وقائع العنف الأسري ضد النساء

الشركاء: براح آمن

تاريخ النشر:

2018

المقدمة

أن أبشع ما يمكن أن يقوم به مجتمع تجاه جريمة ما هو التطبيع معها، أي التعامل معها بوصفها أمرًا طبيعيًا مسلمًا به، ويزداد الأمر سوء لو جاء القانون متوافق مع رؤية المجتمع فاعتبر أن صور هذه الجريمة المختلفة أفعال مباحة، وذلك هو واقع جرائم العنف الأسري ضد النساء في مصر، فرغم أن هذا النوع من العنف هو النوع الوحيد الذي تبدأ ممارسته قبل ميلاد الأنثى في بعض الأحيان، فبمجرد معرفة الزوج، وذويه، بحمل زوجته في أنثى، تبدأ عليه أعراض التأفف، وإهمال زوجته، وفي بعض الحالات يقوم الزوج بإجبار زوجته على الإجهاض، ثم تستمر معها صور العنف الأسرى الأخرى ما بقى لها من عمر ، إلا أن هذا النوع من العنف قلما يحظى باهتمام المعنيين بالتشريع في مصر، وينظرون له على أنه خلافات أسرية“.

في محاولة من مجموعة براح آمنلتتبع مسار هذه الجرائم في مصر وانتشارها، قمنا بتحليل الاخبار المنشورة في وسائل الاعلام المصرية حول وقائع العنف الأسري المختلفة خلال العام 2018 ، وتمكن فريق العمل من رصد 606 جريمة عنف أسري مختلفة في هذا العام، وهي ليس بالقطع العدد الحقيقي لجرائم العنف الأسري في مصر، ولكنها ما وصل منها للصحف فقط، نظرًا لجسامته أو للجوء المتضررات منه لأجهزة انفاذ القانون، فهذا العدد وما يحتويه من تفصيلات رغم ذلك يعد مؤشرًا هامًا للمعنين بأوضاع النساء في مصر، فاذا قلنا على سبيل المثال أن من بين هذه الوقائع هناك 209 واقعة قتل لنساء في إطار الأسرة فإن هذا الرقم يستحق وقفة جادة لدراسة هذه الجرائم، مع باقي المؤشرات التي يطرحها هذا التقرير الموجز حول جرائم العنف الأسري ضد النساء في مصر.

أولاً: خريطة جرائم العنف الأسري ضد النساء في عام 2018

خلال العام 2018 تمكن فريق العمل من رصد 606 خبر حول جرائم عنف أسري تحدثت عنها الصحف المصرية، توزعت هذه الجرائم على كل محافظات الجمهورية عدا 5 محافظات هي جميعًا محافظات حدودية قليلة السكان وهي: (البحر الأحمر، شمال سيناء، جنوب سيناء، الوادي الجديد، مرسي مطروح)، وفي الحقيقة فهذا لا يدل على أن هذه المحافظات خالية من حوادث العنف الأسري ضد النساء ولكن يمكن ارجاع الأمر لعدد السكان في هذه المحافظات والذي لا يتعدى للخمس محافظات مجتمعة عدد سكان محافظة متوسطة من محافظات الجمهورية فضلاً عن أن التغطيات الصحفية لشئون هذه المحافظات عادة ما تكون أقل من غيرها من المحافظات الموجودة على امتداد نهر النيل.

فيما يتعلق بتوزيع جرائم العنف الأسري على المحافظات المختلفة فقد جاءت محافظة القاهرة في المركز الأول مسجلة وحدها 304 جريمة عنف أسري أي ما يزيد عن نصف عدد الجرائم المسجلة في مصر كلها، وفي المركز الثاني جاءت محافظة الجيزة بنسبة 12.9% بعد أن شهدت 78 جريمة عنف أسري خلال العام 2018 ، في المركز الثالث حلت محافظة المنوفية بنسبة 5% بعد أن تم تسجيل 30 واقعة عنف أسري بها.

فيما يتعلق بتوزيع الجرائم زمنيًا فقد توزعت الجرائم بنسب متقاربة على أشهر عام 2018 ولكن رغم ذلك سجل شهر يونيو العدد الأعلى للجرائم حيث تم رصد 76 واقعة خلال هذا الشهر، تلاه في المركز الثاني بـ 69 واقعة ثم شهر يوليو في المركز الثالث مسجلاً 65 واقعة.

 

المحافظة

عدد الوقائع

القاهرة

304

الجيزة

78

القليوبية

8

الإسكندرية

16

بور سعيد

2

السويس

3

الإسماعيلية

5

دمياط

2

الشرقية

26

الغربية

14

المنوفية

30

الدقهلية

22

البحيرة

17

كفر الشيخ

3

بني سويف

5

الفيوم

8

المنيا

12

أسيوط

6

سوهاج

8

قنا

4

الأقصر

2

أسوان

6

البحر الأحمر

0

الوادي الجديد

0

مرسى مطروح

0

شمال وجنوب سيناء

0

 
توزيع جرائم العنف الأسري على محافظات الجمهورية

ثانيًا: أشكال وصور جرائم العنف الأسري ضد النساء التي تم رصدها

خلال العام 2018 تمكن فريق العمل من رصد 606 خبر حول جرائم عنف أسري تحدثت عنها الصحف المصرية، من بين هذه الجرائم جاءت جرائم العنف الجسدي في المقدمة، حيث تم رصد 393 واقعة عنف جسدي خلال العام مشكلين نسبة 64.9% من العدد الإجمالي، منهم 185 واقعة في مدينة القاهرة وحدها, أي أن القاهرة استأثرت بنسبة 30.5% من جرائم العنف الجسدي ضد النساء، وينصرف مفهوم العنف البدني أو الجسدي إلى أي فعل يقوم به أحد ذكور الأسرة يترتب عليه آثار أو أضرار جسدية للناجية، وتتدرج صور الجسدي تبعًا لخطورتها فتبدأ من الصور البسيطة للاعتداء بالضرب وقد تصل إلى القتل أحيانًا، ويأخذ أشكالاً أخرى متعددة منها على سبيل: المثال الضرب، إحداث الكسور، إحداث الحروق والكي، رش المواد الحارقة، منع الطعام و / أو الشراب.

في المركز الثاني حلت جرائم العنف النفسي بنسبة 20.3 بعدما تم تسجيل 123 واقعة عنف نفسي، والعنف النفسي أو العاطفي هو أي تصرف / تعامل غير لائق مع الناجية يسبب لها شعور بالضيق أو الحرج أو ينتقص من كرامتها أو يتعمد إذلالها سواء سرًا أو علنًا، ويندرج تحت هذا المفهوم أيضًا حرمان الناجيات من حياتهن الاجتماعية الخاصة وفرض أنماط تواصل اجتماعي معين عليهن؛ سواء فيما يتعلق بطريقة التواصل أو بالأشخاص المسموح لهن التواصل اجتماعيًا معهم, ويعتبر من قبيل العنف النفسي على سبيل المثال: السب, القذف، التخويف والترهيب, التهديد بالفضيحة, التشهير، الذم والانتقاص من قدر الناجية, الحرمان من رؤية الأبناء، الخيانة الزوجية, التمييز في المعاملة بين الذكور والإناث داخل الأسرة.

في المركز الثالث جاءت جرائم العنف الجنسي بنسبة 7.6% بعدما تم تسجيل 46 واقعة خلال العام، العنف الجنسي هو أي علاقة جنسية, أو محاولة للحصول على علاقة جنسية، أو أي تعليقات أو تمهيدات جنسية، أو أية أعمال ترمي إلى الإتجار بجنس الشخص أو أعمال موجهة ضد جنسه باستخدام الإكراه، يقترفها شخص آخر مهما كانت العلاقة القائمة بينهما وفي أي مكان وفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية، ويعتبر من قبيل العنف الجنسي في إطار العلاقات الأسرية على سبيل المثال ما يلي: الاغتصاب, الاغتصاب الزوجي، التحرش الجنسي بكل صوره, الإجبار على العمل بالجنس التجاري، الإجبار على ممارسة جنسية بطريقة غير مرغوبة، الامتناع عن إشباع الرغبة الجنسية، الإجبار على مشاهدة الأفلام الجنسية، قطع الأعضاء التناسلية للإناث.

في المركز الرابع جاء العنف الاقتصادي بنسبة 5.8% بعد أن تم تسجيل 35 واقعة عنف اقتصادي خلال العام، ويقصد به الممارسات التي يترتب عليها إضعاف وضع المرأة اقتصاديًا والتأثير على قدرتها على إدارة حياتها ماليًا، ويعد من قبيل العنف الاقتصادي في إطار الأسرة على سبيل المثال: الحرمان من الميراث، الامتناع عن دفع نفقة الأطفال والزوجة، الحرمان من المصروف, الاستيلاء على الراتب, الإجبار على العمل, منع المرأة من الخروج للعمل.

في المركز الخامس حل العنف المركب بنسبة 1.5% بعدما تم تسجيل 9 حالات خلال العام، والعنف المركب هو الصور الأخرى للعنف الأسري ضد النساء التي يصعب وضعها في شكل واحد لاشتمالها على أكثر من نوع من أنواع العنف مثل: زواج القاصرات، الإجبار على الزواج / الطلاق، الإجبار على الإنجاب أو عدم الإنجاب، الحبس المنزلي.

وفي حقيقة الأمر فان ظهور أشكال من العنف الاقتصادي والعنف النفسي بنسب أقل من غيرها لا يعني بالضرورة عدم شيوع هذه الأشكال من الجرائم في نطاق الأسرة المصرية، بل أن العكس هو الصحيح، فعدم اعتراف القانون المصري بمعظم أشكال العنف الأسري كجرائم من جهة, وشيوع وتفشي هذه الجرائم بشكل وبائي من جهة أخرى ساهما في حالة من التطبيع بين المجتمع وبين هذه الجرائم أي أن المجتمع صار يتعامل مع هذه الأفعال كأنها طبيعية وبالتالي فهي لا تلقى عناية للحديث عنها من الصحف فلا يصل الينا منها إلا ما يرد على لسان الناجيات بعد أن تتطور الأمور لأشكال جسيمة من الجرائم مثل جرائم العنف الجسدي، أو لجوء تلكم الناجيات للمحاكم لطلب الطلاق، والدليل على ذلك ما تبرزه الدراسات المسحية التي عنيت خلال السنوات الماضية بدراسة جرائم العنف الأسري، على سبيل المثال تشير دراسة العنف ضد المرأة والتكلفة الاقتصادية الناتجة عنهوهي إحدى الدراسات المبنية على البيانات التي تم جمعها أثناء المسح السكاني الصحي مصر 2014، إلى أن العنف النفسي أكثر أشكال العنف ضد النساء شيوعًا؛ حيث بلغت نسبة النساء المتعرضات لشكل أو أكثر من أشكال العنف النفسي على يد الزوج وحده إلى 42.5%.

من تقرير ما نعرفه فقط وقائع الأسري ضد النساء المنشورة في الصحف المصرية خلال عام 2018

أما المفاجأة فكانت أن جرائم العنف الأسري ضد النساء التي تم رصدها في أخبار الصحف المصرية هي جرائم القتل, حيث تم رصد209 جريمة قتل لنساء أطار الأسرة بما يمثل 34.5% من العدد الاجمالي للجرائم، فاذا أضفنا لهذه الجرائم وقائع مشابهة مثل انتحار النساء هربًا من العنف الأسري، ومحاولات الانتحار غير المكتملة لذات السبب، فضلاً عن التهديد والشروع في القتل فأننا نصل لنتيجة خطيرة مفادها أن ما يقرب من نصف وقاع العنف الأسري ضد النساء تستهدف مباشرة حرمانهم من الحق في الحياة نفسه.

بعد جرائم القتل جاءت جرائم الضرب في المركز الثاني بنسبة 19.5% بعد أن تم تسجيل 118 واقعة ضرب، وفي المركز الثالث حلت وقائع الانتحار هربًا من العنف بنسبة 7.6% بعد أن تم تسجيل 46واقعة, وفي المركز الرابع جاءت جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي بنسبة 5.9% بعد أن تم تسجيل 36 واقعة، وفي المركز الخامس حلت محاولات القتل بنسبة 4.3% بعد أن تم تسجيل 26 محاولة قتل لنساء في إطار الأسرة، ثم توزعت باقي جرائم العنف الأسري متخذة صور مختلفة ومتنوعة.

 

ثالثًا: الفئات الأكثر تعرضًا لجرائم العنف الأسري ضد النساء

من خلال تحليل جرائم العنف الأسري التي نشرتها وسائل الاعلام المصرية خلال العام 2018 أتضح أن الفئة الأكثر تعرضًا لهذه الجرائم هي فئة الزوجات على يد أزواجهم حيث وقعت لهن 356 جريمة من أصل 606 جريمة تم رصدها خلال العام بنسبة 58.8%، في المرتبة التالية جاءت البنات (جمع أبنة) المتعرضات للعنف على يد الآباء أو الآباء والأمهات مسجلات 148 جريمة بنسبة 24.4%، وفي المرتبة الثالثة جاءت الأخوات بنسبة 6.4% بعد أن تم رصد 39 جريمة تعرضت لهم أخوات على يد أخوتهم خلال العام 2018.

أما الفئات العمرية للمتعرضات للعنف الأسري فقد أظهرت أن كل النساء في مصر في دائرة العنف الأسري فلا طفولة تحمي أو كهولة تحترم, جاءت النساء في الفئة العمرية 21 – 45 سنة في المرتبة الأولى للنساء المتعرضات للعنف الأسري بنسبة 31.7% بعد أن تم رصد 192 واقعة عنف، وفي المرتبة الثانية جاءت النساء في الفئة العمرية 1 – 21 سنة بنسبة 23.3 بعد رصد 141 واقعة، وفي المرتبة الثالثة جاءت النساء في الفئة العمرية 45 – 60 سنة بنسبة 1.5% بعد رصد 9، وقائع، وفي المرتبة الأخيرة حلت فئة النساء اللاتي أعمارهن أكبر من 60 عامًا مسجلات 4 وقائع فقط شكلوا نسبة 0.7%.

ثالثًا: الفئات الأكثر تعرضًا لجرائم العنف الأسري ضد النساء

من خلال تحليل جرائم العنف الأسري التي نشرتها وسائل الاعلام المصرية خلال العام 2018 أتضح أن الفئة الأكثر تعرضًا لهذه الجرائم هي فئة الزوجات على يد أزواجهم حيث وقعت لهن 356 جريمة من أصل 606 جريمة تم رصدها خلال العام بنسبة 58.8%، في المرتبة التالية جاءت البنات (جمع أبنة) المتعرضات للعنف على يد الآباء أو الآباء والأمهات مسجلات 148 جريمة بنسبة 24.4%، وفي المرتبة الثالثة جاءت الأخوات بنسبة 6.4% بعد أن تم رصد 39 جريمة تعرضت لهم أخوات على يد أخوتهم خلال العام 2018.

أما الفئات العمرية للمتعرضات للعنف الأسري فقد أظهرت أن كل النساء في مصر في دائرة العنف الأسري فلا طفولة تحمي أو كهولة تحترم, جاءت النساء في الفئة العمرية 21 – 45 سنة في المرتبة الأولى للنساء المتعرضات للعنف الأسري بنسبة 31.7% بعد أن تم رصد 192 واقعة عنف، وفي المرتبة الثانية جاءت النساء في الفئة العمرية 1 – 21 سنة بنسبة 23.3 بعد رصد 141 واقعة، وفي المرتبة الثالثة جاءت النساء في الفئة العمرية 45 – 60 سنة بنسبة 1.5% بعد رصد 9، وقائع، وفي المرتبة الأخيرة حلت فئة النساء اللاتي أعمارهن أكبر من 60 عامًا مسجلات 4 وقائع فقط شكلوا نسبة 0.7%.

توزيع مرتكبي جرائم العنف الأسري ضد النساء

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي