وهي الكلمة التي اكتسبت سمعة سيئة لتركيز مستخدميها على الجوانب النقدية من خلال البرامج التي تهدف إلى الـ تمكينعن طريق زيادة فرص العمل والدخل وما إلى ذلك، في حين تفتقر إلى التركيز على بناء قدرة المرأة على تقييم هذه السياسات والتأثير عليها بنفسها، التمكينليس شيئًا يمكن القيام به لشخص ما من طرف ثالث، بل يجب أن ينظر إليه على أنه عملية تغيير لتصورات الناس عن سيطرتهم على حياتهم وبيئتهم المادية. تكمن مهمة القضاء على الفقر من خلال التمكين, إذا, في القضاء على الهياكل التي تخلق وتعتمد على الفقر بدلاً من إصلاحالنساء المعرضات للفقر. لن تحدث مثل هذه السياسات تقدمًا, إذا ما استمرت في استهداف المرأة في مشاريع التنمية التي تزيد من الأعباء الملقاة عليها, مؤيدة بذلك هياكلاً غير متساوية للأسرة، فتفشل في أن تلعب دورًا في زعزعة استقرار البنى الراسخة من عدم المساواة بين الجنسين في المنزل. وسوق العمل, وغيرها من المؤسسات. وبدلاً من ذلك، فإن الهدف هو تبني نهج ينظر إلى الفقر على أنه يتجاوز الدخل المادي إلى المدخلات, مسلطًا الضوء، ليس فقط على مستوى فقر المرأة، وإنما إلى أعبائها في التعامل مع الفقر أيضًا. ومن شأن التركيز على الطرق التي يتم فيها إجهاد المرأة بأحمال عدة, وأساليب النساء للتعامل مع هذا الحمل إلى الوصول لسياسات تسعى إلى تحويل القواعد والسلوكيات الذكورية فيما يتعلق بمسؤوليات الرعاية. وعلى الرغم من أن تحدي الثقافات الجندرية 12 هو هدف طويل الأجل ولا تستجيب على الفور للسياسات الحكومية, يمكن تقديم تعديلات تمهد الطريق لهذا التحول, واحدة منها هي تعديل برامج التعليم لتحويلها للتركيز على التعليم النوعي الذي يتحدي الصورة النمطية التي طالما قدمتها مناهج التعليم عن الرجال، فتفسح المجال لتقديم إمكانية الرجال كمقدمي الرعاية. كما يمكن للاستثمارات المستهدفة التي تحسن البنية التحتية, مثل الطرق والآبار وغيرها, من تسهيل استخدام الخدمات المحلية، وتوفير برامج لرعاية الأطفال من زيادة فرص المرأة في المشاركة في سوق العمل. يمثل الاقتراحان السالف ذكرهما أمثلة لاستراتيجيات تركز على عبء التعامل مع الفقر، بدلاً من مدخلات المرأة.

يسهم منظور المساواة بين الجنسين بشكل كبير، إذا، في تحليل مفهوم الفقر، حيث أنه يحاول فهم الفقر بطريقة متكاملة، فيحدد الأبعاد الأخرى التي يتجلى الفقر من خلالها. ويتشارك المفهوم الجندري للفقر مع الأطروحات التي تنتقد التركيز على الجانب المادي فقط، مؤكدة على حقيقة أن الفقر يشمل جوانب مادية وغير مادية, رمزية وثقافية، وأنه يتأثر في الأساس، بعلاقات القوة، أو التراتبية الاجتماعية, والتي تحدد منافذ الوصول الأكثر والأقل للأفراد إلى الموارد المادية والاجتماعية والثقافية بوصفها عامل يتأثر بجنسهم.

 

1الثورة تحت حصار المطالب الفئوية الأهرام,

http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx? Serial= 430051

2 تشير هذة النظرية إلى أن الإعفاءات الضريبية أو غيرها من المنافع الإقتصادية التي تقدمها الحكومات القطاع الأعمال والأثرياء ستفيد أعضاء المجتمع الأكثر فقرًا عن طريق تحسين الإقتصاد ككل, التحسينات الكلية ستتسرب تدريجياً، إذا, من الأغنى للأفقر

Of The Arab Spring: Revolt And The Role Of Women ” Cover Story” Centerpoint, Woodrow Wilson International Center for Scholars, http://www.wilsoncenter.org/ article/ ripples- the-arab- spring- revolt- and- the- role- women, July 7, 2011

3 The Global Gender Gap Report, 2011. World Economic Forum, p. 47.

4 The Global Gender Gap Report, 2013, World Economic Forum, p. 54.

5 يشير مفهوم تأنيث الفقر، بصورة عامة، إلى تمثيل النساء غير المتناسب في نسبة الفقراء في العالم. لا ينتج تأنيث الفقر عن انعدام الدخل فقط ولكن كنتيجة للحرمان من القدرات والتحيز ضد النساء. ترتبط زيادة نصيب المرأة من الفقر، أيضًا، بارتفاع معدلات الأسر التي تترأسها النساء.

6 يرتبط مفهوم الفقر الذي يعتمد على النمو الاقتصادي بنظرية أنه من الممكن للحكومات أن تقلل من نسبة الفقر إذا ما ارتفعت معدلات النمو, والتي تقاس غالبًا بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، والذي يحسب عن طريق قيمة السلع والخدمات المنتجة من الموارد الموجودة محليًا في بلد ما خلال فترة زمنية محددة. يغفل التركيز على ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي عن كيفية توزيع نتائج النمو.

7 يشير مفهوم الاستبعاد الاجتماعي إلى العمليات التي يتم بموجبها حظر الأفراد والمجتمعات من الحقوق والفرص والموارد بشكل منهجي.

8 Ragui Assaad, Why Did Economic Liberalization Lead to Feminization of the Labor Force in Morocco and De-feminization in Egypt?, 2004.

9 يشير مفهوم اقتصاد الرعايةإلى العمل الذي يتم في المجال الخاص، إلى حد كبير عن طريق النساء، والذي لايتقاضين بموجبة أجر. تشمل هذة الأعمال رعاية الأطفال أو كبار السن, طهو الطعام، إلخ.

10 تعرف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التمييز, وفقاً للمادة 1، على أنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو عرضة النيل من الاعتراف للمرأة، على أساس تساوي الرجل والمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذة الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية.

11 يشير مفهوم التمكين إلى زيادة القوة السياسية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات. أصبح مفهوم تمكين المرأة موضوعًا هامًا للنقاش في ما يخص التنمية والاقتصاد, فتبنته مناهج للتنمية، مثل الأهداف الانمائية للألفية، كخطوة ضرورية لزيادة قدرة البلدان على التغلب على العقبات المرتبطة بالفقر والتنمية.

12 المعني بالـ ثقافة الجندريةهي المفاهيم الثقافية التي تفضل الرجل على المرأة، حيث يكون الإيمان بأن المرأة تختلف اختلافًا أساسيًا عن الرجل, الاختلاف الذي يبرر التعامل الغير منصف تجاه النساء.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي