العدد اﻷول – رسائل الذاكرة
الشركاء: المرأة والذاكرة
رقم العدد:
1
تاريخ النشر:
يونيو -1998
التقديم:
فريق البحث:
عن سير حياة النساء والتصورات الثقافية
تهتم مجموعة المرأة والذاكرة اهتمامًا خاصًا بجمع وتوثيق سير حياة النساء اعتمادًا على المصادر المكتوبة والشفاهية. إن هذا الحرص على توثيق التجارب والخبرات نراه شكلاً من أشكال المقاومة لعمليات الاستبعاد والتهميش التي عانت منها النساء على مدى فترات تاريخية مختلفة. وبالإضافة إلى ذلك هو حرص يعبر عن محاولة للمشاركة في تشكيل تصورات ثقافية مكملة أو مضاهية أو متناقضة مع التصورات السائدة عن النساء العربيات. وهذه التصورات أو الصور التمثيلية والتصويرية تؤثر على الوجدان الجماعي بل وتوجه مساره وتحدد تطلعاته. فهي تطالعنا في الكتب ووسائل الإعلام بل وفي أعين الناس لتملي علينا كيف نحيا وكيف يجب أن نكون. وتحمل هذه التصورات في جعبتها الكثير من الافتراضات وأحيانًا الانحيازات تجاه فئة أو عرق أو شعب أو حضارة بأكملها. وتصبح هذه التصورات الثقافية خطرة إذا تحولت إلى نماذج نمطية لا تسمح بالاختلاف أو التعدد. فما هي العلاقة بين سير حياة النساء وعملية تشكيل التصورات الثقافية في المجتمع؟ إن هذا الطرح لمشروع استعادة وكتابة سير حياة النساء العربيات مبني على بعض الافتراضات النظرية والتطبيقية. أولها، إن كتابة سير الحياة تلعب دورًا قد يكون مباشرًا أو غير مباشر في تعريف معالم الذات وتحديد علاقاتها بالعالم الخارجي. ووفقًا لهذا المعنى تصبح كتابة السير في مراحل تاريخية معينة مؤشرًا دالاً على اتجاهات اجتماعية سائدة في هذا الوقت تسعى إلى تشكيل الهويات وتوجيه التطلعات ورسم أسلوب الحياة المرغوب فيه. ثانيًا، إن السير بصفة عامة تعتبر من العناصر الأساسية في التاريخ لحقبة زمنية. ثالثًا، أنه قد تم تهميش دور النساء في السجلات التاريخية في معظم مناطق العالم ومن بينها المنطقة العربية. رابعًا، ونتيجة لما تقدم، أصبح هدف إعادة كتابة التاريخ من منظور يأخذ في الاعتبار مساهمة النساء هدفًا للباحثين والباحثات المهتمين بوضع المرأة في المجتمع وتحولت كتابة واستعادة سير النساء من أهم السبل المطروقة في الكثير من بلدان العالم لاكتشاف إسهامات النساء والتعريف بها وإعادة صياغتها في سياق الإطار العام. خامسًا إن عملية تشكيل التصورات التمثيلية من خلال كتابة سير الحياة هي بمثابة فعل مقصود يحاول تشكيل الذاكرة الاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع العمليات الاحتفالية التذكيرية أو التي من شأنها التذكير بشخصية أو فترة أو حدث ما تنطوي على منظومة من القيم أو التقديرات التي تؤسس لما يجب أن تحتويه المخيلة الاجتماعية. ومن ثم فإن سير الحياة التي تذكر بشخصية ما أو بمجموعة معينة في المجتمع تصبح مؤشرًا هامًا لما يراه هذا المجتمع جديرًا بالحفظ، أو بعبارة أدق لما تراه النخبة المسيطرة في هذا المجتمع جديرًا بالحفظ. وبالتالي، فإن كتابة سير شخصيات بعينها من شأنه أن يثير تساؤلات حول اختيار الموضوع وأيضًا حول هدف الكاتبة. وبناء على ما تقدم، نرى أن هناك حاجة لكتابة سير حياة النساء العربيات المعاصرات منهن والماضيات. وفى هذا الصدد نضع أمامنا بعض المحاذير لكي لا نرتكب خطأ التحدث باسم جميع النساء العربيات وخطأ افتراض وجود تعريفات واضحة وصريحة لما نعنيه عند الحديث عن “المرأة العربية” ويصبح السؤال: كيف نشرع في تشكيل تصورات ثقافية للنساء العربيات دون الانزلاق في فخ التفكير الجوهري essentialist وندعي الحديث باسم المرأة العربية “الحقيقية” أو ندعي استرجاع أو تشكيل تصور ثقافي “أصيل” ولكن مسكوت عنه في الخطاب السائد. هذا الحذر إلى السياق السياسي الذي تستخدم فيه مصطلحات مثل الهوية الثقافية أو الخصوصية الثقافية في العالم العربي المعاصر مما يجعلها غاية في الخطورة، وقابلة لتأويلات متضادة وحاملة لمعان وإيحاءات معظمها ويرجع مكبل للحريات، خاصة بالنسبة للمرأة. أما النوع الثاني من المحاذير فيتعلق بالنظرية النسائية للمعرفة. فلقد أدت مجهودات إعادة النظر والتفكير في إنجازات حركة كتابة التاريخ النسائي إلى لفت الانتباه إلى مخاطر التركيز المتزايد على تجارب النساء باعتبارها تعبيرًا “حقيقيًا” عن هويتهن كنساء. بعبارة أخرى، إن تصنيف “المرأة” كفئة أو كمجموعة واضحة المعالم ومتوافقة المصالح يثير تساؤلات عديدة حول الاختلافات الملحوظة بين النساء والتي تنم عن تباين واختلاف في المصالح والتطلعات، ومن ثم يشكك في شرعية التحدث باسم النساء جميعًا. يحتوي هذا العدد من وسائل الذاكرة على مقالات تتناول أشكالاً مختلفة من التصورات التي تمس عالمنا. ماذا نتوقع من هذه التصورات؟ عما نبحث، كما تتساءل أميمة بكر، عن المثالي أم الحقيقي، وهل يمكن تحقيق أي منهما؟ كيف تتفاعل مع تصورات معينة نعلم أنها مؤثرة على علاقتنا بالآخر؟ وإلى أي مدى يمكن من خلال محاولة لإعادة تصوير شخصية الغولة مثلاً في الحكايات الشعبية التصدي للنماذج النمطية عن الجنسين وتفكيكها؟ وكيف نتعامل مع عالمنا وحصره في الكتابات التي تصر على تحجيم أطر وتعريفات ضيقة ؟ وأخيرًا، كيف نصبح أطرافًا أساسية في عملية تشكيل التصورات الثقافية بحيث لا تكرر نفس الأخطاء؟مقالات الاعداد
شارك: