هل الاغتصاب الزوجى حلال؟

اعداد بواسطة:

سيستنكر الكثير من القراء هذا العنوان وسيتساءلون هل العلاقة بين الزوجين فيها ما يسمى بالاغتصاب؟ فالاغتصاب كما نعرف جميعًا فعل جنسي تجبر عليه الضحية بواسطة رجل غريب عنها أي بالضرورة ليس زوجها.

ولكن هذا التعريف قد تغير الآن بعد رصد العلاقات الزوجية بصورة علمية، ومعرفة أن كثيرًا من بديهيات العلاقة الجنسية قد صارت الآن في ذمة التاريخ مثل رغبة الرجل وفحولته التي بالضرورة تتفوق على رغبة النساء، والتي استغلها البعض في الدفاع عن تعدد الزوجات، وأيضًا بديهية أن النساء مجرد وعاء جنسي مستقبل فقط وجسد مستعد للجماع في أي وقت، وليس عليه أن يرفض أو أن يتململ لأن الجنس في اعتقاد القدماء لا يكلفها جهدًا أو عناءً، ولذلك كانوا يعتبرون الرفض إما دلالاً منها أو عنجهية وعجرفة لابد أن تعاقب عليه بكسر أنفها المتعالي الممتنع بلا سبب، ولكن مع التقدم الحضاري والاجتماعي والعلمي عرفنا فيما بعد أن النساء لسن مجرد دمية بلاستيك بها وعاء مثقوب لتفريغ كبت الرجل الجنسي اللاهث على الدوام والذي يضنيه فحيح الرغبة المتأججة، ولكنها إنسان مثلها مثل الرجل، الجنس عندها لا يتم بضغطة زر ولكنه يتم بمجموعة معقدة من التفاعلات النفسية والشعورية والجسدية، ولكي تستمتع به لابد أن تكون لديها رغبة وإلا لو انتفت الرغبة عندها ومارست مع الزوج رغمًا عنها وهي توهمه بأنها مستمتعة فلا فرق بينها وبين العاهرة التي عليها أن تتغندر وتمثل الإستمتاع حتى يرضى عنها الزبون الذي هو الزوج وبعد الإنتهاء من هذه المسرحية الهزلية من الممكن أن تذهب سريعًا للحمام کی تتقیأ ما في جوفها قرفًا من هذا اللقاء الخالي من المشاعر، وعرفنا بواسطة العلم أيضًا أن النساء من الممكن أن تنتقل من نشوة إلى نشوة أخرى، أو بلغة علم السكسولوجي من أورجازم إلى أورجازم بدون مدة فاصلة على عكس الرجل الذي لابد أن يمر على نشوته وقت لا يستجيب فيه لأي إثارة حتى يدخل منطقة نشوة أخرى، وهذا الوقت تتفاوت مدته حسب السن، وبهذا تسقط أسطورة أن رغبة الرجال متأججة عن النساء، وآخر ما توصل إليه هذا العلم هو أن النساء تستجيب للمثيرات اللفظية من مغازلات وكلام معسول أي أن الأذن لديها عضو جنسى أساسي والترتيب للقاء لابد له من تمهيدات وملاطفات لا ينفع معها أن يكون الجماع فجائيًا بطريقة روتينية فجة، أما الرجل فيثيره المشهد لا المسمع ولذلك فالعين عنده مصدر الإثارة ومن الممكن أن يمارس الجنس بلا مقدمات لفظية أو تمهيدات رومانسية، وهنا فرق مهم يجعلنا نفهم الجنس عند النساء وكم هو معقد ورافض للإجبار، وهو ما يقودنا إلى اعتبار أن الجنس الذي يمارسه الزوج بالإجبار مع زوجته الرافضة لممارسته معه يعتبر اغتصابًا، ولا تنفيه أو تجمله أو تقلل من حدته ورقة كتب الكتاب والقايمة والشهود والمأذون فهذه كلها ديكورات لا تخفى قبح هذا السلوك البشع من الزوج تجاه زوجته. كان لابد من هذه المقدمة وهذا التفسير حتى ندخل هذه المنطقة الشائكة التي يعتبرها الفقهاء منطقة محظورة، وهي منطقة حق الرجل الذي بلا حدود أو موانع في جسد زوجته، وهو ما أعتبره مجافيًا لمنطق الدين الإسلامي الذي أعلى من شأن الاختيار، وكرم الجسد الإنساني، وأوصى بالنساء خيرًا، وليس من المعقول والمنطقي أن يجبر الزوجة على فعل يحتاج كل هذا الكم من الأحاسيس والرغبة والقبول، يجبرها لمجرد إرضاء رغبات الزوج وإطفاء ظمأه حتى ولو على حساب سلامها النفسي، فلا يمكن أن يعتبر الإسلام الجنس مونولوجًا من طرف واحد، ولا يمكن أن يوافق على أن تكون العلاقة الجنسية اغتصابًا مقننًا بورقة، وبالرغم من عدم إجبار القرآن للزوجة على ممارسة الجنس مع زوجها رغمًا عنها فإن الفقهاء قد اعتمدوا على عدة أحاديث في ترسيخ هذا السلوك المونولوجي في الجنس هي:

7 رواية ابن عباس التي تقول أتت امرأة من خثعم إلى النبي فقالت: إني امرأة أيم، وأريد أن أتزوج فما حق الزوج؟وكانت أولي الحقوق الزوجية التي قيلت في الحديث إن من حق الزوج على الزوجة إذا أرادها فراودها عن نفسها وهي على ظهر بعير لا تمنعه.

الإسلام لا يقبل أن تكون العلاقة الجنسية اغتصابًا مقننًا بورقة

إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح.

وأنا لا أفهم أن يساند البعض ويروج لهذه المفاهيم، فكيف يتم إرهاب الزوجة التي لا تساعدها ظروفها النفسية أو الجسدية على اللقاء الجنسي بأنها ملعونة وفي النار، إنه تثبيت لمفهوم الجنس الميكانيكي الخالي من المشاعر، فكيف مثلاً نجبر زوجة مكتئبة على الجنس، أو زوجة من الممكن أن يضرها الجماع جسديًا مثل فترات معينة من الحمل أو عندما تكون المشيمة في وضع قريب من عنق الرحم، أو ببساطة زوجة مالهاش مزاج كيف نجبرها على الجنس بالعافية!!، والغريب أننا نجد أن عدد من يتبنون المفاهيم المنطلقة من هذه الأحاديث أضعاف أضعاف من يتبنون المفاهيم الإيجابية الأخرى التي ذكرها القرآن والرسول التي سنذكرها فيما بعد والتي تتناقض مع هذه الأحاديث السابقة، وكما قلنا وذكرنا من قبل إن هذا التناقض لن يحل إلا بتجديد الخطاب الديني الذي صار كل من ينادي به أمريكانيًا وخارجًا عن الدين في نظر كهنة العصر الجديد، وهذا لن يحدث إلا بتنقية الأحاديث والبحث في المتن بنفس الهمة والتدقيق والتمحيص الذي تفعله في السند. وإحداث ثورة في فهم الأحاديث النبوية والتي حاول أن يحدثها دعاة ومفكرون قوبلوا للأسف بعاصفة من الرفض والاستنكار بل والتهديد بالقتل لأنهم تجرأوا وأرادوا سحب بساط الكهانة منهم.

وساهم في ترسيخ هذه الصورة السلبية لدور النساء الجنسي بعض التفسيرات القرآنية مثل التي قالها الطبري الذي نصح المؤمن بأن يوثق النساء الرافضات في فراشهن لأن آية وإهجروهن في مضاجعهن تعنى حسب أحد تفسيراته إربطوهن بفراشهن، لأن الهجر حسب تفسيره هو الحبل الذي كانت تربط به العرب الجمال، فللرجل الحق في أن يجامع امرأته كما قال في الجزء الرابع من تفسيره عندما يريد وكما يريد شريطة أن يكون الجماع من الفرج، وما قيل أيضًا في التأكيد على أن إشباع شهوة الرجل الجنسية هي في المقدمة فبالرغم من أن الفقهاء لم يحددوا سقفًا لتلبية رغبات الزوج فهي في أي وقت وفي أي مكان وتحت أي ظرف، إلا أنهم اختلفوا في أمر الرجل ووجوب مجامعة زوجته ويكفي أن نقرأ ابن قيم الجوزية في كتابه روضة المحبين وهو يقول قالت طائفة : لا يجب على الزوج مجامعة زوجته فإنه حق له إن شاء استوفاه وإن شاء تركه، وقالت طائفة أخرى: يجب على الزوج وطؤها في العمر مرة واحدة ليستقر لها الصداق!!، وبالطبع امتداد إطفاء نار الشهوة في النساء سيمتد من الدنيا إلى الآخرة حيث روجت في نفس كتاب ابن القيم أحاديث تتحدث عن نكاح الرجال النساء بشهوة لا تنقطع وبقوة مائة رجل ويصل كل منهم في اليوم الواحد لمائة عذراء وعن رجوع النساء أبكارًا بعد قيام الرجل عنهن….. الى آخر هذه الأقوال التي رسخت مفهوم وظيفة النساء كمنظم وصمام أمان لتوترات وشهوات الرجل الجنسية.

القهر الجنسي للمرأة امتداد لقهرها الإنساني العام

وإذا قرأنا كتب الفقه سنفهم سبب القهر الجنسي للمرأة، ونتأكد من أنه امتداد لقهرها الإنساني العام الذي أفرزه الفقه الصحراوي البدوي الكاره للمرأة والذي يعتبرها من ضمن المتاع والعبيد، على عكس النظرة الإسلامية الكلية التي تعلي من شأنها وكيانها والتي تشوهت وتضاءلت نتيجة أكوام التراب والكالسيوم التي ترسبت عليها فأخفتها عن العيون، وبقراءة سريعة لأحد هذه الكتب الذي كان مقررًا على الثانوية الأزهرية، أي على دعاة وشيوخ المستقبل وهو الروض المربع بشرح زاد المستنقع، ستعرف رد السؤال الخالد عن سر كراهية النساء وقهرهن الجنسي، لنقرأ معًا الزوج لا يلزمه كفن امرأته ولا يلزمه دواء أو أجرة طبيب إذا مرضت، لا يزيد ضربها على عشرة أسواط، دية النساء نصف دية الرجال، يلزم الرجل الوطء إن قدر عليه كل ثلث سنة مرة، ويعرف كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الزواج على أنه عقد على مجرد التلذذ بآدميةولاحظ هنا كلمة التلذذ، ولذلك فالنفقة لا تجب إلا في نظير الاستمتاع والزوجة المريضة على سبيل المثال لا تصلح للاستمتاع ولذلك كما قلنا ثمن الدواء ليس واجبًا على زوجها!!، أظن أننا بعد هذا الكلام عرفنا السر في تحامل الفقهاء على النساء وتحليل الاغتصاب الزوجي لها فهو حق للزوج في نظرهم.

هذه الفتاوى والتخريجات الفقهية وغيرها هي التي أغضبت الشيخ الغزالي وجعلته يهاجم هؤلاء ويقول في كتابه هموم داعية هناك نفر من المتكلمين باسم الإسلام يرون النساء في الجامع قذى في عيونهم، ويضعون العوائق من عند أنفسهم لا من عند الله كيلا يكون للنساء وجود في ميادين الأمر والنهي والنصح للعامة والخاصة، ووصل الغزالي أقصى غضبه حين قرأ فتوى لأحد المشايخ تقول إن النساء لا يجوز أن يرين أحدًا أو يراهن أحدًا فوصفها بأنها فتوى مخبول لا يعرف الإسلام بل هو وأمثاله قرة عين لأعداء الإسلام!، وأنا لا أعرف كيف تستقيم هذه الأحاديث مع أوامر أخرى الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر منها فهمه المرن لمشاعر النساء وأحاسيسهن، وكيف أنه أمر الرجل بألا يقع على امرأته كما البهيمة بدون مقدمات أو ملاطفات، مما جعل أبو حامد الغزالي يقتبس من سنته ويقول في إحياء علوم الدين إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضًا نهمتها، أي أن الإسلام أوصى بالحفاظ على الإيقاع والهارموني الجنسي الذي لن يتحقق على الإطلاق بأن نرهب النساء ونجبرهن على أن يباشرن الجماع وهن مجبرات لإرضاء أزواجهن فقط حتى ولو على ظهر جمل وإلا بتن ملعونات، أعتقد أن الاغتصاب الزوجي لا يرضى عنه الإسلام تحت أي مسمي أو مبرر فالجنس حوار ولا ينفع أن يكون أحد الطرفين ثرثارًا والطرف الآخر أخرس.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي