نقاش حول حظر النقاب

بقلم:

نقاش حول حظر النقاب

من وجهة نظر حقوق الإنسان

 

أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا بعدم جواز فرض حظر مطلق على حق المرأة المسلمة في ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وتطرق المنتدى بطبيعة الحال إلى مناقشة هذا الأمر في إطار المناقشات العامة التي ينظمها.

صدر هذا الحكم لصالح أستاذة بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر تم منعها من دخول مكتبة الجامعة الأمريكية في القاهرة بسبب ارتدائها النقاب، مما دفعها لإقامة دعوى في عام ۲۰۰۱ للمطالبة بإلغاء قرار مجلس الجامعة الأمريكية بفرض حظر كامل على ارتداء النقاب في الفصول والمكتبات والمعامل التابعة لها.

وهكذا صدر الحكم بعدم جواز منع ارتداء النقاب مع التأكيد على حق الجهات العامة في أن تطالب المرأة المنقبة بالكشف عن وجهها عندما تقتضي اعتبارات الضرورة والصالح العام التحقق من شخصيتها، مع ضرورة تناسب هذه الإجراءات مع القدر اللازم لتحقيق تلك الاعتبارات ومع التأكيد على سلطة القضاء في الرقابة على هذا التناسب.

والسؤال هو: هل نتفق مع هذا الحكم أم لا؟

من ناحية، هناك من ترى في ارتداء النقاب تطرفًا غير ضروري حيث لم توص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية به. وهناك من ترى أن النقاب قد أسيء استخدامه في عدة حالات حيث إنه يسمح بالتخفي وقد لا تعرف ما إذا كان مرتديه رجلاً أو امرأةً. والأهم من ذلك هو أن النقاب يخفي ملامح الوجه وتعبيراته، وهو الأمر الذي يحول دون التواصل مع الشخصية، فإن أول ما نراه من الشخص وجهه، وقد أعربت إحدى الفتيات عن شعورها بالخوف الحقيقي إزاء أية منقبة وعدم قدرتها على التعامل معها على الإطلاق.. وفي الوقت نفسه دافعت الكثير من الفتيات عن حق أية إنسانة في ارتداء ما تشاء وفي التعبير عن هويتها الدينية.

وإذ نحاول الحكم على الأمر من مرجعية حقوق الإنسان، نجد أنه يتفق تمامًا مع موقف القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي لا يسمح بتقييد حق المرأة في اختيار ملابسها أو التمييز ضدها على أساس هذه الاختيارات، فحقوق الإنسان تقوم على الإيمان بأن الإنسان فرد عاقل ذو ضمير يمكنه من إتخاذ قراراته الشخصية شرط عدم الإضرار بالغير.. ولكن تظل المشكلة في تحديد الضرر ؟ هل يعتبر شعور إحدى الفتيات بالخوف من المنقبات ضررًا؟ لا شك أنه ضرر، ولكنه ذو طبيعة ذاتية، فهل ستسمح بالاعتراضات على الحرية الشخصية بناء على أسباب ذاتية؟ إذا سمحنا بذلك، ستجد من يخرج بأسباب ذاتية توضح تضرره من كشف المرأة لشعرها، وما أكثر من يمكنه أن يخرج بهذه الأسباب في يومنا هذا مع تصاعد التيارات المتطرفة!

فهل لنا أن ننتقل من الحكم على الأشياء من معاييرنا الخاصة وأن نتفق على معايير تكفل لكل الأطراف الحياة في سلم وفقًا لرغبتها الخاصة؟ هل يمكن أن نعيش يومًا في مجتمع يكفل للجميع حريتهم الشخصية، مجتمع تعددي ومتسامح ؟ أعتقد أن هذا هو الإسهام الأساسي لحقوق الإنسان، فعلى غير ما يعتقد الكثيرون حقوق الإنسان ليست غربية وهي لا تدعو إلى الانحراف والتسيب، بل تدعو إلى كفالة الحرية الشخصية للأفراد وجوب احترام جميع حقوقهم بما فيها حقهم في ممارسة شعائرهم الخاصة أيًا كان الدين الذي ينتمون إليه.

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي