ولاية النساء على أنفسهن الحقوق الغائبة

تاريخ النشر:

سبتمبر 2022

باحث/ة رئيسية:

ولاية النساء على أنفسهن الحقوق الغائبة

رئيس المركز: حسین بهجت

رئيس وحدة البحث: أحمد أبو المجد

مقدمة:

توضح التطورات التي يشهدها العالم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أن أحد الركائز المهمة في عملية التطور هي المساواة ما بين الجنسين، والوصول إلى طريق تحقيق المساواة يبدأ عندما يشعر المواطنون والمواطنات داخل المجتمعات بقدرتهم / ن على اتخاذ القرار والتحكم بحياتهم/ ن حينها يشعر الفرد بذاته وبقيمته داخل المجتمع، عندما يشعر بأن المجتمع يحترم ويقدر وجوده واختياراته ويصنع التدابير والإجراءات التي تساهم في تمكين أفراده من حقوقهم المشروعة بشكل عادل يساهم في تحقيق المساواة، حينها يحصد المجتمع كله النتائج، وتنعكس على مستوى النهوض بأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ما المشكلة وما أهداف الورقة؟

تسلط الورقة الضوء على الإشكاليات التي تواجهها النساء بسبب الأعراف المجتمعية وخلل البنية التشريعية فيما يتعلق بقدرتهن على التحكم بحياتهن بما فيها اتخاذ قرارات شخصية دون وصاية، وأثر ذلك على تمكينهن في المجال العام.

أهمية الورقة

تلقي الورقة الضوء على الإشكاليات الاجتماعية والقانونية فيما يتعلق بحقوق النساء في الزواج وحرية التنقل وتلقي الخدمات الصحية وفق منظور إنساني، وكذلك تعرض علاقات الارتباط بين الأعراف الاجتماعية والثقافة من جهة وبين البنية التشريعية من جهة أخرى، وتأثير تلك العلاقات على معايير ومقترحات التشريعات وآليات تنفيذ القوانين، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياة النساء ومساعي تمكينهن.

أنا عاوزه أكمل تعليمي بره مصرلا معندناش بنات بتسافر لوحدها

أنا بحب رجل محترم وعاوزه اتجوزهمافيش الكلام ده أنت هاتتجوزي اللي يعجبنا احنا.

أنا مش عاوزه أخلفمش بمزجك ده بمزاجي أنا / عاوزه استخدم وسيلة لمنع الحمل.. يا مدام جوزك لازم يوافق الأول.

أنا تعبانه جدًا ولازم اعمل العمليةما ينفعش يا مدام أي عملية تخص حياتك الجنسية والإنجابية لازم موافقة ولي الأمر.

محتاجة احجز غرفة منفردة من فضلكآسف جدًا ما ينفعش احجز غرفة لسيدة لوحدها.

محتاجة افتح حساب بنكيما ينفعش يا فندم بطاقتك بدون مهنة لازم زوجك يضمنك.

تلك العبارات توضح جانبًا من معاناة النساء في المجالين العام والخاص، فلا تستطيع النساء أن يكن جزءًا من ماكينة الحياة إلا تحت وصاية الرجل، فالمرأة ترس رئيسي في الماكينة مسؤول عن دفع مولد الحركة، لكنها تحت أمر من يمتلك حق التشغيل.

فالأعراف والثقافة المجتمعية ترى النساء ناقصات الأهلية، لا يستطعن تحمل مسؤولية أنفسهن، تلك الثقافة تمثل أحد التوجهات المسيطرة على فلسفة التشريعات، خاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية، فعلى مدار أكثر من مائة عام مرت على صدور قانون الأحوال الشخصية، والذي شهد العديد من الإصلاحات لتحسين أوضاع النساء بشكل إيجابي وفق السياق التاريخي، إلا إنها مازالت نابعة من فلسفة تعتبر النساء ناقصات الأهلية وأن وصاية الرجال عليهن أمر طبيعي.

وهناك اتصال بين ما هو تشريعي وغير تشريعي (الممارسات المستندة على الأعراف المجتمعية) داخل المجتمع خاصة عندما نتحدث عن قدرة النساء في ممارسة الحق في الاختيار والتوجه، مما يضع العراقيل في الوصول إلى حالة المساواة ما بين الجنسين والتي أقرها الدستور المصري والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.

أولاً: الزواج بين التشريع والممارسات

من بين الإشكاليات، قدرة النساء على اتخاذ قرار الزواج بإرادتهن الحرة، وقدرتهن على تنفيذ ذلك دون وصاية. فالنساء غالبًا محرومات من ممارسة حق الزواج بشكل متساو مع الرجال، يعد ذلك شكلاً من أشكال العنف، كما أنه انتهاك لحقوق النساء التي أقرها الدستور، والمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، وتعتبر ضمن معوقات تحقيق المساواة وسد الفجوة ما بين الجنسين، مما يعد تحديًا أمام تحقيق الاستراتيجيات الوطنية التي تستهدف تحسين أوضاع المواطنين، مما يجعل الاستراتيجيات، منحصرة في أطر نظرية، يصعب تحقيقها، كما أن الفجوة ما بين التشريعات وتطبيقاتها، أمر شديد التعقيد، خاصة مع كون الأعراف والثقافة المجتمعية محور تنظيم العلاقات بين المواطنين.

الزواج في الدستور والقانون المصري:

التوثيق: أعطى دستور 2014 وتعديلاته، والتشريعات المحلية، الحق في الزواج بشكل متساو، فوفق قانون الأحوال المدنية، رقم 143 لسنة 1994 وتعديلاته، تنص المادة 31 مكرر على: (لا يجوز توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة).1

زواج القاصرات: وبالرغم من نص القانون الذي حدد معيار التوثيق، إلا أن زواج الصغيرات مازال قائمًا في مصر، وحدد النص القانوني سن توثيق الزواج، ولكن لم يحدد سن الزواج أو يجرم إتمام الزواج دون هذا السن إلا في حالات الاستغلال وفقًا لمعايير الاتجار بالبشر.

ويشير تعداد 2017 إلى أن هناك 5893 زيجة أطفال من بينهما 4447 فتاة 2، معدل زواج الصغيرات أعلى بكثير من زواج الفتيان، بينت الدراسات ضمن أسباب زواج الصغيرات اقتصاديًا ظاهرة الفقر، بالإضافة إلى غياب الوعي لدى الأسر، بجانب أسباب ثقافية منها الأعراف التي ترى الزواج فرصة للخلاص من مسؤولية الفتيات حفاظًا على كيان الأسرة التي تعيش مهددة خوفًا من وصم العار المرتبط بالشرف، إضافة إلى القائمين على إتمام الزواج من المحامين، لكن هناك أيضًا البنية التشريعية في اتصالها مع الهيمنة الذكورية، فموافقة الصغيرات وفق المعايير الدولية لا يمكن الاعتماد عليها باعتبارها حرة ومستنيرة ودلالة على رغبة الفتاة في الزواج، وعندما تصل الفتاة إلى سن الرشد والذي يقدر وفق التشريعات المحلية بسن 21 سنة ميلادية، تصبح هي المسؤولة عن ذاتها وتتحمل نتيجة أفعالها وقراراتها على المستوى المدني والجنائي، إضافة إلى ما سبقت الإشارة إليه من معوقات ممارسة النساء حقوقهن في الزواج بإرادة حرة وتظهر في ممارسات المأذونين خلال توثيق عقود الزواج والمتمثل برفض إتمام الزواج دون وجود ولي عن المرأة.

ممارسات المأذونين:

وفقًا للائحة المأذونين المتعلقة بإجراءات إتمام الزواج، يجب أولاً التحقق من شخصية الزوجة، والتحقق من عدم وجود مانع قانوني أو شرعي لإتمام الزواج مثل:

صغر من أحد الأطراف، أن تكون المرأة متزوجة، أو الزوج متزوجًا بأربع زوجات، وبعد التأكد من خلو الزوجين من موانع الزواج، تأتي المرحلة الثانية، أن يقوم المأذون بتبصير الزوجين بحقوقهما في الزواج مثل الاتفاق على ملكية منقولات منزل الزوجية، وعدم اقتران الزوج بأخرى إلا بأمر كتابي من الزوجة، وضمن ذلك أيضًا الاتفاق على رصد مبلغ مقطوع أو راتب دوري يدفعه الزوج لزوجته إذا طلقها بغير رضاها، الاتفاق على حق الزوجة في تطليق نفسها، إقرار من الزوجين بخلوهم من الأمراض التي تحول دون إتمام الزواج وتقديم شهادات صحية رسمية تثبت ذلك، وغير ذلك من اتفاقات بين الزوجين وإثباتها في وثيقة الزواج المعدة لذلك.3

الأمر دائمًا يختلف بين مأذون وآخر على حسب توجهاته وقناعاته الثقافية والمذهبية، وتبقى الممارسات التي لا يمكن حصرها في إطار واحد ولكن تجتمع جميعًا على ضرورة وجود ولى للمرأة التي لم يسبق لها الزواج كشرط لصحة عقد الزواج في مخالفة لما نصت عليه التشريعات الوطنية المنظمة لعقد الزواج الرسمي.

كما أنه لا يجوز للمأذون توثيق عقد الزواج لمن توفى عنها زوجها إلا إذا قدمت مستندًا رسميًا دالاً على الوفاة، أو إذنًا من القاضي يذكر فيه تاريخ الوفاة والإذن بالزواج4، وحين تتوافر تلك الشروط القانونية غالبًا لا تستطيع المرأة إتمام الزواج بنفسها، أيًا كان عمرها طالما لم يسبق لها الزواج، ويجب أن ينوب عنها في إتمام الزواج الولي، وهو أحد الشروط التي تجري ممارستها لإتمام الزواج دون أي سند قانوني، بل هي ممارسات من قبل المأذونين الذين يتمسكون بشرط وجود ولي لإتمام الزواج.

فالإشكاليات تبدأ من تلك الممارسات التي لا معايير لها، والأمر دائمًا يختلف بين مأذون وآخر على حسب توجهاته وقناعاته الثقافية والمذهبية، وتبقى الممارسات التي لا يمكن حصرها في إطار واحد ولكن تجتمع جميعًا على ضرورة وجود ولي للمرأة التي لم يسبق لها الزواج كشرط لصحة عقد الزواج في مخالفة لما نصت عليه التشريعات الوطنية المنظمة لعقد الزواج الرسمي.

على جانب آخر، تأتي الجهة المنوط بها توثيق عقد الزواج والمتمثلة في وزارة العدل والتي لم تتخذ إجراءات حقيقية على الأرض أمام ممارسات المأذونين حول شرط الولي لإتمام زواج المرأة التي لم يسبق لها الزواج، وكذلك اتجاه بعض ممثلي الوزارة من الموظفين المسؤولين عن إنهاء إجراءات توثيق الزواج والذين يمتنعون عن إتمام العقد إذا لم يُحدد وليًا للمرأة التي لم يسبق لها الزواج من قبل وفق ما صرح به بعض المأذونين. وهو دافع إضافي ينضم إلى دوافعهم التي تلزم النساء بضرورة وجود ولي من أجل إتمام توثيق الزواج، لتصبح قدرة النساء على تزويج أنفسهن تائهة ما بين بنية تشريعية تعطيها الحق في اتخاذ القرار، وممارسات المأذونين وممثلي وزارة العدل والتي يصعب اتحاد إجراءات قانونية ضد تلك الممارسات في ظل غياب لجان متابعة يمكن لها أن ترصد مدى التزام المأذونين، وموظفي وزارة العدل بتطبيق ما تم النص عليه في التشريعات المنظمة للزواج.

تصبح ولاية النساء على أنفسهن فيما يتعلق بإتمام إجراءات الزواج أمر سجين الثقافة المجتمعية، وهذه الثقافة لها تأثير كبير على صياغة السياسات والتشريعات وتطبيقها، وهو الوضع الذي يمكن أن يساهم في تفسير تحفظ مصر على المادة (16) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) والتي تنص على:

1 – تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن إقامة الزواج على أساس المساواة بين الرجل والمرأة وضمنها.

الحق في عقد الزواج، وحرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل، ونفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، وكذلك بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول، وكذلك نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفى الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق، وأيضًا نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم. كما لا يكون لخطوية الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرًا إلزاميًا5.

ويزداد الأمر وضوحًا فيما يتعلق بتسييد الأعراف والثقافة المجتمعية على الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية عندما يتجاهل المسؤولون عن أعمال القانون (المأذونون) تبصير الزوجين بحقوقهم في عقد الزواج، فبشكل عام يتجاهل المأذونون تبصير المرأة بحقها في شرط عدم اقتران الزوج بأخرى إلا بأمر كتابي منها، كما يتم تجاهل تبصيرها بحقوقها في إضافة ما تشاء من الشروط لإتمام الزيجة وإثباتها في وثيقة الزواج والتأكيد على أن ما تم إثباته في الوثيقة هو جزء لا يتجزأ من إتمام الزيجة وملزم للطرفين حتى عند إنهاء الزيجة إذا كانت الشروط تتضمن إجراءات ما بعد الانهاء.

ويحاول المأذونون الدفاع عن تلك الممارسات بأن سياق إتمام الزيجة يتسم بأجواء البهجة والفرح، لا يمكن معه الحديث عن شروط ما بين اثنين سعداء ببدأ حياة جديدة، كما يرى بعض المأذونين أن تلك الشروط تحول الزواج من سكينة وأمان ما بين طرفين، إلى عقد يشبه الإجراءات التجارية التي تساهم في فقدان معنى الزواج الحقيقي. ويبدو أن موقف المأذونين من تبصير النساء بحقوقهن في إبرام عقد الزواج نابع من الأعراف الاجتماعية والتي ترى أن استحقاق الرجال على حياة النساء هو جزء أصيل من منظومة الزواج، وأن الحديث عن شروط تحافظ على حقوق النساء داخل منظومة الزواج هو أمر يخل بأساسيات الزواج المبنية بالأساس على هيمنة الرجال واستغلالهم للنساء داخل المنظومة (ففي الآونة الأخيرة انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لعروس تطلب من العريس أن لا يتدخل في علاقتها بأسرتها خاصة والدتها ولا يمنعها من زيارتها فتعرضت العروس لأشكال مختلفة من الانتقاد.

تلك الثقافة التي ترى النساء غير كاملات الأهلية وأن استحقاق الرجال على حياتهن هو أمر طبيعي، يتشابك ذلك مع بنية تشريعية ترفض الاعتراف بالحق الكامل والمتساوي ما بين الأطراف في مسألة الزواج، وتعطي الرجال الحق في الهيمنة، وتتجاهل التدابير والإجراءات التي يمكن لها أن تساهم في سد الفجوة ما بين الجنسين.

وتتشارك معها الوسائل الإعلامية والثقافية والتعليمية المختلفة عندما تتجاهل توعية النساء بحقوقهن في إبرام عقد الزواج وفي مقدمتها حق المرأة الكامل في تزويج نفسها دون ولي. وكذلك الشروط

والتدابير التي تحمي حقوقهن في إبرام عقد الزواج أو إنهائه. تكتمل منظومة تسعى جاهدة لترسيخ استحقاق الرجال على حياة النساء وتعرقل محاولات سد الفجوة ما بين الجنسين من أجل النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين والمواطنات.

حرية التنقل والإقامة على مستوى الممارسات منقوصة للنساء، حيث تتعرض النساء للمنع من الإقامة داخل بعض النزل والفنادق بمفردها دون وجود رجل إذا كان سن المرأة أقل من 41 عامًا ميلادية، تلك الإجراءات التي تتم من جانب موظفي المنشآت السياحية لا يوجد لها سند قانوني على مستوى اللوائح والقوانين المنظمة لعمل المنشآت السياحية.

تمثل حرية التنقل شرطًا أساسيًا لتنمية الإنسان وشعوره بذاته وقدرته على التفاعل والاندماج داخل المجتمع، كما تعد حرية التنقل أحد أهم المعايير المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية للمواطنين والمواطنات، حيث نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (12) على حرية التنقل وضمنها:

لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته، ومغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، ولا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد، ولا يجوز حرمان أحد، تعسفًا، من حق الدخول إلى بلده.6

كما أقر الدستور المصري بحرية المواطنين في الإقامة والتنقل حيث نصت المادة (62) من الدستور الصادر عام 2014 وتعديلاته على:

حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون.7

كما نصت المادة 92 من الدستور على: “الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها.8

لكن حرية التنقل والإقامة على مستوى الممارسات منقوصة للنساء، حيث تتعرض النساء للمنع من الإقامة داخل بعض النزل والفنادق بمفردها دون وجود رجل إذا كان سن المرأة أقل من 41 عامًا ميلادية، تلك الإجراءات التي تتم من جانب موظفي المنشآت السياحية لا يوجد لها سند قانوني على مستوى اللوائح والقوانين المنظمة لعمل المنشآت السياحية، ولكن يبدو الأمر أنها تعليمات شفهية سواء كانت صادرة عن إدارة تلك المنشآت أو من جهات أمنية لها حق الإشراف والرقابة. وهي تنسجم مع الأعراف والثقافة المجتمعية التي تحد من حرية النساء وتمارس التمييز والعنف ضد النساء، وتؤثر بالسلب على قدراتهن على التفاعل والاندماج في المجال العام، وتحد كذلك من قدراتهن على التعلم والعمل والتوظيف، بما يعرقل تمكينهن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كما تجعل استراتيجيات الدولة الرامية إلى مناهضة العنف ضد النساء، ورؤية مصر 2030 التي تستهدف التنمية المستدامة مجرد غزل للمجتمع الدولي يصعب الاستفادة منه على المستوى المحلي خاصة عندما أصدرت وزارة الداخلية بيانًا في يونيو 2021 تنفي فيه صدور أي تعليمات تتعلق بشروط إقامة النساء داخل النزل والمنشآت السياحية المختلفة. ردًا على الدعوة القضائية رقم 48010 لسنة 75 قضائية، القضاء الإداري والتي تطالب بوقف التعليمات الصادرة عن الوزارة فيما يتعلق بإقامة النساء داخل المنشآت السياحية، فاقتصر البيان على نفي وجود تعليمات 9 لكنه لم يتطرق إلى التأكيد على معاقبة أي جهة أو شخص يقوم بأي إجراء يحول دون إقامة النساء داخل المنشآت السياحية المختلفة وفق قانون العقوبات المصري مادة 161 مكرر (يعاقب بالحبس والغرامة كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وترتب على هذا التمييز إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام“.10

شاركت معها محكمة القضاء الإداري عندما حكمت برفض الدعوة بعد ما تقدمت وزارة الداخلية بحافظة مستندات تنفي صدور تعليمات الحد من إقامة النساء داخل المنشآت السياحية، لكن لم تلزم المحكمة الداخلية بضرورة تقصي الحقائق حول شكوى النساء من ممارسات بعض النزل والفنادق ضدهن.

والذي يضعنا أمام أحد أهم الإشكاليات والمتمثل في كيف يمكن حماية حقوق النساء إذا لم تقف الجهات المعنية بأعمال ومراقبة تنفيذ القانون بدورها في حماية النساء من العنف والتمييز؟

وربما لو تم تطبيق ما جاء في الدستور بإنشاء المفوضية المستقلة لمناهضة التمييز كانت تستطيع رصد تلك الممارسات والعمل على إنهائها وإعادة تأهيل الأفراد المسؤولين عن تلك الممارسات، لكن للأسف الشديد بالرغم من إقرار الدستور على إنشاء المفوضية إلا إنها لم تنشأ حتى خروج هذه الورقة.

مصر خاضت مشوارًا من أجل تقديم خدمات طبية تستجيب لاحتياجات النوع الاجتماعي. حيث أعلنت وزارة الصحة عن تقديم الخدمات المتعلقة بالأمومة والطفل. وتشمل: الفحص الطبي والمعملي خمس مرات خلال فترة الحمل، بالإضافة إلى علاج حالات الأنيميا، وكذلك تقديم خدمات المشورة لتنظيم الأسرة. وأيضًا التوعية بأضرار الختان، وأضرار الزواج قبل سن العشرين. فضلاً عن توفير خدمات رعاية الأم والطفل للمناطق المحرومة والعشوائية من خلال العيادات المتنقلة.

لا تستطيع النساء إجراء بعض الفحوصات والإجراءات الطبية دون موافقة الرجال، كما لا تملك حرية اختيار التباعد بين كل طفل والآخر، أو إنهاء الحمل والذي يجرمه قانون العقوبات المصري أو المساواة في تلقى الخدمات الصحية مع الرجال ومراعاة النوع الاجتماعي

إلا إن مسألة تمكين النساء على مستوى الخدمات الصحية من أجل تحقيق المساواة مازال غائبًا، خاصة عند الحديث عن الحقوق المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، لا تستطيع النساء إجراء بعض الفحوصات والإجراءات الطبية دون موافقة الرجال، كما لا تملك حرية اختيار التباعد بين كل طفل والآخر، أو إنهاء الحمل والذي يجرمه قانون العقوبات المصري، أو المساواة في تلقي الخدمات الصحية مع الرجال ومراعاة النوع الاجتماعي وهو ما تم توضيحه تفصيليًا في ورقة سياسات (حرية النساء في التحكم بأجسادهن) الصادر عن مركز الدعم والتنمية والإعلام دام“. 12

إن الإشكاليات التي تقف حائلاً بين تمكين النساء وسد الفجوة بين الجنسين والوصول إلى العدالة والمساواة متعددة وتحتاج المزيد من الجهود، فالأعراف والثقافة لها الكلمة الأخيرة سواء داخل بنية تشريعية تحاول تجميل التمييز أو بنية تشريعية ترسخه، ففي جميع الأحوال فلسفة البنية التشريعية المحلية تنطلق من أن النساء غير كاملات الأهلية، وأن هيمنة الرجال على المجال العام والخاص وضع طبيعي.

1 – تفعيل المادة 53 من الدستور المصري بإنشاء المفوضية المستقلة لإنهاء كافة أشكال التمييز يكون نصف أعضائها من النساء، وأن يتم رصد ميزانية للمفوضية وإنشاء فروع لها بالمحافظات، وتكون مهمتها خلق بيئة آمنة لتنفيذ المعاهدات والمواثيق الدولية والدستور بما يضمن إنهاء حالة التمييز داخل البنية التشريعية.

2 – إنشاء وحدة تقييم الأداء الإداري للدولة المصرية على أن تكون تابعة للمفوضية المستقلة، وأن تتسم بنسق تكنولوجي لإنهاء كافة أشكال التمييز، وتكون مهمتها تقييم الأداء الإداري للجهات المختلفة ومدى التزامها بإجراءات إنهاء التمييز بين الجنسين على أن تحدد اللجنة معايير واضحة للتقييم تكون مرجعتيها المواثيق الدولية والدستور المصري.

3 – وضع خطة لقياس أهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين النساء وكذلك استراتيجية حقوق الإنسان تحتوي على إجراءات عملية يمكن متابعتها وتقييمها تشارك فيها الوزارات ويكون هدفها وضع تدابير تساهم في تغيير الثقافة المجتمعية وتضم في عضويتها خبراء حقوقيين ويمكنها الاستعانة بخبرات الدولة المختلفة من أجل إنهاء حالة التمييز داخل المناهج التعليمية والمواد الثقافية ووضع برامج تدريبية لموظفي الدولة لتعزيز الوعي بالمساواة.

4 – التعاون مع المجتمع المدني لرفع وتعزيز وعي نواب البرلمان بقضايا النوع الاجتماعي وتبني منهج نسوى في إعداد مشاريع القوانين على أن يكون ذلك أحد الركائز الأساسية لتقييم البرلمان خلال دوراته المختلفة.

5 – تعديل لائحة المأذونين ووضع شروط ومعايير لاختيارهم بعد تدريبهم ورفع وتعزيز وعيهم بمناهضة التمييز المبني على النوع، على أن تكون هناك فترة تقييم مدتها ستة أشهر يجري فيها تقييم أداء المأذونين ومدى التزامهم بالدستور والمعايير الدولية والتشريعات المحلية وبسياسات المساواة كشرط أساسي لحصولهم على التصريح النهائي لمزاولة المهنة.

1 – قانون الأحوال المدنية المصري 143 لسنة 1994 على الرابط

https://cutt.ly/dCpdapq

2 – https://pdf.usaid.gov/pdf_docs/PA00TRB1.pdf

دراسة المجلس القومي للأمومة والطفولة حول الزواج الموسمي الصادرة عام 2019

3 – www.http://www.arabwomenlegal

20% 82% D8% B1% D8% A7% D8% B1% emap.org/document% 20 legalsystem/%D9 8A% D8% B1%% 88% D8% B2% D9%% D9

20% 202% 85% 82% D9% 20% D8% B1% D9% 84% 84% D8% B9% D8% AF% D9% 20% D8% AF% D9 86% 84% D8% B3% D9%% D9

20% 84% D8% A7% D8% A6% D8% AD% D8% A9% 20% D8% A8% D9% 201955% D8% A9% 85% D8% A% 84% D9%% D8% A7% D9

8A% 88% D8% AA% D8% B9% D8% AF% D9% 20% D9% 86% 8A% D9% 86% D9% 88% D9% 3% D8% B0% D9 84% D8% A7%% D9

pdf. 202004%89% 84% D9% 20% D8% A5% D9% 87% D8% AA% D9

قرار وزير العدل رقم 2 لسنة 1955 بلائحة المأذونين وتعديلاته

4 – المصدر السابق

5

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/con

vention-elimination-all forums- discrimination-against-women

اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة

6 – http://hrlibrary.umn.edu/arab/b003.html

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

7 – https://manshurat.org/node/14675

الدستور المصري المعدل 2019

8 – المصدر السابق

9 – https://www.almasryalyoum.com/news/details/234829

بيان وزارة الداخلية بنفي وجود تعليمات تتعلق بإقامة النساء داخل الفنادق

10 – https://manshurat.org/node/14677

قانون العقوبات المصري

11 – https://cutt.ly/sCasuEL

حيثيات حكم عدم قبول دعوة وقف إقامة النساء داخل الفنادق

12 – https://masr.masr360.net/ d8% a3% d8%ae% d8% a8% d8% a7% d8% b1% 82-% 88% d9% 82% d9% 85% d8% b5% d8% b1/% d8% ad% d9% d9% 82% d8% a9-% 88% d9% b1% d9% 8a% d8% a7% d8% aa%/% d9% 88% d8% ad% d8% b1% d9% d9% 85-%% d8% af% d8% a7% d9% 86% d8% b3% d8% a7% d8% a1-% 84% d9% 8a% d8% a9-% d8% a7% d9% d8% ad% d8% b1% d9% 85-% 83% d9% 84% d8% aa% d8% ad% d9% d8% a7% d9% /86% 87% d9% d8% a8% d8% a3% d8% ac% d8% b3% d8% a7% d8% af% d9%

لمزيد من المعلومات حول حرية النساء في التحكم بأجسادهن يمكن الاطلاع على ورقة سياسات مركز الدعم والتنمية والإعلام (دام)

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي