هل العمل المأجور هو الإجابة (الوحيدة)؟

تاريخ النشر:

2010

التقديم:

هل العمل المأجور هو الإجابة (الوحيدة)؟

الليبرالية الجديدة، رفاه المرأة العربية، والعقد الاجتماعي*

تقديم المحررة:

جنيفر أولمستد (Jennifer C. Olmstel) هي أستاذة الاقتصاد الوحيدة بين المؤلفات والمؤلفين المتضمنة أعمالهم في هذا الكتاب. إن مقالها، المنشور عام 2005، يتحدى أحد الفروض التي ظلت في أذهاننا لفترة طويلة حول تحرير المرأة في كل مكان، بما في ذلك الشرق الأوسط، وهو أهمية العمل المأجور. تناقش المؤلفة الليبرالية الجديدة ونظريات العقد الاجتماعي بوصفها سياقات تؤدي إلى تغيير معنى العمل المأجور على نحو يُعقد فهمنا للتحديات التي تواجه النساء العربيات اليوم.

 

هل العمل المأجور هو الإجابة (الوحيدة)؟

الليبرالية الجديدة، رفاه المرأة العربية، والعقد الاجتماعي

جينيفر أولمستد

مقدمة

تُمثل العوامل التي تحدد الظروف الاقتصادية للمرأة قلقًا لدى المهتمين برفاه النساء. وفي سياق منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، تركز الانتباه حول انخفاض معدلات العمل المأجور بين النساء ((Olmsted 1999, World Bank 2004a في ظل الحجة المطروحة دائمًا أن ذلك يُعد مؤشرًا على ’تقلص‘ استخدام النساء وقابليتهن للتأثر. وعلى الرغم من اتفاقي على أن النفاذ إلى العمل المأجور يمكن أن يخلق المزيد من الخيارات أمام النساء، كما ورد في أعمال الاقتصاديات النسويات الأخريات، فإنني أجادل أن التوصل إلى نتيجة مفادها أن زيادة عمل المرأة المأجور وربطه بالضرورة بتحسُن الوضع الاقتصادي للمرأة يعد أمرًا إشكاليًّا، وخاصة مع معرفة توقعات أدوار الجنسين، مما يقود بدوره إلى توزيع لا متماثل للعمل الإنتاجي. ويشير قدر متعاظم من الأدبيات إلى أن عمل المرأة المأجور ليس العلاج الشافي الشامل، سواء بالنسبة إلى النساء أنفسهن أو بالنسبة المجتمع عمومًا. وحتى عندما تدخل المرأة إلى ميدان العمل المأجور فإنها تظل معرضة للتأثر اقتصاديًّا، ليس لأنها تواجه التمييز والاستغلال في ظروف العمل فحسب، وإنما أيضًا لأن المجتمعات تواصل تكليفها بالدور الاقتصادي الإنجابي وهو عادة بلا مقابل.

ويتطلب الأمر دراسة العقد الاجتماعيمن أجل فهم الوضع الكلي للمرأة. وفي سياق منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، فإنني أجادل أن النساء بوجه عام كان عليهن الاعتماد على الأسرة البطريركية للحصول على الدعم الاقتصادي الأساسي. ونادرًا ما تستهدف البرامج الحكومية تحسين رفاه المرأة مباشرة، لكنها تلعب بالتأكيد دورًا في تحسين حياة المرأة في بعض الحالات، بينما تحد في الوقت نفسه من اختياراتها الاقتصادية.1 وعلى حين يبعد الأمر عن المثالية، فإنني أجادل أيضًا أن الأسرة البطريركية قصرت قابلية المرأة للتأثر على الفقر. ومع ذلك، تطرح التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية أن هذا العقد الاجتماعي يخضع لعملية تغيير. ولا تزال تأثيرات هذه التغيرات على النساء غير واضحة. وقد تُعتبر زيادة العمل المأجور إحدى تجليات التحول في طريقة فهم العقد الاجتماعي، لكننا لا يمكن أن نفترض أنها علامة على أن حياة النساء في تحسن. وبدراسة مختلف الإحصاءات الأمبيريقية، بما يتقاطع مع سياسات الدولة في مختلف بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، فإنني آمل أن أفتح نقاشًا حول كيفية فهم العقد الاجتماعي في الماضي، علاوة على إثارة تساؤلات حول طرق تغيير هذا الفهم في الوقت الحاضر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنني أقدم بعض التصورات حول ما يمكن أن يحمله المستقبل، كما أدعو إلى مزيد من البحث.

يجري تعريف رفاه السكان غالبًا من زاوية المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية، مثل دخل الفرد، والتحصيل التعليمي، ووضع الصحة، ومعدل الفقر. وبالإضافة إلى ذلك، تركز القياسات الكلية، مثل دليل التنمية البشرية، على النجاح الكلي الذي حققه أي بلد في مجال زيادة التعليم وفترة الحياة المتوقعة ودخل الفرد. وتضم قياسات النوع الاجتماعي، التي قامت الأمم المتحدة بتطويرها كلا من: دليل تنمية النوع الاجتماعي، الذي يعمل على تكييف دليل التنمية البشرية وفقًا للاختلافات القائمة على نوع الجنس؛ ومقياس تمكين النوع الاجتماعي، الذي يضم نفاذ النساء إلى الدخل والوظائف الإدارية والمهنية، فضلاً عن تمثيلهن في المستويات الحكومية العليا.

وتلفت هذه الأرقام الانتباه إلى الفجوات بين مختلف النتائج الاجتماعية الاقتصادية وفقًا لنوع الجنس، وتوفر علامات للتفكير حول المساواة بين الجنسين وقياسها. ويُعد استخدامها، في الوقت نفسه، محدودًا في امتلاك ناصية مختلف جوانب الرفاه، وتباين وضع النساء وفقًا للطبقة وغيرها من العوامل. وعلى سبيل المثال، يؤدي دخول عدد من النساء إلى عضوية البرلمان (في مقياس تمكين النوع الاجتماعي) إلى تركز الانتباه على نساء النخبة واستبعاد مؤشرات أخرى تدرك الجوانب الأخرى للسلطة (power). كما تجدر الإشارة إلى مدى الأهمية التي يتمتع بها نفاذ المرأة إلى العمل المأجور، بحيث أدرجت بعض قياساته في المؤشرين.2

ويُعد قياس الترفيه واحدًا من العوامل التي لم تدرج في قياسات الرفاه. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة ناقشت في تقريرها لعام 1995 أهمية تناول ساعات العمل، سواء بأجر أو بدون أجر، كعامل مُحدد للرفاه والسلطة النسبية، فإن كلاً من دليل تنمية النوع الاجتماعي أو مقياس تمكين النوع الاجتماعي لم يتضمن هذا القياس. ومن الناحية التاريخية، كانت أعباء العمل للذكور والإناث متساوية إلى حد كبير في أجزاء عديدة من العالم، حيث يعمل الرجال أغلب العمل المأجور، بينما تسهم النساء في أغلب العمل غير المأجور في الاقتصاد الإنجابي غالبًا. على أن زيادة مشاركة المرأة في العمل المأجور لم يصاحبها انخفاض مماثل في عبء عملهن غير المأجور، وذلك بسبب أعراف النوع الاجتماعي ( Floro 1999). وهذا هو سبب الالتباس الذي شعرت به بعض النسويات تجاه الأطروحة التي تقول إن نفاد النساء إلى الدخل من خلال العمل المأجور يقود بالضرورة إلى زيادة رفاه المرأة، وعلى حين يقود العمل المأجور غالبًا إلى زيادة الاستقلال الاقتصادي للمرأة، فضلاً عن زيادة سلطتها داخل الأسرة المعيشية، فإن زيادة توظيف النساء يرتبط أيضًا بزيادة العبء الكلي الملقى على عاتقهن، والمعروف باسم العبء المزدوج. وبالإضافة إلى ذلك، تطرح البحوث أن النساء يدخلن العمل المأجور لأسباب عديدة مختلفة، وأن زيادة التوظيف تُعد في بعض الأحيان علامة على زيادة المصاعب الاقتصادية للمرأة أو زيادة استغلالها.

وبالتالي، يمكن الاستفادة من اختبار بيانات استخدام الوقت لقياس كل من الرفاه والتمكين، وخاصة بالتزامن مع تحليل نفاذ النساء إلى الموارد الاقتصادية، ليس فقط تلك الموارد المكتسبة نتيجة العمل المأجور، وإنما أيضًا الموارد المكتسبة بطرق أخرى. وهو الأمر الذي يتطلب بدوره اختبار كيفية تشكيل العقد الاجتماعي، ودور الدولة والأسرة في تأكيد مختلف جوانب الرفاه الاقتصادي للأفراد. وأطرح هنا رؤية أولية حول كيف يشكل العقد الاجتماعي الراهن في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا اختيارات النساء الاقتصادية (أو افتقادها). كما أشير أيضًا إلى أن معارفنا لا تزال قليلة حول عديد من التساؤلات التي أثيرها. وبوجه خاص: على الرغم من استحسان ارتفاع معدلات توظيف المرأة، لم نشهد حتى اليوم سوي قدر ضئيل من البحوث التي تدرس مدى وأسباب اعتبار ذلك علامة على زيادة التمكين و/ أو زيادة المصاعب. ومع معرفة التغيرات التي يشهدها العقد الاجتماعي في المنطقة، تزداد أهمية دراسة تلك القضايا بأسرع وقت ممكن.

يشير مصطلح العقد الاجتماعي بشكل عام إلى توقعات المواطنين وعلاقتهم بالدولة عندما يتعلق الأمر ببنية الاقتصاد، ومستوى إشراف الحكومة على قضايا توزيع الدخل، والفقر، والتصنيعالخ. وقد استخدمت الدول الحديثة نطاقًا من الأدوات الاقتصادية لتنظيم الاقتصاد والتدخل فيه. ويكمن أساس فهم كيفية تنفيذ العقد الاجتماعي في دولة / منطقة بعينها في دراسة كل من إدارة القطاع العام وبنية شبكة الأمان الرسمية. ويشير مصطلح شبكة الأمان، بوجه عام، إلى أنماط الدعم الاقتصادي المتاح من أجل حماية الناس من أكثر جوانب الفقر سوءًا (World Bank nd b)”. وبينما يجري التركيز بشكل عام على سياسات الدولة، فإن القرابة (kin) والمجتمعات المحلية والعالمية (مثل المنظمات الدينية و / أو الدولية) يمكن أن تلعب أيضًا أدوارًا مهمة بالمساهمة في شبكة الأمان.

وتتضمن جوانب شبكة الأمان الرسمية تحويلات نقدية أو عينية، ودعم سلع مختلفة مثل الغذاء، فضلاً عن الإنفاق الحكومي في مجالات التعليم والصحة، وتشييد البنية الأساسية والإدارة. ويُشكل فهم العقد الاجتماعي ودور الدولة الشرعي أنماط البرامج التي تقرر البلد تنفيذها (في مقابل البرامج التي تُعتبر اهتمامات خاصة“)، ومعايير الأهلية المقترنة بتلك البرامج. ويُقدم اسبينج – أندرسون (Esping- Anderson) (وفق اقتباس (King,2001 تصنيفًا لمختلف الأمم الصناعية وفقًا لأنماط البرامج التي تقدمها. تقع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى تحت تصنيف ديمقراطيات ليبرالية، حيث نظم الدعم محدودة. وتقع بلدان مثل فرنسا وإيطاليا تحت تصنيف محافظة، وهو تصنيف متوسط. ويجري تعريف السويد وغيرها من البلدان الأوروبية الشمالية بوصفها ديمقراطيات اجتماعية، حيث تحملت الدولة على عاتقها المسؤولية الأكبر عن مواطنيها. وتثير كينج King, 2001)) سؤالاً يتعلق بمدى اندراج بلدان جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا في التصنيفات التي طورها إسبينج أندرسون، أو وجود نموذج رابع أسريأو بحر – متوسطيأكثر ملاءمة. وكان اقتراح هذا النموذج الرابع، من جانب بيتيو (Bettia) وفيللا (Villa) (حسب اقتباس كينج)، يطرح أن الأسرة في كثير من بلدان البحر المتوسط تستمر في توفير العديد من الخدمات التي تتولاها الدولة في الديمقراطيات الاجتماعية.

وكما يشير فولبرFolbre, 1994))، يفتقر تحليل إسبينج أندرسون إلى مُكون النوع الاجتماعي، وبالتالي يغالي من الدور الذي تلعبه الدولة في رعاية مواطنيها. وفي الاتجاه نفسه، تشیر کارول باتمان Carole Pateman,1988:1)) إلى عدم إمكانية دراسة العقد الاجتماعي دون الإقرار بأن العقد الأصلي هو حلف جنسي اجتماعي“. وتواصل قائلة أنه رغم الزعم بتعريف العلاقة بين المواطنين والدولة، فإن التراث الفلسفي الأنجلو – أمريكي كان من الناحية التاريخية يعتبر الذكور (البيض) فقط مواطنين، وبالتالي اعتبر النساء خارج العقد. وفي المقابل، كانت النساء موضوعًا للعقد الجنسي، على نحو يعتبرهن مسؤولية الرجال / الأفراد الخاصة. ونتيجة لذلك، كان نفاذ النساء إلى الدعم الاقتصادي يجري أساسًا من خلال الزواج. وقد أدى هذا الترتيب إلى وجود غير مرئي لاحتياجات النساء وحقوقهن، وأتاح للرجال الاستمرار في السيطرة على المرأة واعتبارها تابعة.

وقد أشارت النسويات إلى أن هذه الترتيب يُعد، بطرق عديدة، إشكاليًّا، إن بناء الرجل بوصفه مستقلاً والمرأة بوصفها تابعًا يخفي التبعية المزدوجة بين الرجل والمرأة، والتي بمقتضاها يعتمد الرجال (والأطفال) على عمل المرأة المنزلي والإنجابي، بينما تعتمد المرأة (والأطفال) على الرجل لتوفير الدخل Himmelweit,1999)). وبشكل عام تضم المساهمات الاقتصادية للنساء: الإنجاب، ورعاية الأطفال وكبار السن والمعاقين، وإعداد الطعام والملابس، وغيرها من مهام عديدة. وفي الوقت نفسه، ومع سعي النسويات إلى لفت الانتباه إلى مساهمات النساء الاقتصادية، يشرن أيضًا إلى أن النساء معرضات للتأثر بوجه خاص في ظل هذه الترتيبات، حيث يمكن بسهولة في ظل إلغاء العقد الجنسيأن يستبدل الرجال عمل المرأة الإنحابي (بالزواج مرة أخرى أو بدفع المال للحصول على هذه الخدمات)، بينما تواجه النساء صعوبة أكبر في إيجاد ما يحل محل الدخل الذي يوفره الرجل تاريخيًّا، إذ يصعب إعادة / الزواج أو التحول إلى ميدان العمل المأجور على النساء اللاتي كرسن أنفسهن سابقًا لتوفير الرعاية الإنجابية غير مدفوعة الأجر. ومع معرفة قابلية المرأة للمتأثر، ناصرت بعض النسويات فكرة إعادة صياغة العقد الاجتماعي، وطرحن أن النساء يحتجن إلى تعويض عن مساهماتهن الإنجابية Himmelweit,1999))، أو أن المجتمع يحتاج إلى إيجاد طريقة أخرى لمواجهة متطلبات العمل الإنجابي لضمان رفاه المرأة ورفاه المجتمع.

وتطرح فولبر Folbre, 1994)) أن المؤسسات الدينية لعبت دورًا مهمًا في تعريف الخطاب المهيمن حول أدوار الجنسين والعقد الاجتماعي. ولا تشكل منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا استثناء لهذه النتيجة، وخاصة في البلدان التي ظل فيها قانون الأسرة في نطاق المؤسسات الدينية. ووفقًا لأطروحة بدوي (Badawi, 1994)، تطرح الشريعة تصورًا للعقد الاجتماعي يختلف إلى حد ما عن التصور الموجود في التقاليد المسيحية (التي تركز عليها فولبر). فمن ناحية، تنص الشريعة بوضوح على مسؤوليات الرجال الاقتصادية تجاه النساء. ومن الناحية الأخرى، نجد أن مسؤوليات النساء في مواجهة توفير العمل المنزلي أقل وضوحًا. وبعبارة أخرى، يجادل بعض مفسري الشريعة أن تعريف الرجال يؤكد مسؤوليتهم اقتصاديًّا عن النساء, وليس مطلوبًا من النساء تقديم عمل غير مدفوع الأجر في مقابل هذا الدعم الاقتصادي. وهذا بدوره فسره البعض بأن المرأة تستحق تعويضًا ماليًّا عن عملها غير مدفوع الأجر.

وعلى حين تطرح تفسيرات بعض النسويات للشريعة وجود مساحة لتناول عدم المساواة بين الجنسين، فلا يعني ذلك أن الحياة الواقعية في ظل الشريعة الإسلامية كانت الدواء الشامل الشافي من كل العلل التي تواجه النساء؛ إذ تجدر الإشارة إلى أن الزعم بأن الشريعة تنص على أن مسؤولية الرجال لدعم النساء اقتصاديًّا لم تمر دون معارضة، تشير ميرفت حاتم ( Hatem 2001) إلى أن بعض الشخصيات العامة في أثناء الفترة الكولونيالية، مثل الشيخ عبد الله الفيومي عارض الأطروحة الإسلامية القائلة إن الأزواج مسؤولين عن تقديم الدعم الاقتصادي لزوجاتهم.

وتوضح ميرفت حاتم أيضًا كيف أدت الكولونيالية إلى تشكيل خطاب العقد الجنسي / الاجتماعي على نحو مختلف في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. وبينما كانت المجتمعات الأنجلو أمريكية تركز في سنوات 1800 على العقد الاجتماعي، نجد أن الكولونيالية منعت أي نقاش جدي للحقوق والمسؤوليات السياسية. وبالتالي، في مصر على الأقل، كان النقاش العام يركز على العقد الجنسي خلال فترة الكولونيالية البريطانية.

وبالإضافة إلى الكولونيالية والمؤسسات الدينية، قامت الأفكار المتعلقة بالذات بدور مهم في تشكيل طريقة تمفصل العقد الاجتماعي. وفي مقابل الخطاب في الولايات المتحدة، حيث تهيمن الفردية Pateman, 1988))، تشير أطروحة جوزيف Joseph, 1999)) إلى أن تعيين الحدود بين الذات والآخر كان أقل وضوحًا في حالة منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا؛ حيث تجري تنشئة الرجال والنساء اجتماعيًّا بمفهوم الذات الأكثر مرونة وعلائقية. وبدورها، قامت فكرة الارتباط البطريركي (patriarchal connectivity) بتشكيل العقد الاجتماعي. فمن ناحية، أدت إلى تيسير سيطرة الرجال على النساء؛ وكانت تعني، في الوقت نفسه، تنشئة الرجال اجتماعيًّا على نحو يجعلهم يعتبرون رفاه النساء الاقتصادي مسؤوليتهم.

تجادل موجادام Moghadam, 2003: 126-7)) أن العقد البطريركي يتحقق داخل الأسرة، وتُقننه الدولة في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. إن دراسة أنماط السياسات والقوانين التي ظهرت في فترة ما بعد الكولونيالية يمكن أن تمد برؤية حول التوقعات المختلفة للمجتمع في مواجهة العقد الاجتماعي وكيف أصبحت رسمية خلال الستينيات والسبعينيات. وكما يشير البنك الدولي (World Bank, 2004b))، أدخلت أغلبية بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا في دساتيرها قوانين حق العمل، بما يطرح أن بعض أفكار كفالة العمل كانت مطمورة في التصور السائد للعقد الاجتماعي. وقد اشتملت السياسات الاقتصادية الأخرى على الإصلاح الزراعي والتحكم في الأسعار. ويبدو أن إدخال مثل هذه السياسات يشير إلى القلق حول عدم المساواة, والرغبة في أن تضمن الأسر التمتع بالمستوى الأساسي من الدعم الاقتصادي. لكن غياب البرامج الموسعة لمساعدة النساء وكبار السن على الدخل كان ملحوظًا إلى حد كبير. فباستثناء الدعم المالي الضئيل للأرامل، تطرح القوانين الصادرة أن النقاش ركز أساسًا على القضايا المتعلقة بالطبقة، وحقوق الرجال من أجل دعم أسرهم، في سياق تعريف الرجال بوصفهم يتحملون مسؤولية النساء وكبار السن الاقتصادية.

كما كان العقد يتسم أيضًا بالتناقض إلى حد ما. فمن ناحية، يُعتبر الحق في العمل حقًا عالميًّا وفرديًّا من حيث تعريفه، ولهذا فإن النساء غير مستبعدات من المشاركة في العمل المأجور. وبالإضافة إلى ذلك، أصدرت العديد من البلدان سياسات تقدمية مناسبة حول إجازة الوضع.3 أن تعريف الحق في العمل بوصفه حقًا فرديًّا، وإصدار سياسات إجازة الوضع، يعني الإقرار بحق المرأة في النفاذ المباشر إلى الدخل، والحاجة إلى تيسير قدرة النساء على القيام بكل من العمل المأجور والإنجابي. لكن قانون الأسرة في عدد من البلدان لا يزال يعتبر الرجال ممتلكين لسلطة تحديد تحركات المرأة، حيث يجب في بعض الحالات أن تحصل المرأة على إذن الرجل قبل البحث عن العمل المأجور أو السفر بمفردها (Moghadam 2003, World Bank 2004a). وبالتالي كانت هذه القوانين متناقضة وأوضحت أن بلدان منطقة جنوب آسيا وشمال أفريقيا، كما في التقاليد الأنجلو أمريكية، اعتبرت حقوقًا اقتصادية بعينها ذكورية، وأن تلبية احتياجات النساء الاقتصادية تتم داخل سياق الأسرة.

إن نظرة عن كثب إلى بنية شبكة الأمان الرسمية توضيح بتفصيل أكبر كيفية اعتبارها جزءًا من منظومة دعم للأسر، وليس منظومة تمد النساء ببديل للعقد البطريركي. وهذا لا يحول دون استفادة النساء منها، سواء على المستوى الفردي أو على مستوى أفراد الأسرة، لكنه يطرح أن خيارات النساء ظلت محدودة إلى حد ما في ظل شبكة الأمان التاريخية بعديد من بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا.

كانت السيطرة على الأسعار وعمالة القطاع العام أهم دعامتين لشبكة الأمان في الفترة المبكرة من مرحلة ما بعد الكولونيالية في بلدان جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، كما كانت أسعار الإسكان (الإيجارات)، ووقود التدفئة، بالإضافة إلى مختلف البنود الغذائية، تخضع للسيطرة أو مدعومة في بلدان مثل الجزائر، ومصر، وإيران، والأردن، والمغرب، وتونس، و اليمن (World Bank, 2002). واعتبر أغلب سكان المنطقة أن السيطرة على الأسعار جزءًا لا غنى عنه من العقد الاجتماعي، كما دلت على ذلك المظاهرات والمواجهات الشعبية التي وقعت عندما حاولت الحكومات تفكيك أجزاء من هذه البرامج Richards and Waterbury, 1996)).

وعلى الرغم من عدم استهداف النساء، فقد استفدن بالتأكيد من عمومية السيطرة على الأسعار. ويمكننا الجدال، في واقع الأمر، أن السيطرة على الأسعار قد تفيد النساء والفتيات بوجه خاص في الحالات التي يُفضي فيها الفقر إلى تحيز الإنفاق لصالح احتياجات الذكور من أفراد الأسرة المعيشية. وفي مثل تلك الحالات، ونظرًا لأن دعم الغذاء يؤدي بوجه عام إلى ارتفاع المستوى الكلي لاستهلاك الطعام داخل الأسرة المعيشية، يمكن أن تستفيد الإناث من أفراد الأسرة المعيشية من هذا الارتفاع.

يتمثل المكون الرئيسي الثاني للعقد الاجتماعي في بلدان جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا في خلق قطاع عالم كبير وإعمال فكرة ضمان الوظائف للمواطنين، وهو ما كان أيضًا جزءًا من الخطاب حول الأسرة القائمة على العقد الاجتماعي القائم على أساس الأسرة. وعلى الرغم من أن الحق في العمل يُعتبر، من زاوية ما، حقًا عالميًّا، فقد استفادت في الواقع الفعلي قطاعات بعينها في المجتمع أكثر من غيرها بالبرنامج. وعلى سبيل المثال، أصدرت مصر في عام 1961 قانونًا يضمن توفير وظائف حكومية لجميع خريجي الجامعات. واتسع هذا الضمان بعد ذلك ليشمل خريجي المدارس العليا والعسكرية World Bank 2004b: 35) ). وعلى الرغم من أن النساء والطبقات الفقيرة استفادت إلى حد ما بالفعل من هذه السياسات، فقد كانت البنية تتسم بوضوح بالتحيز الطبقي والتحيز لنوع الجنس؛ فالنساء لم يُجندن في الخدمة العسكرية، والطبقات الوسطى والعليا كانت أكثر قدرة على الحصول على التعليم.

كانت نساء بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا من بين أدنى مستويات التعليم في العالم خلال الستينيات والسبعينيات. لكن إحصاءات الجدول (1) تطرح أن معدلات تعليم الإناث ارتفعت بسرعة خلال فترة العشرين إلى الثلاثين سنة الأخيرة في أغلب البلدان، مع سد فجوة التعليم أسرع مما عليه الحال في البلدان المقارنة خارج المنطقة. كما حققت أيضًا النساء في بلدان منطقه جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا مكاسب كبيرة في مجال الصحة، حيث بلغ متوسط عمر النساء 69 سنة عام ۲۰۰۰ مقارنة بمتوسط العمر البالغ 58 سنة عام ۱۹۸۰ (World Bank, 2004a). ولم تبتعد كثيرًا إحصاءات دليل النوع الاجتماعي بالمنطقة عن خط دليل التنمية البشرية، على الرغم من أن الفجوة بين دليل التنمية البشرية ودليل تنمية النوع الاجتماعي كانت تحذيرية في عدد قليل من البلدان وخاصة في بعض أغنى البلدان (العربية السعودية وعمان) وأفقرها (السودان واليمن). وكانت أقل المؤشرات تشجيعًا في المنطقة أرقام مقياس تمكين النوع الاجتماعي، حيث لم تكن التقديرات متاحة سوى لعدد قليل فقط من البلدان. وفي البلدان التي كانت بياناتها متاحة، كان مقياس تمكين النوع الاجتماعي يميل إلى الانخفاض إلى حد كبير, مع انخفاض معدلات مشاركة النساء في البرلمان بوجه خاص في أغلب البلدان.

جدول (۱)

الإحصاءات الاجتماعية الاقتصادية المختلفة

البلد

الناتج المحلي الإجمالي للفرد (بالدولار)1

معرفة الإناث للقراءة والكتابةb

فترة العمر المتوقع للإناث2

مشاركة الإناث في قوة العمل 3

دليل التنمية البشرية1

دليل التنمية البشريةدليل تنمية النوع الاجتماعي1

السنة

2002

1980

2002

1980

2002

1980

2002

2002

2002

الجزائر

1785

24

60

59

71

20

28

0.69

2-

البحرين

11007

59

84

68

73

11

21

0.83

2-

مصر

1354

25

46

56

69

26

32

0.63

1-

العراق

3413

16

24

62

63

16

20

الأردن

1799

55

86

72

15

24

0.73

2-

الكويت

15193

59

81

71

77

13

24

0.83

1-

لبنان

3894

63

82

65

71

23

30

0.76

2

ليبيا

3512

30

71

60

72

18

24

البيانات غير متاحة

المغرب

1218

16

38

58

68

32

35

0.6

0

عُمان

8002

16

65

60

74

7

13

0.75

7-

قطر

28634

65

84

67

75

7

17

البيانات غير متاحة

العربية السعودية

8612

32

69

61

73

8

18

0.74

9-

السوادن

412

0.48

4-

سوريا

1224

34

63

62

70

22

27

0.59

3-

تونس

2149

31

63

62

73

29

32

0.73

2-

الإمارات العربية المتحدة

22051

59

81

68

75

5

14

البيانات غير متاحة

غزة والضفة الغربية

1051

البيانات غير متاحة

البيانات غير متاحة

البيانات غير متاحة

73

9

11

البيانات غير متاحة

اليمن

537

6

29

49

57

26

27

0.44

5-

المنطقة

جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا

2462

27

55

58

69

22

28

شرق آسيا والباسيفيك

1351

58

82

64

69

43

45

أوربا آسيا الوسطى

2396

93

96

68

69

42

43

أمريكا اللاتينية والكاريبي

3189

77

89

65

71

33

33

جنوب آسيا

516

25

44

54

63

28

35

أفريقيا جنوب الصحراء

469

28

55

48

46

40

43

مصادر البيانات:

a, UNDP 2004

b. World Bank2004b

c.World Bank nd b

وهناك ملاحظة إيجابية أخرى تتمثل في زيادة فاعلية المنطقة في مجال الاحتفاظ بمعدلات الفقر منخفضة World Bank 1995, El-Ghonemy 1998)).4 ويطرح التحليل الإحصائي الذي أجراه أدامز وبيج Adams and Page, 2003)) أن برامج التوظيف بالقطاع العام لعبت دورًا رئيسيًّا في الوصول إلى هذه النتيجة. وعلى الرغم من إمكانية الجدال بشكل عام أن النساء بوصفهن افرادًا في الأسرة المعيشية، استفدن من حقيقة أن البرامج الحكومية أبقت على معدلات الفقر منخفضة، فإن عددًا قليلاً من البحوث درست مدى تمايز تأثير البرامج الحكومية على معدلات فقر الرجال والنساء. وتجادل الغنيمي El-Ghonemy, 1998)) أن القيود المفروضة على البيانات تعوق تحليل الفقر وفقًا للنوع الاجتماعي. وتطرح الإحصاءات القليلة المتاحة، التي يضمها الجدول (۲)، تطرح أن تأنيث الفقر، رغم حدوثه في أجزاء أخرى من العالم، فإن الوضع ليس كذلك في بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا (باستثناء فلسطين، حيث تجدر الإشارة إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من الضعف منذ جمع هذه البيانات).5 وفي الولايات المتحدة، حيث تأنيث الفقر يتسم بالحدّة بوجه خاص، نجد أن احتمالات فقر النساء اللاتي يتولين بمفردهن تربية الأطفال تزيد بمقدار 1.4ضعفًا عن الأسر المعيشية التي تضم رجلاً أو زوجين Casper et al. 1994))، ومع ذلك، لا تختلف كثيرًا معدلات الفقر في مصر بين نوعي الأسر المعيشية (el Laithy nd and Datt et al.2001)؛ وفي المغرب، تزيد احتمالات فقر الأسر المعيشية التي تخضع لقيادة الرجل أو الزوجين. ولا يزال يندر نسبيًّا في المنطقة أيضًا وجود الأسر التي تضم أحد الوالدين فقط. وتطرح نتائج الجدول (3) أن منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا تضم في المتوسط حوالي 10-11% فقط من الأسر المعيشية التي تعولها نساء.

جدول (۲)

معدلات ونسب فقر الذكور/ الإناث لدى البلدان المختارة

البلد

الإناث

الذكور/ ثنائي

نسبة الإناث / الذكور

الولايات المتحدة

18.2

12.9

1.41

أستراليا

12.7

9.5

1.34

ألمانيا الغربية

6.7

5.2

1.29

كندا

12.9

10.1

1.28

المملكة المتحدة

10.1

8.5

1.19

إيطاليا

10.5

10.3

1.02

هولندة

4.9

4.8

1.02

السويد

8.6

9.6

0.9

الضفة الغربية/ غزة

26

20

1.3

ريف مصرb

21.85

20.98

1.04

حضر مصرb

18.69

18.2

1.03

المغربc

14

19

0.74

مصادر البيانات:

Casper et al., 1994

باستثناء الآتي:

a.PNA 1998

b. El-Laithy nd

c. World Bank 2001

جدول (۳)

المؤشرات الاقتصادية المختلفة

البلد

الناتج المحليالإجمالي للفرد

المرأة المعيلة للأسرة المعيشيةb

فوائد الناجينc

معدل البطالةd

الجزائر

1785

11

0.50- 0.75

27

البحرين

11007

0.375

12*

مصر

1354

13

9

الأردن

1799

10

13*

الكويت

15193

5

0.5

3*

لبنان

3894

033- 1.00

7*

ليبيا

3512

0.25

المغرب

1218

15

30.- 75.

12 أو 22*

عُمان

8002

0.5

10*

قطر

28634

0.25-1.00

12*

العربية السعودية

8612

8*

السودان

412

13

0.5

سوريا

1224

0.5

12

تونس

2149

11

0.375

16

الإمارات العربية المتحدة

22051

3*

الضفة الغربية وغزة

1051

7.7

26

اليمن

537

12

مصادر البيانات:

a.UNDP 2004

b.UN nd a (most data are 10-15 out pf date)

c.SSA 1999

d.UN nd a

باستثناء *مصدرهاWorld Bank 2004c

هل يطرح انخفاض معدلات الأسر المعيشية التي تعولها نساء أنهن سعيدات بالترتيب الحالي بأسرهن المعيشية، أم يمكن تفسير تلك المعدلات من زاوية محدودية فرص العمل المتاحة أمام النساء؟ بالتأكيد؛ فعلى الرغم من ارتفاع مشاركة النساء الكلية في العمالة،6 نجدها لا تزال منخفضة نسبيًّا في بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. كما توجد أيضًا اختلافات كبيرة في مشاركة النساء في العمل أنحاء المنطقة، حيث تقع النساء الفلسطينيات بين أقل المعدلات، بينما تقترب معدلات المشاركة في تركيا وبعض بلدان شمال أفريقيا من المتوسطات العالمية. وفي المتوسط، تشارك حوالي ٢٨% من نساء بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا في سوق العمل World Bank, 2004a))، بينما تشير تزاناتوس (Tzannatos, 1999) إلى أن المتوسط بالنسبة للعالم كله أقرب إلى 50%. ولا توجد مع الأسف سوى القليل من الدراسات التفصيلية المتاحة التي تقدم رؤية حول مدى ارتباط انخفاض معدلات قيادة النساء للأسرة وتوظيفهن، وكيفية تفسير هذه النتائج.

وعلى الرغم من فاعلية المنطقة إلى حد ما عند الاحتفاظ بمعدلات الفقر منخفضة، فلا يبدو واضحًا ما إذا كانت معدلات الفقر المنخفضة تعني بدورها نفاذ النساء على قدم المساواة إلى الموارد الاقتصادية داخل الأسر المعيشية. وبالتأكيد لا تزال خيارات النساء الاقتصادية محدودة، في ظل محدودية نفاذهن إلى العمل المأجور وشكل شبكة الأمان التي ترعاها الدولة.

تشير أنماط الإنفاق إلى أن حكومات بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا تلتزم بتحسين نتائج الصحة والتعليم. فبينما تنفق جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء في المتوسط 3.5% و 5.9% من ميزانياتها الحكومية على الصحة والتعليم، يبلغ متوسط إنفاق بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا ٨.٢% – وهي النسبة المئوية المماثلة للقدر الذي يتم إنفاقه في أوروبا وآسيا الوسطى (8.4%).7 كما تطرح البيانات أيضًا استفادة النساء من الإنفاق على الصحة والتعليم، على الرغم من جدال يونت Yount, 2001)) أن نفاذ الإناث إلى الرعاية الصحية لا يزال محدودًا، وأن هناك إمكانية لتحسين البرامج الحكومية بدرجة كبيرة من أجل تيسير استمرار تضيق الفجوة بين الجنسين.

لقد استفادت النساء أيضًا من القطاعات الحكومية الكبرى، سواء بوصفهن متلقيات للوظائف بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر بوصفهن أفرادًا في أسر العاملين الحكوميين. وتطرح تقديرات البنك الدولي لعام ٢٠٠٢ أن وظائف القطاع العام في التسعينيات كانت تتراوح بين 11% (المغرب) و 28% (مصر) من إجمالي الوظائف. ويوضح وضع النساء في الجزائر ومصر والخليج،8 وبدرجة أقل وإن كانت جوهرية، إيران والأردن، تفضيلاً لوظائف القطاع الحكومي (World Bank, 2004b).

لقد بدأت بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا في إصلاح سياساتها الاقتصادية في الثمانينيات والتسعينيات. وكانت بعض البلدان مُجبرة على ذلك من جالب فاعلين من الخارج، مثل صندوق النقد الدولي، بينما كانت بلدان أخرى (وخاصة بلدان الخليج) أقل تعرضًا للضغوط الخارجية. وقد كان اصطلاحيو الليبرالية الجديدة يدعون إلى زيادة الانفتاح الاقتصادي ويطالبون البلدان بتقليص إنفاقها الحكومي، وهو ما يعني بشكل عام تقليص جدول الرواتب الحكومية، وإلغاء برامج الدعم على مراحل. ونظرًا لإلغاء السيطرة على الأسعار والتقليص التدريجي للقطاعات الكبرى بالحكومة، فقد حلت محلها التمويلات الاجتماعية وبرامج القروض الصغيرة.

وأثرت التغيرات التي نالت جميع جوانب شبكة الأمان على النساء، لكن تحليل هذه المسألة ظل محدودًا، فالتغيرات التي تجذب أغلب انتباه المحلين حتى الآن تتمثل في تزايد الانفتاح، وتقليص حجم القطاع الحكومي. وفيما يتعلق بتزايد الانفتاح، حيث عادت البلدان إلى زيادة الاستراتيجيات الموجهة إلى التصدير، فإن النساء اللاتي يوفرن بشكل عام شكلاً من العمالة الرخيصة أصبحن مرغوبات في القطاع الموجه نحو التصدير (مثل النسيج) وقطاع الخدمات. وكما تشير موجادام (Moghadam, 2005)، لا تُعد بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا استثناء لهذا الاتجاه.

وقد يعني تزايد الانفتاح مزيدًا من الوظائف للنساء، كما تشير حاتم وآخرون (Hatem, 1994)، نظرًا لتعاظم تمثيل النساء في الحكومة في عدد من البلدان، في الأغلب هناك زيادة احتمالات تأثرهن بتقليص حجم القطاع العام، على الرغم من أن ذلك لا يحدث دومًا بطرق متوقعة. لقد توقعت ميرفت حاتم أن يسفر تقليص الإنفاق الحكومي عن تقليص عدد الوظائف, لكن مصر قامت بتقليص الإنفاق على وظائف القطاع العام دون فصل العاملين أو تجميد التوظيف، وإنما بتجميد الأجور. وفي واقع الأمر، استمر عدد موظفي الحكومة المصرية في الارتفاع (ربما يشير ذلك إلى عدم رغبة الحكومة المصرية في الإقلاع تمامًا فكرة وظائف القطاع العام كجزء من العقد الاجتماعي)، بينما انخفضت إلى حد كبير الأجور الفعلية 9 في القطاع الحكومي Assaad, 1997)). وقد ظلت النساء في الوظائف الحكومية، إما لتعرضهن للتمييز في القطاع الخاص أو لتفضيلهن وظائف القطاع العام لأسباب مختلفة، بينما حصل الرجال على وظائف مرتفعة الأجر في القطاع الخاص، مما أدى إلى تفاقم التباين الحالي في الأجور.

وقد حل محل الميزانيات الضخمة للوظائف الحكومية التمويل الاجتماعي، أي البرامج التي تضم بوجه عام بناء البنية الأساسية وبرامج التمويل الجزئي، بينما تسيطر في الوقت نفسه على التمويل القادم من الحكومات المركزية. ويكمن الفارق بين التمويل الاجتماعي والانفاق الحكومي التقليدي في أن الأول يتسم باللامركزية نظريًّا أي يرتكز على مشروعات بالمجتمعات المحلية، وبالتالي تعتبر تشاركية (مع تمويل، على الأقل في حالة منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، يأتي غالبًا من الهيئات الأجنبية المانحة).

ولا يزال تأثير هذه البرامج غير واضح. وعلى الرغم من أن تقارير البنك الدولي تشير إلى تحقق بعض النجاح في مصر، حيث كان إنفاق التمويل الاجتماعي سببًا في توفير ما يصل تقديره إلى ٢٥% من الوظائف الدائمة غير الزراعية …(World Bank 2002: 78), فإن هذه التقارير تعترف أيضًا بعدم معرفة مدى قدرة هذه البرامج على الوصول إلى الفقراء وقد تكون قدرتها محدودة. بل هناك القليل المعروف حول مدى تأثير هذه البرامج على النساء. ويكمن الأمل في تحقيق المساءلة وبناء القدرة في ظل الإدارة المحلية، وهو ما يعني استمرارية تأثير هذه البرامج. على أن مدى قدرة هذه البرامج على الوصول إلى النساء يعتمد على أنواع البرامج الممولة، فضلاً عن كيفية تعريف المساءلة وبناء القدرة، ومدى انخراط النساء بشكل مباشر في عملية صنع القرار. وهنا، يمكن القول بوضوح إن هناك حاجة متزايدة إلى مزيد من البحوث قبل فهم تأثير هذه البرامج بشكل كامل.

إن برامج التمويل الصغيرة، التي تُدار غالبًا من خلال التمويل الاجتماعي، كانت تعتبر في الأساس برامج مثالية للوصول إلى النساء الفقيرات اللاتي ترتبط معيشتهن بقطاع العمل غير الرسمي. على أن هذه البرامج يمكنها الوصول فقط إلى نسبة ضئيلة من السكان المحتاجين. وتطرح تقديرات البنك الدولي أنه من بين 7.5 مليون أسرة فقيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (من أكثر من 60 مليون نسمة من الفقراء)، يتمكن أقل من ٢% فقط من الوصول إلى الخدمات المالية (2002: 67)”, أو يمكن القول، إذا وضعنا الأمر بطريقة أخرى، إن هناك من ٢ إلى 4 مليون أسرة معنية بالحصول على الخدمات المالية، ومع ذلك لا يوجد سوی 112.000فقط من المقترضين النشطين. وعلى الرغم من أن 36% من هؤلاء المقترضين من النساء، فقد خلص البنك الدولي World Bank, 2004b)) إلى ضرورة إعداد برامج الإقراض للنساء بغية تحقيق النجاح. على أن التمويل المتاح للنساء حصرًا أصغر إلى حد كبير من التمويلات الأخرى بشكل عام.

وبالإضافة إلى مشكلة التمويل، هناك انتقاد أكثر خطورة لهذه القروض يركز على أن هذه البرامج تفترض أن التوظيف الذاتي يصبح استراتيجية حيوية طويلة المدى للفقراء بمجرد رفع القيود المفروضة على القروض. ومرة أخرى، ترتبط هذه النتيجة بخطاب الليبرالية الجديدة الذي يطرح أن المبادرة الفردية والمشاركة في الأسواق تُعد الحل بالنسبة للفقر. على أن هناك حجة تطرح أن التوظيف الذاتي يُعد إشكاليًّا بوجه خاص كحل للفقراء، حيت يطالبهم بتحمل المخاطر الملازمة لدورات العمل التجاري وتمويل المتقاعدين على المستوى الفردي. وفي ظل محدودية الدخل المتاح للفقراء، فإنهم من بين أولئك الأقل قدرة على تحمل أعباء تقلبات دورة العمل التجاري أو وضع خطط لكبار السن. إن وظائف القطاع الرسمي تُقلص هاتين المشكلتين؛ إذ تقع الشركات، وخاصة الكبرى، في موقع أفضل لاستيعاب المخاطر الاقتصادية المختلفة, وتتحمل على الأقل عبء تكلفة بعض مساهمات المعاش.

وعلى الرغم من تركيز البنك الدولي على احتياج النساء للعمل، فإن تحليله يطرح وجود عدد قليل من البرامج في بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا توفر فرص الكسب أمام النساء، سواء بخلق وظائف بشكل مباشر، أو بتوفير فرص للإقراض لمساعدتهن التوظيف الذاتي. وبالتأكيد، يُمثل ضمان فرص توظيف المرأة أحد الأهداف التي يمكن أن يسهم البنك الدولي في تيسيرها. لكنني أطرح سؤالاً آخر على درجة كبيرة من الأهمية، مع معرفة أن أغلبية النساء في المنطقة لا يزلن خارج قطاع العمل المأجور: كيف يتحقق العدل بالنسبة للنساء اللاتي لا ينفذن إلى العمل المأجور, وما البرامج التي تصل إليهم؟

إن التمويل المكرس لبرامج التحويلات النقدية، والتي غالبًا ما تستهدف النساء بوجه خاص، يبدو محدودًا في أغلب بلدان المنطقة. يبلغ الإنفاق على التحويلات النقدية في المتوسط نصف الإنفاق على الدعم الغذائي، على الرغم من وجود متغيرات كبيرة بين البلدان التي تتوفر بياناتها، حيث تُفضل لبنان والأردن البرامج النقدية، بينما كرست المغرب ومصر تاريخيًّا قدر أكبر من المال في الدعم الغذائي (World Bank, 2002). وبالتالي، فإن الآليات الرسمية لاستهداف النساء الأكثر عُرضة للتأثر اقتصاديًّا بوجه خاص لا تزال محدودة في عدد من البلدان. هذا, بالإضافة إلى عدم وضوح مدى فاعلية هذه البرامج.

أما البحوث المكرسة للسؤال المتعلق بإلغاء السيطرة على الأسعار، أي أكثر جوانب شبكة الأمان شمولاً من الناحية التاريخية، وأرجحية تأثيره على النساء، فلا يبدو أن تنفيذها قد بدأ أيضًا. لقد تفككت برامج الدعم الغذائي في الجزائر والأردن في التسعينيات (World Bank, 2002) وتقلصت بقدر كبير في اليمن ومصر. ويؤيد البنك الدولي (۲۰۰۲) إلغاء ما تبقى من سيطرة على الأسعار؛ لكن السؤال المتعلق بكيفية تأثير التغيرات السابقة والمقترحة للبرامج الغذائية على النساء لم يُدرس بعمق. أما عن أرجحية تحسن أحوال النساء في ظل برامج موجهة، لكنها ليست عامة، فتعتمد بدرجة كبيرة على مدى استهدافها الوصول بشكل مناسب إلى النساء الفقيرات, ومدى إنفاق التمويل الحكومي على البرامج التي تفيد النساء بعد أن كان يُنفق سابقًا على دعم الغذاء، ومدى أرجحية أن تكتسب البرامج المستهدفة تأييد الجمهور على المدى البعيد.

وأخيرًا، على حين تزداد خطط المعاشات في المنطقة، تجدها مبنية على نظم الدفع خلال سنوات العمل، 10 وحتى هذه تقتصر بشكل عام على وظائف القطاع الرسمي. وبالتالي، تصبح إمكانات نفاذ النساء المباشر إلى خطط المعاش محدودة، ما دامت مشاركة النساء في العمل المأجور منخفضة، ومشاركتهن في وظائف القطاع الرسمي أقل Olmsted, 2005)). وتعزز أيضًا خطط المعاش الحالية أعراف النوع الاجتماعي الموجودة، حيث ترتبط تلك الخطط بالعمل المأجور، وبالتالي تصبح النساء المنتفعات مثلهن مثل التابعات. ويضم الجدول (3) إحصاءات حول النسبة المئوية للفوائد التي تحصل عليها عادة الأرامل، معدلات تتقلص وفقًا للنسبة المئوية للمستفيدين الآخرين المشار إليهم جهة اليسار. وتوضح هذه النسب المئوية أن القدر الذي يمكن أن تحصل عليه الأرملة نادرًا ما يتساوى لما يحصل عليه زوجها، وغالبًا ما يمثل دالة تضم عددًا من الأفراد الآخرين (بما في ذلك الزوجة الثانية، الأطفال الخ). إن الافتقار إلى غطاء شامل بالإضافة إلى بنية البرامج الحالية، يوفر دليلاً آخر على استمرار صناع السياسة في افتراض وجود شبكة أمان ترتكز على الأسرة وتؤدي دورها على نحو غير رسمي في بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، وأن النساء لا يحتجن (لا يتمتعن بالحق) إلى نظام دعم اقتصادي ترعاه الدولة في سن الشيخوخة؛ ذلك تحديدًا إلى أن بإمكانهن دائمًا الاعتماد على أقاربهن الذكور. ولا يبدو أن مناقشات السياسة تضم التساؤلات المتعلقة بمدى أفضلية هذه البنية للنساء، أو مدى صحة الفروض التي ترتكز عليها هذه البنية. على أنني أعتقد أن تلك التساؤلات تحتاج إلى دراسة، مع معرفة مختلف التغيرات التي تحدث في المنطقة.

بعض التصورات حول المستقبل (والدعوة إلى مزيد من البيانات / البحوث) هل العقد الاجتماعي بتغير؟

تطرح اتجاهات بعض البيانات أن العقد الاجتماعي يتغير في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. فعلى الرغم من انخفاض معدلات المشاركة النسائية في العمالة، فقد بدأت في الارتفاع بمعدلات متزايدة Tzannatos, 1999))، وعلاوة على ذلك، بدأت المنطقة تشهد انخفاضًا سريعًا في معدلات الخصوبة (World Bank, 2004a). وكما يشير بوش Bush, 2004))، ترتفع أيضًا معدلات الفقر في بعض بقاع المنطقة. وأخيرًا، تعاني المنطقة من معدلات بطالة شديدة الارتفاع (World Bank, 2004b). وترتبط هذه الاتجاهات الأربعة ببعضها البعض، فضلاً عن ارتباطها بالتغيرات الاقتصادية العالمية المقترنة بإصلاحات الليبرالية الجديدة، وتثير عددًا من التساؤلات. هل التغيرات في أنماط الخصوبة والعمل تُعد مؤشرات على تغيرات في العقد الاجتماعي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما تأثيرها على النساء؟ وهل الزيادة الأخيرة في مشاركة النساء في العمل المأجور تُعد علامة على أنهن أصبحن أكثر تمكينًا و/ أو أكثر عرضه للتأثر اقتصاديًّا؟

تساعد البيانات المتعلقة بتشكيل الأسرة المعيشية وبنيتها على إلقاء الضوء على بعض هذه التساؤلات، وإن كان بدرجة محدودة. وهناك أدلة على أن الأسرة النووية تحل محل الأسرة الممتدة Moghadam, 2003))، لكن مدى تحلل الأسرة النووية أيضًا في بلدان جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا لا يزال خاضعًا للتوقعات. أما الإحصاءات المتعلقة بمعدلات وجود الأسر التي تعولها نساء فهي ليست حديثة، حيث ترجع البيانات الواردة في الجدول (۳) إلى ١٠ ١٥ سنة. ففي كثير من البلدان، كان ارتفاع معدلات عمل الإناث يرتبط بزيادة عدد الأسر التي تعولها نساء، لكن وجود تلك الأنماط في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا لا يبدو واضحًا بعد. والرابطة القائمة بين نوعي الإحصاء يمكن أن تعمل في الاتجاهين: إذا لم يكن أفراد الأسرة الذكور قادرين أو راغبين في إعالتهن، فإن وحدة الأسرة تتحلل وينتهي الأمر بالنساء إلى البحث عن العمل المأجور. ومن الناحية الأخرى، وكما يؤدي دخول المرأة إلى سوق العمل إلى زيادة استقلالها الاقتصادي، فقد يُفضي أيضًا إلى عدم رغبتها في الزواج.

وعلى الرغم من أن دراسة لاقتصاد باكمله يمكن أن تساعد على إجابة السؤال المتعلق بأسباب تزايد فرص العمل أمام النساء Moghadam, 2004))، فإن علينا أن نسأل أيضًا عن دوافع النساء الفردية للدخول إلى ميدان العمل المأجور. لقد كنت Olmsted, 1996)) بالتأكيد من بين من يعتبرن أن دوافع دخول المرأة إلى ميدان العمل المأجور قد ترجع إلى رغبتها في السيطرة على دخلها وزيادة استقلالها الاقتصادي. كما يمكن أيضًا أن تذهب النساء بتزايد إلى أن العمل المأجور كنهاية منطقية للتعليم Kawar, 2000)). على أن هناك نساء أخريات يسعين إلى العمل المأجور تلبية لاحتياجات اقتصادية، وخاصة في حالات عدم استطاعة الرجال أو عدم استعدادهم على الاستمرار في دعم الأسرة اقتصاديًّا. إن ارتفاع معدلات الفقر، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة، يمكن أن يقود إلى زيادة عدم استقرار العقد البطريركي، وزيادة احتياج المرأة إلى السعي للعمل المأجور.11

إن التغيرات في المواقف الاجتماعية تجاه عمالة النساء، (بالإضافة إلى حجم الأسرة المرغوب)، قد ترتبط أيضًا بالتغيرات في توقعات الاستهلاك. ونتوقع حتى بين الأسر غير المُعرضة لخطر الفقر أن ترتفع معدلات تحول النساء إلى ميدان العمل المأجور تعزيزًا لدخل الأسرة. وقد يقرر الآباء أيضًا تقليص عدد الأطفال الذين يرغبون في إنجابهم مع تغير توقعات الاستهلاك، وتقودنا الأسر الأصغر حجمًا إلى تفسير لدخول النساء إلى ميدان العمل المأجور, لكنها تزيد أيضًا من قابلية النساء للتأثر اقتصاديًّا، وخاصة مع غياب التأمين الذي ترعاه الحكومة لكبار السن(Olmsted, 2003).

ومما لا يثير الدهشة، أن البنك الدولي كان يتحدث بوجه خاص عن حاجة النساء إلى الدخول لميدان العمل المأجور؛ حيث تتفق هذه الإستراتيجية وأطروحة الليبرالية الجديدة القائلة إن العمل المأجور يجب أن يمثل الوسيلة الأساسية التي يؤكد الإنسان من خلالها رفاهه الاقتصادي. وفي واقع الأمر، يخلص البنك الدولي (2004a) إلى أن افتقاد النساء للمشاركة في ميدان العمل المأجور ببلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا يُعد إهدارًا ضخمًا للموارد الاقتصادية. فالنساء يُعتبرن موردًا غير متاح ومستعمل (۲)” (untapped)، وأن انخفاض مشاركتهن في العمالة تُعد بمثابة تكلفة مرتفعة للاقتصاد والأسرة (4)”. إن مثل هذه العبارات ليست إشكالية فحسب لأنها تتجاهل المساهمات الكبيرة التي تقدمها النساء حاليًا خارج السوق، وإنما أيضًا لأنها تعطي ميزة للعمل مدفوع الأجر أكبر من المساهمات المجانية في الاقتصاد.

هناك حاجة أيضًا إلى توجيه أسئلة حول نوع الاستقبال الذي تحصل عليه النساء، مع دخولهن إلى سوق العمل بتزايد. وكما أشارت تزاناتوس Tzannatos, 1999))، يبدو أن الانفصال بين المهن في بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا يتزايد مع زيادة عمل المرأة، وهو اتجاه لا نراه في أماكن أخرى في الوقت الحاضر (على الرغم من أنه ليس من غير المتوقع تمامًا، لأن النساء يدخلن بداية إلى القطاعات التي تُعد تقليديًّا قطاعات نسائية). إن زيادة نفاذ النساء إلى العمل، كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، قابل للقيد نتيجة الصور النمطية حول مسؤولية النساء اللامتماثلة في الإنجاب.

وقد بذلت بعض البلدان جهودًا لحماية النساء بإمدادهن بضمان اجتماعي للأمومة (maternity benefits)، بهدف تيسير مشكلة البحث عن عمل مأجور والقيام بالإنجاب في آن واحد. لكن الأنماط الموجودة في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا تطرح, في الوقت نفسه، أن أصحاب الأعمال، فضلاً عن المجتمع، يعتبرون المسؤولية الأساسية للنساء تتمثل في رعاية الأطفال؛ وهو الأمر الذي لا يسهم فحسب في الفصل الوظيفي والتفاوت في الأجور، وإنما يقود أيضًا إلى تحمل النساء مسؤوليات العبء المزدوج.

وفي واقع الأمر، نحن لا نعرف سوى القليل حول السؤال المتعلق بكيفية تأثير دخول المرأة إلى ميدان العمل المأجور على العبء الكلي لعملهن، داخل سياق بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا. إن البيانات المتعلقة بالاستفادة من الوقت يمكن أن تسهم في الإجابة على هذا السؤال، لكنها مستمدة من المغرب والأراضي الفلسطينية وعمان فقط ( UN nd c). وفي حدود معرفتي، لم يتم تحليل هذه المجموعات من البيانات لتحديد مدى العبء الثقيل والاستثنائي الذي تتحمله النساء في ميدان العمل المأجور. ففي بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، تتمثل إحدى الاتجاهات الملحوظة في زيادة لجوء الأسر إلى تشغيل خادمات ومربيات من غير مواطني البلد، لأداء أعمال النظافة والطهي ورعاية الأطفال. وقد درس راي جوريديني ونايلا موكاربلRay Jureidini and Nayla Moukarbel, 2000)) هذا السؤال في سياق لبنان، وأثرن الانتباه نحو أنماط الإساءة إلى حقوق الإنسان التي تعانيها الكثير من هؤلاء الشغالات. وتوضح كتابات الباحثين، بالإضافة إلى كتابات باحثات أخريات درست موضوع الخادمات المنزليات، ضرورة تحليل العبء المزدوج داخل إطار يضع في حسبانه أيضًا الاختلافات في رفاه النساء وفقًا للطبقة والعنصر والهوية الوطنية. وبوضوح، هناك احتياج إلى مزيد من الكتابات لكشف اللثام عن تأثير الطبقة والعنصر على كيفية نجاح بعض نساء بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا وأيضًا في غيرها، في حلمشكلة العبء المزدوج.

إن النساء في منطقة جنوب غرب آسيا يعلقن فجوة التعليم، ويعشن فترة أطول، ومن المفترض أيضًا أنهن يتمتعن بصحة أفضل، لكن خياراتهن الاقتصادية لا تزال محدودة، حيث تعتمد غالبيتهن على أفراد الأسرة من الذكور لإعالتهن اقتصاديًّا. وبينما تطرح البيانات المتعلقة بالفقر وتشكيل الأسر المعيشية أن العقد البطريركي يظل نسبيًّا دون مساس، تظل أيضًا التساؤلات مثارة حول مدى أفضلية هذا الترتيب بالنسبة إلى النساء، ومدى حدوث مختلف التغيرات لتقليص فاعلية هذا النظام غير المثالي بالفعل. فلا يبدو واضحًا، على سبيل المثال، ما إذا كان استقرار بنية الأسرة المعيشية قد استمر في التسعينيات وما بعدها، مع معرفة أن الإحصاءات المتعلقة بقيادة المرأة للأسرة أصبحت قديمة إلى حد كبير.

وعلى نحو أكثر عمومية، وبمعرفة أن منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا تشهد تغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية مختلفة، هناك ضرورة لتناول عدد من الأسئلة البحثية. وعلاوة على تناول الأسئلة الرئيسية في مجال السياسة، مثل مدى اختلاف تأثير الإلغاء المرحلي الدعم الغذاء على الرجال والنساء، من الضروري أيضًا تناول الأسئلة المتعلقة بمدى إمكانية ربط تغير معدلات مشاركة المرأة في العمل في بلدان منطقه جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا بانهيار العقد البطريركي، وفهمه تقليديًّا. كما هناك ضرورة أيضًا لإجراء مزيد من البحوث حول أثر أفكار الذات على تشكيل العقد البطريركي، ومدى تغيرها أيضًا.

وهناك بيانات وبحوث إضافية تتسم بأهمية خاصة، مع معرفة الضغوط التي تتعرض لها هذه المنطقة كي تتبع نموذج الليبرالية الجديدة. وقد أشارت النسويات إلى عيوب العقد البطريركي الأساسية بالنسبة إلى النساء، لكنهن طرحن أيضًا إشكالية النموذج البديل الذي يدفعه مصلحو الليبرالية، حيث يشجعون النساء على الدخول إلى سوق العمل دون إجراء الدراسة الواجبة لتناول الأسئلة المتعلقة بكيفية مواجهة المجتمع / النساء لقضايا العمل الإنجابي في المستقبل. إن تأكيد تمتع النساء بالنفاذ إلى الدخل مع تحملهن، في الوقت نفسه، بالواجبات الإنجابية بصورة غير مناسبة، يُعد واحدًا من أصعب المشكلات التي تحاول النسويات حلها. ومع معرفة أن أفكار الذات تشدد على الارتباط بالآخرين في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، وأن الإسلام يعترف بمساهمات النساء الاقتصادية من خلال وظيفتهن الإنجابية، تتوفر بالفعل إمكانات تشكيل عقد اجتماعي يتجنب عيوب العقد البطريركي السابق ورؤية الليبرالية الجديدة للمستقبل.

قدمت نسخة سابقة من هذه الورقة البحثية إلى الاجتماع الثاني للبحوث الاجتماعية والسياسية لمنطقة البحر المتوسط، فلورنسا، إيطاليا، مارس ۲۰۰۱. وأود أن أتوجه بالشكر إلى المراجعين المجهولين والمشاركين في ورشة العمل هذه على مقترحاتهم.

“Jennifer C. Olmsted, “Is Paid Work the (Only) Answer? Neoliberalism, Arab Women’s Well-Being, and the Social Contract”. Journal of Middle East Women Studies, volume 1, number 2 (Spring 2005), pp. 112-139.

۱توجد اختلافات بين بلدان منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا، سواء من زاوية الموارد المتاحة للحكومات، وأنماط والبرامج المقدمة، والاحتياجات الاقتصادية للسكان. ومع الإقرار بهذه الحقيقة، فإنني أجادل أن هناك بعض جوانب التشابه التي يمكن ملاحظتها عبر أنحاء بلدان المنطقة.

۲ترتكز جودة هذه المؤشرات أيضًا على جودة البيانات التي تعتمد عليها، ولا تتناول الجوانب الملموسة من الرفاه والتمكين.

3- نقص سياسات الأمومة في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا على أن النساء يحصلن على أجازة مدفوعة الأجر (تتراوح بين 45 يومًا و6 شهور)، وضمانات وظيفية بعد الحمل (للاطلاع على مزيد من التفاصيل، أنظر UN nd b) ومع ذلك توجد , نساء كثيرات غير قادرات على الاستفادة من هذه الحماية القانونية لأنهن يعملن في القطاع غير الرسمي.

4- كما تشير بوش Bush, 2004))، يُعد قياس الفقر أمرًا عسيرًا، ويجب دائمًا النظر إلى تلك الإحصاءات بحرص.

5- أسهمت السياسات الإسرائيلية التي تحد من حركة الفلسطينيين في تضاعف معدلات الفقر UNESCO, 2002))، والأرقام الأخيرة غير مقسمة، مع الأسف، على أساس نوع الجنس.

6- لا يزال قياس مشاركة العمالة النسائية خلافيًّا، وتختلف التقديرات وفقًا للتعريف المُستخدم. وقد أثيرت تساؤلات مدى ضرورة تضمين المساهمة في إنتاج الأسرة المعيشية في هذا المقياس. يبدو واضحًا من دراسة أنكر وأنكر ( Anker and Anker 1995) كيفية اختلاف معدلات مشاركة النساء بالنسبة إلى مصر، حيث يتغير تعريف العمل. ونظرًا لاهتمامي في الأساس بدراسة نفاذ النساء إلى الدخل، فإن المقاييس التقليدية ربما تكون أكثر فائدة.

7- بينما كان الإنفاق على الصحة والتعليم وفرص الوظائف مرتفعًا، نجد أن سجل الإنفاق العسكري لدى أغلب هذه البلدان مؤثر، مع الأسف، على قدم المساواة (World Bank, 1995)

8- يعمل أغلب الرعايا الذكور والإناث في الخليج بالقطاع العام World Bank, 2004b)). 9- يجري تعديل الأجور الحقيقية وفقًا للتضخم. ومن خلال عدم تعديل الأجور وفقًا للتضخم، تخلق الحكومة وضعًا يؤدي إلى تناقص القوة الشرائية للمرتبات الحكومية.

10- ترتبط الفوائد ارتباطًا وثيقًا بالمساهمات، ويجب أن يستمر الموظفون في السداد المالي في ظل هذه النظم لعدد من السنوات حتى يمكنهم التملك.

11- أثير سؤال حول دخول النساء إلى العمل المأجور وما إذا كان يؤدي إلى بطالة الرجال, لكن الأدلة الإمبيريقية تطرح أن الأمر ليس كذلك World Bank, 2004b)).

Adams, Richard and John Page. 2003. “Poverty, Inequality and Growth in Selected Middle East and North Africa Countries, 1980-2000”. World Development (4) 4:2027- 2048.

Anker, Richard and Martha Anker. 1995. “Measuring Female Labour Force with Emphasis on Egypt”. Gender and Development in the Arab World: Women’s Economic Participation: Patterns and Policies. Nabil Khoury and Valentine Moghadam Eds. Pp. 148-176. London: Zed Press.

Assaad, Ragui. 1997. “The Effects of Public Sector Hiring and Compensation Policies on the Egyptian Labor Market”. The World Bank Economic Review, 11(1): 85-118.

Badawi, Leila. 1994. “Islam”. Women in Religion. Jean Holm, with John Bowker, eds. 84- 112. London: Pinter.

Bush, Raymond. 2004. “Poverty and Neo-Liberal Bias in the Middle East and North Africa”. Development and Change, 35(4): 673-695.

Casper, Lynne, Sara McLanahan and Irwin Garfinkel. 1994. “The Gender-Poverty Gap: What Can We Learn From Other Countries”. American Sociological Review, 59(4): 594-605

Datt, Gaurav, Dean Jolliffe and Manohar Sharma. 2001. “A Profile of Poverty in Egypt”. African Development Review, 13(2): 202-237

El-Ghonemy, Riad. 1998. Affluence and Poverty in the Middle East. London: Routledge El-Laithy, Heba. Nd. “The Gender Dimension of Poverty in Egypt.” Available on-line at: https://www.erf.org.eg/html/Heba_ElLaithy.pdf

Folbre, Nancy. 1994. Who Pays for the Kids? Gender and the Structures of Constraint. London: Routledge.

Floro, Maria. 1999. “Double Day/Second Shift”. The Elgar Companion to Feminist

Economics. Janice Peterson and Margaret Lewis, eds. 136-141. Cheltenham, UK: Edward Elgar.

Hatem, Mervat. 1994. “Privatization and the Demise of State Feminism in Egypt”. Mortgaging Women’s Lives: Feminist Critiques of Structural Adjustment. Pamela Sparr, ed. London: Zed Books

—–. 2001. “The Nineteenth Century Discursive Roots of the Social-Sexual Contract in Today’s Egypt”. Paper presented at the Second Mediterranean Social and Political

Research Meeting, European University Institute, Florence, Italy.

Himmelweit, Susan. 1999. “Domestic Labour”. The Elgar Companion to Feminist Economics. Janice Peterson and Margaret Lewis, ed. Pp. 126-135. Cheltenham, UK: Edward Elgar Joseph, Suad. 1999. “Introduction: Theories and Dynamics of Gender, Self, and Identity in Arab Families.” Intimate Selving in Arab Families: Gender, Self, and Identity.

Suad Joseph (ed.), 1-24. Syracuse: Syracuse University Press.

Jureidini, Ray and Layla Moukarbel. 2000. “Brief on Foreign Female Domestic Maids in Lebanon”. Available on-line: https://www.Inf.org.lb/migrationnetwork/mig6a.hml Kawar, Mary. 2000. Gender, Employment and the Life Course: The Cast of Working Daughters in Amman, Jordan. Jordan Studies Series.

King, Mary. 2001. “Familial Economies or Patriarchal Economic Regimes? MENA in Comparative Perspective,” paper presented at the Second Mediterranean Social and Political Research Meeting, Florence, March.

Moghadam, Valentine. 2003. Modernizing Women: Gender and Social Change in the Middle East, 2nd edition, Boulder Colorado: Lynne Reinner.

—–. 2004. “Women’s Economic Participation in the Middle East: What Difference has the Neoliberal Policy Turn Made?” Journal of Middle East Women’s Studies (1)1: 110-46.

Olmsted, Jennifer. 1996. “Women ‘Manufacture’ Economic Spaces in Bethlehm”. World Development, 24(12): 1829-1840

—–. 1999. “Economic History: Middle East and North Africa”. The Elgar Companion to Feminist Economics. Janice Peterson and Margaret Lewis, (eds.), 219-226. Cheltenham, UK: Edward Elgar.

—–. 2003. “Reexamining the Fertility Puzzle in the Middle East and North Africa”. Women and Globalization in the Arab Middle East: Gender, Economy and Society. Eleanor Doumato and Marsha Pripstein-Posusney (eds.), Boulder, CO: Lynne Rienner.

—–. 2005. “Gender, Aging and the Evolving Arab Patriarchal Contract”. Feminist Economics, 11(2): 53-78.

Palestinian Central Bureau of Statistics (PCBS). 1998. Women and Men in Palestine: Trends & Statistics. Ramallah, Palestine.

Palestinian National Authority (PNA). 1998. Palestine Poverty Report, (Alternative title: Poverty in Palestine), National Commission on Poverty Alleviation

Pateman, Carol. 1988. The Sexual Contract. Stanford: Stanford U. Press.

Richards, Alan and John Waterbury. 1996. A Political Economy of the Middle East. Second Edition, Boulder, Co.: Westview Press

Tzannatos, Zafiris. 1999. “Women and Labor Market Changes in the Global Economy: Growth Helps, Inequality Hurt and Public Policy Matters”. World Development 27(3): 551-569

United Nations. Nd. a. “Statistics Division, Demographic and Social Statistics”. https://unstats.un.org/unsd/demographic/default.htm

—–. Nd b. “Statistics Division, Statistics and Indicators on Women and Men”. https://unstats.un.org/unsd/demographic/products/indwm/table5clx.htm

—–. Nd c. “Time Use Surveys”. https://unstats.un.org/unsd/methods/timeuse/tusresource.htm

United Nations Development Program (UNDP). 1995. Human Development Report. Gender and Human Development. Available on-line at: https://hdr.undp.org/reports/global/1995/en/

—-. 2004. Human Development Report. Cultural Liberty in Today’s Diverse World. Available on-line at: https://hdr.undp.org/reports/global/2004/

United Nations Office of the UN Special Co-ordinator (UNSCO). 2002. The Impact of Closure and Other Mobility Restrictions on Palestinian Productive Activities. October United States Social Security Administration (SSA). 1999. Social Security Programs Throughout the World. Available on-line at: https://www.ssa.gov/policy/docs/progdesc/ssptw/1999/#toc World Bank. Nd. “GenderStats: database on Gender Statistics”, at: https://devdata.worldbank.org/genderstats/home.asp

—–. 1995. Claiming the Future: Choosing Prosperity in the Middle East and North Africa. Washington DC: World Bank.

—–. 2001. Moroccan Poverty Report. Washington DC: World Bank

—–. 2002. Reducing Vulnerability and Increasing Opportunity: A Survey for Social Protection in Middle East and North Africa. Washington DC: World Bank.

—–. 2004a. Gender and Development in the Middle East and North Africa: Women in the Public Sphere. Washington DC: World Bank.

—–. 2004b. Unlocking the Employment Potential in the Middle East and North Africa: Toward A New Social Contract. Washington, DC: World Bank.

Yount, Kathryn. 2001. “Excess Mortality of Girls in the Middle East in the 1070s and 1980s: Patterns, Correlates and Gaps in Research”. Population Studies, 55(3): 291 308.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي