الحركات النسائية العالمية
رقم الايداع:
2003/12138
رقم العدد:
6
رقم الطبعة:
الأولى
تاريخ النشر:
2005
رئاسة التحرير:
تصميم الغلاف:
التحرير:
افتتاحية
يعد هذا العدد من طيبة عن الحركات النسائية العالمية مقدمة للعدد القادم وهو عن الحركات النسائية المصرية.
وما نود أن نركز عليه في مجال دراسة الحركات النسائية العالمية أو المصرية أنها جميعها جزء من الحركات الاجتماعية والسياسية بصفة عامة، تؤثر فيها وتتأثر بها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنعزل عنها، ومن هنا يبدأ هذا العدد ببعض التعريفات لمفهوم الحركات الاجتماعية بصفة عامة، تتبعه دراسة قصيرة لنولة درويش عن الحركات الاجتماعية، تحاول فيها تعميق بعض المفاهيم التي لا يمكن الاستغناء عنها عند تناول الحركات النسائية والتي تعد تمهيدًا لكل ما يرد في هذا العـدد والعدد الذي يليه من دراسات، حيث تضع هذه الحركات في سياقات اجتماعية وسياسية تؤثر سلبًا أو إيجابًا على الحركة، ومنها بالطبع مدى توفر قدر من الديمقراطية والحرية التي تشجع على قيام هذه الحركات.
أما الكاتبة الباكستانية نجات سيدخان فهي تثير في مقالهـا «تأثير الحركة النسائية العالمية على العلاقات الدولية» الكثير من التساؤلات حول الحركات النسائية في سياق عالمي وعولمى في نفس الوقت، تلعب فيه المفاهيم الغربية مثل مفهوم «الجندر» الدور الأكبر في إعادة صياغة دور الحركات النسائية وتأثيرها على أوضاع النساء في كثير من بلدان العالم الثالث، وتقدم نجات خان في مقالها دراسة متأنية تتميز بالجدة والجدية لما يمكن أن يعد تنبيه لدول الجنوب ضد مخاطر الاستقطاب والاحتواء سـواء من قبل الحكومات، أو من قبل السياسات الدولية، ومن ضمنها بالطبع خطاب حقوق الإنسان الذي يكاد يقضى على خصوصية الحركة النسوية ويجردها من أبعادها السياسية، ورغم أن مقال نجات خان يبعث على التشاؤم فيما يمكن للحركة النسوية في الجنوب أن تحققه في ظل الأوضاع التي تخلقها السياسات الشمالية إلا أنها تحلم بمستقبل أفضل للحركة النسوية في العالم كله إذا ما اجتمعت نسويات الجنوب والشمال على أهداف واحدة تدفعهم إلى العمل المشترك وإلى أن تقف نسويات الشمال في وجه حكوماتهن حتى وإن أدى ذلك إلى فقدان بعض امتيازتهن.
أما مقال «الحركة النسوية في فلسطين المعاصرة بين النزعات الاستعمارية والقومية وبين النزعة الإسلامية»، فهو خاتمة كتاب للباحثة المصرية– الفلسطينية إصلاح جاد تناقش فيه الحركات النسوية العلمانية في علاقتها بغيرها من الحركات الإسلاموية النسائية وغير النسائية. وتخلص إصلاح جاد إلى أن تهميش الحركات الإسلاموية من قبل القوى القومية الحضرية والمسيطرة على الحكم قد أدى إلى زيادة شعبية الحركات الإسلاموية من قبل الطبقات الفقيرة الريفية وبين اللاجئين من سكان المخيمات الفلسطينية. وقد اختارت هيئة تحرير «طيبة» إدراج هذا الموضوع رغم أنه خاتمة بحث لا يمكن لنا نشره بالكامل، ورغم رجوعه إلى دراسات قامت بها الباحثة ولا تتوفر لقرائنا، نتيجة لأهمية النتائج التي توصلت إليها إصلاح جاد في خاتمتها لكل المجتمعات العربية والإسلامية ومن بينها مصر بالرغم من خصوصية الحالة الفلسطينية. فزيادة شعبية الحركات الإسلاموية في البلاد العربية والإسلامية قد اتضحت بشدة في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة (2005) في مصر، مما يجعل من الصعوبة بمكان تجاهل تأثير هذه الحركات وخاصة النسائية منها. وإذ تحت «طيبة» قراءها على قراءة البحث بفصوله الستة كاملاً، إلا أنها ترى أن هذه النتائج التي ترد في هذه الخاتمة دالة للغاية ويمكنها أن تفى بغرض إيضاح العلاقات المتشابكة بين زيادة شعبية الحركات الإسلاموية وبين تدهور شعبية أنظمة الحكم السائدة في البلاد العربية والإسلامية وما لذلك من تأثير على الحركات النسائية– العلمانية والإسلاموية– وعلى حقوق النساء.
أما عن مقال فاطمة أحمد إبراهيم، «اتحاد المرأة السودانية والحرب في غرف خالية» فقد اختير لاهتمامه بدولة أفريقية ذات روابط تاريخية بمصر، مرت أخيرًا بظروف تاريخية خاصة أشار إليها المقال، بالإضافة إلى تركيزه أيضًا على دور الحركات الإسلاموية في التأثير على الحركات النسائية في العالم العربي والإسلامي، وتبين حالة السودان، إذا قارنها بالمقال السابق عن فلسطين، أن تأثير التيار الإسلامي يؤثر على الحركات النسائية تأثيراً مختلفًا في كل حالة حسب السياق السياسي والإجتماعي لكل دولة.
وينتقل هذا العدد من الدول العربية والإسلامية والصراعات بين الحركات النسوية العلمانية والحركات الإسلاموية إلي صراعات أخرى بين حركات نسوية علمانية وحركات دينية أخرى هي الكاثوليكية في بولندا في بحث أجنيشكاجراف بعنوان «ضائعة بين الموجات». وفي هذا البحث تعرض جراف لمدى تأثير كل من الكنيسة الكاثوليكية وأيضًا الرغبة العارمة في أن تصبح بولندا عضوًا في الإتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، مما يجعل شكوى الحركات النسوية من عدم الحصول على مكاسب بعينها نوعًا من الخيانة الوطنية، حسب زعم بعض النساء والرجال في بولندا، حيث يؤدى هذا النشر للغسيل القذر بالاتحاد الأوروبي إلى رفض عضوية بولندا.
ومن بولندا إلى جنوب آسيا حيث يقدم بحث «المنظور الجنوب آسيوى» صورة شديدة الدقة والثراء لما تواجهه الحركات النسائية في جنوب آسيا من تحديات محلية وعالمية تتمثل في شدة الفقر وضعف الإمكانيات المادية على المستوى القومي، مع زيادة الضغوط العولمية لتطبيق سياسات اقتصادية تزيد الفقراء فقرًا، مما يزيد معاناة النساء بصفة خاصة، وذلك بالإضافة، بالطبع، إلى زيادة العسكرة على مستوى العالم، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا ما تعانيه مناطق أخرى من العالم، كما سبق أن رأينا في مقالات أخرى، من زيادة إختراق الأصوليات الدينية للمجتمعات، فنرى في هذه الحالة زيادة الأصولية الدينية الهندوسية وتأثير ذلك على النساء بصفة عامة والحركات النسائية بصفة خاصة.
يركز مقال «حركة نساء نيبال» بدوره على التحديات التي تواجه الحركة النسائية في نيبال، وتتمثل في معظمها في أبوية مجتمع نيبال الذي يحتفى بالرجال ويميز ضد النساء، ولكن تؤكد الكاتبة هنا، مثلها في ذلك مثل جميع المشاركات في هذا العدد، على أنه يجب علينا أن ننظر إلى ما هو أبعد من الصراع بين الرجال والنساء إذا أردنا وضع أيدينا على أسباب قهر النساء. فيركز هذا المقال الإفتتاحي لدورية دراسات حول التاريخ والمجتمع في نيبال على الأوضاع الاجتماعية والسياسية وخاصة الفوارق الطبقية التي كان من شأنها زيادة الضغوط الاجتماعية في نيبال، وتشير الكاتبة في افتتاحيتها إلى جميع المقالات الواردة في العدد، فنرى من تلك الإشارات أن معظم المقالات تدور أيضًا حول وضع الحركات النسائية في إطارها الأوسع كحركات اجتماعية، تتأثر هبوطًا وصعودًا بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع.
أما كتاب الدمقرطة والحركات النسائية الشعبية الذي تعرضه لهذا العدد رانيا الشباسي فهو يقدم استعراضًا لمختلف ظروف نشأة وعمل الحركات النسائية الشعبية وعلاقاتها مع الدولة، وتأثير وجود النظم الديمقراطية للحكم أو عدمها على مدى نجاح الحركات النسائية الشعبية. ورغم أن هذا الكتاب، كما يوضح العرض، يقدم صورًا للحركات النسائية الشعبية في جميع قارات العالم، إلا أنه نظراً لإتساع مداه وضيق المساحة المتاحة يضطر في أغلب الأحيان إلى المرور مر الكرام على بعض الدول وعدم إيفاء الحركات النسائية فيها حقها في إعطاء الصورة كاملة عنها، ومن هذه الحالات حالة مصر، فقد اقتصر العرض على تقديم حالة «رابطة المرأة العربية» فقط دون غيرها من الجمعيات النسائية، وذلك إذا كان للحركة النسائية الشعبية وجود في مصر، وهي المسألة التي سوف تكون المحور الرئيسي في العدد القادم لـ «طيبة».
وتقدم «طيبة» في هذا العدد أيضًا عرضًا لكتاب مهم يناقش الحركات النسائية في دول الاتحاد السوفيتي في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. وتمثل هذه الدول حالة شديدة الخصوصية، كما يتضح من العرض الذي تقدمه إليزابيث بيشوب، حيث هي دول تتصارع فيهـا أيديولوجيتـان، إحداها أيديولوجية اشتراكية ترثها من سنوات الحكم السوفيتى وأيديولوجية أخرى دينية، إسلامية على وجه الخصوص في معظم البلدان.
وختامًا، نرجو أن يقدم هذا العدد صورة صادقة لبعض التحديات التي تواجه نشأة وتطور الحركات النسائية في بلدان مختلفة، ومن بينها عدم توفر نظام سیاسی دیمقراطی يسمح بالتعددية، بالإضافة إلى الأصولية الدينية التي غالبًا ما تختبىء الذكورية والأبوية فيها تحت عباءة الدين. كما نرجو أن يكون هذا العدد أيضًا تمهيدًا مناسبًا للعدد القادم الذي سيحتوى على أوراق المؤتمر الذي سوف تقيمه مؤسسة المرأة الجديدة فى الفترة ما بين 18- 20 ديسمبر 2005، وتدور محاورها في مجملها حول نشأة وتطور الحركات النسائية المصرية والتحديات التي تواجهها، مع محاولة وضع خطة عمل تحتوى على حد أدنى من المطالب التي يمكن أن تتفق عليها كافة التيارات الموجودة بالساحة حاليًا.