منع ختان الإناث..معركة ثقافية إنسانية

د/ عبد المنعم عبيد

تنفجر هذه الأيام من الريف حكايات دامية لوفاة بنات صغيرات من جراء النزيف في عملية ختان، أو التخدير الذي يعطي للبنات في سن المراهقة بواسطة أطباء غیر متخصصين يغامرون بإعطاء المخدر الكلي وهو يتطلب دراية واسعة ومراقبة كبيرة حتى لا يحدث الموت، وهم يقومون في نفس الوقت بإجراء عملية الختان في هرولة كبيرة لبنت أوشكت أن تصبح عروسًا شابة.

ويتناوب الأهل هذ الأيام الحيرة الكبيرة في اتخاذ قرار الختان فهناك غيمة فكرية للأسف في صفوف الدعاة الدينيين، إذ يشيع بينهم أن الرسول أعطى تعليمات عامة تدخل في باب النصيحة الجراحية آمرًا إحدى الدايات أن (تخف يدها) في إجراء هذه الجراحة الدقيقة والرسول الكريم لم يعرف عنه ختان بناته أو زوجاته، ولا يوجد لهذه العملية الجراحية العبثية أي أثر في كل المناطق الإسلامية المقدسة، وكل البلدان الإسلامية إلا في بعض البلدان الإفريقية وهي: مصر، السودان وأثيوبيا لا أكثر. ولا يعقل أن يعطى الرسول تعليمات جراحية غامضة سيختلف أثرها بالطبع من (داية) إلى أخرى.

لكني فوجئت بأفكار أكثر عبثًا يقولها بعض أطباء أمراض النساء الدراويش، حين يقترحون إجراء هذه العملية البغيضة عندما يصل سن الفتاة إلى قبيل البلوغ ويحسبانها مكرمة، أي أنها تقل عن السنة النبوية ولا ترقى بالطبع إلى الفرض الديني الواجب! وتلعب هذه الأفكار الظلامية دورًا في استمرار هذه الغيمة الظلامية المحلقة في سماء الحياة الجنسية الصحية الكريمة.

أهمية تكامل الجهاز الجنسي عند المرأة

إن البظر الذي تبغي الداية الوصول إليه في الأطفال، ليس إلا عضو صغير جدًا وهو النظير الكامل لعضو الذكورة، واستئصاله بتر لعضو جنسي مهم عند المرأة، لكنه ليس العضو الباعث على التفكير الجنسي، بالطبع لصعوبة الاستئصال يتم قطع الشطرين الصغيرين منه، واللذين يكونان قلنسوة تغطيه ويصعب على أي جراح التيقن من الدقة في الأطفال كما أن اقتراح الاستئصال في البنات الكبار إنه لجريمة كبرى تترك جرحًا غائرًا في الكرامة عند البنات، وتعرضهن للعب بالنار من جانب غير المتخصصين عند سن البلوغ الحرجة، وللتفحص المكرو بلا موجب، ولنوع من (العك) الجراحي الذي لا فائدة منه، ولتعريض مزيد من الأرواح لأخطار التخدير بالحقن، والذي يؤدي إلى الوفاة في الظروف الراهنة من غياب أطباء التخدير في كثير من مرافق مصر الصحية، وإلى زيادة التكلفة الكبيرة لعمل تخديري وجراحي لا احتياج إليه.

ولابد لكل الحريصين على عزة المرأة أن ينتهزوا استمرار محاربة هذا العمل العابث لبعث العزة والكرامة الجنسية عند النساء، عندما يتركز التثقيف الواعي للأهل على أن إدراك المرأة لدورها الهائل في الحمل والولادة والإرضاع يؤهلها للرشاد في سلوكها الجنسي وتكوين القناعة الهادئة لديها بأن عليها أن تتمسك بمقاليد الرصانة بعقلها، وبسعيها لتوفير أحسن فرصة متاحة لديها للبعد عن مشقة التعرض للاغتصاب بكل وعي واقتدار، وأن اكتمال أعضائها التناسلية ليس سببًا بأي حال في إحداث أي هياج جنسي، إذ لا مصدر للرغبة إلا من خلال قرار عقلاني فقط. كما يجب توعية الرجال والنساء كما هو حادث في العالم أجمع إلى أن الإكتمال الجنسي منوط أساسًا بتكامل وتواجد أعضاء التناسل عند الرجل والمرأة. وما يتم استئصاله في المرأة لعملية الختان ليس مجرد قطعة جلد وإنما هو عضو الجنس، وأحد مكوناته العصبية التي وفرتها الطبيعة لصالح هذا الإكتمال الباعث على السعادة العميقة، والتي تمر بالبشر في مصاعب الحياة وبلمح البصر.

خطوات عملية للحماية من الختان

1 – إن أول الواجبات هو استدعاء شهادة كل طبيب في مجال جراحة النساء، وكل العاملين في مجال الرعاية الصحية الأساسية في الوحدات الصحية الريفية لتأكيد أن الدين لا علاقة له بالختان، وتكرار ذلك في كل وسائل الإعلام والتثقيف الصحي والتأكيد على أن الإجراء الجراحي أبعد ما يكون عن كونه مكرمة، بل هو إلى الإجرام الوظيفي أقرب.

۲ ومن المهم حصر البنات الصغيرات في كل قرية، وفي زمام كل وحدة صحية حين ينتشر التأمين الصحي حسب الرقم الصحي القومي، لإجراء متابعة واسعة لسلوك الأهل والتأكيد عليهم بعدم الإقدام على طلب هذه العملية الإجرامية، وإجراء تحقيقات واسعة وعقوبات رادعة لمن يمارس الختان وخاصة من الدايات، وتجريم هذا العمل بصورة أشد إذا زاوله طبيب، وإذاعة التقارير عن حسن مراقبة الهيئات الطبية في كل قرية – مصرية لإنعدام الختان تمامًا.

3 – ويجب أن تتزايد الجهود لضمان فرص التعليم الإبتدائي للبنات من خلال المدرسة المنتظمة، والمدرسة ذات الفصل الواحد، وفتح الطريق للتعلم أمام البنت حتى سن العشرين وهي السن التي يرتفع إليها السماح بالزواج، من أجل دعم القدرة الإنتاجية للنساء، ومنحهن القروض الإنتاجية لتمكينهن من إعالة أنفسهن دون الحاجة للزواج المبكر، من خلال تعليم فني منتج.

4 – ومن الضروري التوعية بأخطار التخدير العام وضرورة التوعية بين الأطباء حتى نصل إلى وجود طبيب متخصص يرفض إعطاء التخدير في عمليات الختان من الأصل، ومواجهة الفكرة الخبيثة لإجراء أي جراحة في البنات تتعلق بعضو الجنس في أي مرحلة عمرية، ومتابعة صارمة من نقابات الأطباء والتمريض لسلوك أعضائها في هذا الشأن.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي