الصحة الجنسية للمراهقين

رقم العدد:

7

تاريخ النشر:

2004

الإخراج الفني:

افتتاحية العدد

يتناول هذا العدد قضية هامة ألا وهى الصحة الإنجابية والجنسية للمراهقين، وهم الأشخاص الذين يتراوح عمرهم بين ١٠ ١٩ سنة (منظمة الصحة العالمية ۱۹۹۸)، وهى قضية مهمة من عدة زوايا، أولاً لتنامي حجم قطاع المراهقين والشباب في المجتمع فوفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية يشكل المراهقون ٢٠% من سكان العالم يعيش ٨٥% منهم في الدول النامية. وفى مصر توضح تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) نسبة مماثلة حيث يبلغ عدد المراهقين حوالى ١٥ مليون نسمة أى أقل قليلاً من خمس السكان فى مصر (1). وثانيًا: لأنه عادة ما تتجاهل الهيئات الصحية هذه الشريحة العمرية، فى ظل سيادة تصور بأنهم يتمتعون بصحة جيدة نسبيًا بالمقارنة مع مجموعات عمرية أخرى كالأطفال الرضع وكبار السن وهو ما كشفت منظمة الصحة العالمية خطأه، إذ أن المراهقين والشباب هم أكثر الفئات تعرضًا للعدوى المنقولة جنسيًا، حيث تقدر المنظمة أن ثلثى حالات العدوى المنقولة جنسيًا حول العالم تحدث بين صغار السن، أى المراهقين والشباب فى أوائل العشرينات. وثالثًا: لما تكشفه الدراسات بأن السلوكيات التى يتعلمها الناس في مرحلة المراهقة تستمر وتؤثر على صحتهم، حيث تحدث ٧٠% تقريباً من الوفيات المبكرة بين البالغين بسبب السلوكيات التى بدأت في سن المراهقة (منظمة الصحة العالمية ۱۹۹۸).

وأخيرًا يمثل موضوع الصحة الإنجابية والجنسية للمراهقين أحد المحرمات التاريخية، والتي تتجاوز التحريمات المتعلقة بالجنس عمومًا إلى وضع أشد حيث احتمالات ممارسة الجنس خارج الزواج الرسمى تتزايد بين الشباب، خاصة في ظل تزايد الفجوة بين سن النضج الجنسي، وبين سن النضج الاجتماعي حيث يمكن للشباب تكوين أسرة. وتتداخل عوامل عديدة لمفاقمة هذا الوضع، فمن جانب هناك تدهور الأوضاع الاقتصادية للغالبية العظمى من قطاع السكان وهو ما ينعكس ليس فقط على الخدمات الحكومية الصحية، بل وعلى ميزانيات الأسر المخصصة للحصول على الرعاية الصحية. من جانب آخر فإن تعرض المراهقون والشباب للاستقطاب الحاد بين تنامي الاتجاهات المحافظة في المجتمع، وبين المواد المتاحة أمامهم على مواقع الإنترنت القنوات الفضائية، يؤثر بشكل كبير على توجهاتهم وسلوكياتهم، وقراراتهم المتعلقة بالشئون الجنسية عمومًا، وبالصحة الجنسية والإنجابية بشكل خاص.

عندما انعقد المؤتمر الدولى للسكان والتنمية ١٩٩٤ فى القاهرة، أثار برنامج عمل المؤتمر ووثيقته الختامية جدلاً عميقًا وطويلاً بين القوى المختلفة فى مصر والعالم العربي والعالم عمومًا، وكانت هناك معارضة شديدة تعكس قلقًا مشروعًا لبعض أجزاء الوثيقة خاصة ما تعلق منها بالصحة والحقوق الإنجابية والجنسية للمراهقين. وبعد مرور عشر سنوات على المؤتمر نجد أننا من الناحية الأساسية وباستثناء جهود محدودة رغم تميزها – لم نتجاوز مرحلة القلق، ولم ننحو إلى ما قامت به العديد من الدول التى تعيش ظروفًا اقتصادية واجتماعية مشابهة لنا، إلى دراسة الوقائع وطرح الحلول وتقييم الجهود.

والحق أننا لا يمكن مثلما يحلو للبعض أن يفعل أن نؤكد على أن شبابنا بخير لأننا مجتمعات يحميها الوازع الديني والأخلاقي، ذلك أن أمامنا ظواهر متعددة مثل تزايد ظاهرة أطفال الشوارع، وظاهرة الزواج العرفى بين الشباب تحثنا على أن نتعامل مع مثل تلك القضايا بالجدية الواجبة والتى أصبحت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى.

وكل ما سبق يترتب عليه أن تحتل قضايا الصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين أولوية على جدول أعمال النظام الصحي في مصر، خاصة في ظل الاتجاه العالمي والوطني لإصلاح النظام الصحي (رجاء مراجعة العدد السابق عن إصلاحات النظام الصحى). وأن تحاول التعلم من خبرات الآخرين في التصدي لهذه القضية. لذا كان هذا العدد الذي يحفل بتجارب عديدة من كثير من الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ورغم أن المقالات قد تحتوى على مشاكل لا يعانى منها مجتمعنا بشكل خاص، إلا أن كل المقالات تتميز بميزة أساسية هي مواجهة المشكلات عبر الدراسة والتفكير العقلاني، وهو أمر أصبح مطلوبًا بشدة في مجتمعاتنا، وتطرح أشكالاً من التعامل مع الشباب تهدف لمساعدتهم على تبني سلوكيات مسئولة ليس من خلال الاكتفاء بالإدانة الأخلاقية، بل من خلال تقديم الخدمات الضرورية وفى مقدمتها توفير المعلومات حول الشئون الجنسية بشكل علمي.

تتنوع مقالات العدد بين تلك التى تتناول المفاهيم المتعلقة بالمراهقة والصحة الجنسية، وبين تلك التي تتناول قضية التعليم حول التثقيف الجنسى، انتهاء بتجارب النظم الصحية أو منظمات غير الحكومية في تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين. تطرح مقالة مارج بيرر الجنس والصحة الجنسية والأمور الجنسيةأسئلة هامة حول ما نعنيه بالصحة الجنسية هل تعنى:

(1) كل أنواع الممارسات الجنسية على أن تكون الأعضاء التناسلية وما يرتبط بها من أجزاء الجسد الأخرى سليمة ومعافاة؛ أم (۲) الممارسة الجنسية الصحية، وهو ما يعنى فى أذهان الكثيرين استبعاد معظم أشكال الممارسة الجنسية. إن الصحة الجنسية هى بالقطع أكثر من مجرد أن تكون نقيض الأمراض الجنسية أو غيابها .. أم تعنى (۳) ظرفًا لا توجد فيه معوقات صحية أمام أمام ماذا؟ ممارسة الجنس؟ الاستمتاع بالجنس؟ الرغبة فى الجنس؟ الحصول عليه؟ وهى بهذه الأسئلة التى تلقيها في وجهنا تدفعنا للتفكير والتأمل.

ويستعرض مقال المراهقة مفهوم ديناميكيالتغيرات المستمرة فى المواقف المتعلقة بالشئون الجنسية للمراهقين وانعكاس ذلك على المواقف الاجتماعية والثقافية من الشئون الجنسية للمراهقين بما في ذلك، سن الزواج، أو إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية دون احتياج لموافقة الأهل، مشيرًا إلى تعدد تجارب المراهقين على مستوى العالم، وموضحًا في الوقت نفسه تأثير البعد المتعلق بالنوع الاجتماعي.

ويتضمن العدد أكثر من مقال حول التثقيف الجنسى للمراهقين، وتأثيره على تبنى سلوكيات مسئولة واتخاذ القرارات فيما يتعلق بالشئون الجنسية، وتعكس تلك المقالات تباينات فى المواقف من التثقيف الجنسى للمراهقين مماثلة للنقاشات الدائرة لدينا. يوضح مقال التعليم الجنسي القائم على الوعي الذاتي: منهج نظري وعملي في فنزويلا أنه رغم تزايد الاعتراف بأهمية التعليم فى تناول المشكلات المتعلقة بالأمور الجنسية، إلا أنه مازالت هناك اختلافات حول نوع التعليم ومكانه وكيفية ووقت تقديمه، حيث لا يمكن التفكير في المقترحات المتعلقة بالبرامج التعليمية عن الصحة الجنسية والإنجابية والشئون الجنسية، بما في ذلك هيكلها ومحتواها واستراتيجيات التدريس والمواد التعليمية، على أنها مسائل تقنية حيادية يمكن فصلها عن أيديولوجيات المجتمع أو الأحداث التي تقع فيه مثل الاقتصاد والثقافة والسياسة؛ على النقيض، فإن التثقيف الجنسي له مضامين سياسية وإيديولوجية خطيرة. ويقدم المقال تجربة إحدى المنظمات غير الحكومية في هذا المجال. أما مقال التعليم حول الشئون الجنسية في المدارس .. استراتيجيات الدعوة في المكسيك. فيقدم خبرة إيجابية للتعاون بين المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الحكومية في تضمين التعليم الجنسي في المناهج الدراسية.

كما أن هناك مقال هام حول تضمين الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية في مناهج التعليم الطبي في البلدان النامية بما يؤهل مقدمي الخدمة الصحية عمليًا ليس فقط لتقديم الخدمات المناسبة بأفضل شكل، بل أيضًا للعب دور في حماية الصحة الجنسية والإنجابية من خلال النهج الوقائي. ويطرح المقال استراتيجيات مختلفة يمكن عبرها دمج المكونات الرئيسية للصحة الجنسية والإنجابية في المناهج الدراسية، سواء من خلال تطوير الموضوعات التي يمكن إدراجها في المناهج العامة، أو بإضافة موضوعات اختيارية, وتقديم قضايا متداخلة مثل قضايا النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية للمراهقين – إلى المقررات التعليمية التي تديرها الأقسام الأخرى.

ويمثل مقال السعى إلى خدمات الصحة الإنجابية الذى يتناول أوضاع المراهقات المتزوجات في ماهاراشترا في الهند أهمية لنا فى مصر حيث مازالت ظاهرة الزواج المبكر منتشرة في الريف المصرى. ويوضح المقال أنه بينما يوجه اهتمام كبير للأمراض التي تعوق المراهقات المتزوجات عن القيام بالأعمال المنزلية، فإن الاهتمام محدود بعلاج اضطرابات الدورة الشهرية وأعراض التهاب القناة الإنجابية. ويوضح المقال عددا من العوامل المؤثرة على عملية السعي إلى العلاج من الأمراض الإنجابية ومنها كثرة الأعمال المنزلية, الحفاظ على الخصوبة، والصمت الناتج عن الحرج من الأمراض الجنسية.

ويناقش مقال تبعية مزدوجة, مخاطرة مزدوجة .. الطبقة والنوع الاجتماعى والأمور الجنسيةتأثير الأوضاع الاقتصادية والتصورات التقليدية بخصوص النوع الاجتماعى على القرارات التي تتخذها الفتيات فيما يتعلق بالأمور الجنسية، مشدداً على أن مجرد الوعى بالمخاطر لا ينفى أو يمنع حدوثها. وتوضح الدراسة التي أجريت بين المراهقات في الأرجنتين من مستويات اجتماعية متباينة أن هناك عوامل متعددة تؤثر على الأنماط السلوكية التي تتبناها المراهقات تجاه الشئون الجنسية، ومنها الفرص التعليمية التى تتاح لهن, ومدى وعيهن بقضايا النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى بنية الأسرة.

وتناقش مقالة حمل المراهقات في شيلي اليوم: من الزواج إلى الإجهاض، قضية شائكة تؤثر بشدة على الصحة الجنسية والإنجابية بل والنفسية للمراهقات، ورغم التباين بين المجتمع الشيلى والمجتمع المصرى إلا أن المقال يحمل تحليلا عميقا لظاهرة تورط, المراهقات في الحمل قبل الزواج، حيث كان الحمل أمراً غير متوقع وصدمة, لهن ولأسرهن على حد سواء. شعرن بأنهن لم تكن على استعداد لهذا الحمل، وأنه مثل فوق كل شئ، تغييراً عميقاً وقاسيًا فى حيواتهن. فقد نظرن إلى الحمل على أنه سقطتهن، فأثار مشاعر الذنب وفقدان القوة الأخلاقية والعاطفية. وشعرن بأنهن قد خُن معايير المجتمع وثقة الأهل ونظرتهن لأنفسهن.

ويقدم مقال العمل مع عيادات القطاع العام لتوفير خدمات صديقة للمراهقينخبرة جنوب أفريقيا في تطوير برنامج وطني صمم لتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمراهقين فى المستويات الأولية من الرعاية وتعزيز قدرة القطاع العام على الاستجابة للاحتياجات الصحية للمراهقين من خلال المبادرة الوطنية للعيادات الصديقة للمراهقين، والتي تهدف إلى جعل الخدمات الصحية أكثر قبولا لدى المراهقين وزيادة إمكانية حصولهم عليها، ووضع مقاييس ومعايير وطنية للرعاية الصحية للمراهقين في العيادات في جميع أرجاء البلاد، وبناء قدرات العاملين بالرعاية الصحية لتقديم خدمات ذات جودة عالية.

إننا نأمل أن يكون هذا العدد إسهاما في تعميق النقاش حول قضية حساسة، وكسر جدران الصمت حولها، ونحن في انتظار تعليقاتكم.

وبالرغم من أن المساواة بين الجنسين ليست هي كل شيء عندما يتعلق الأمر بالجنس، إلا أن الجنس يعتبر من جوانب عديدة، الحصن الأخير لامتيازات الرجل، على الأقل من منظور يضع النساء في مركز الاهتمام، وربما لن تبدأ أنسنة الجنس، بالنسبة للنساء على الأقل، على نحو يجعله وثيق الصلة بالصحة إلا عندما يختفى كره النساء والعنف الجنسي.

الجنس والصحة الجنسية والأمور الجنسية

مارچ بريد

تتميز المراهقة بأنها مرحلة تحول تاريخية وذات خصوصية اجتماعية من الطفولة إلى البلوغ، بالإضافة إلى كونها مرحلة من العمر متميزة فسيولوجياً وجنسياً ونفسياً. وبالرغم من أن جميع الشباب في العالم يمرون بالتغيرات الجسدية والحسية نفسها أثناء هذه الفترة، إلا أن الطريقة التي تُفسر بها هذه التغيرات التى تؤدي إلى ظهور بعض المحرمات الاجتماعية والقانونية تتفاوت بشكل كبير من مجتمع لآخر. فمثلاً، احتياجات فتاة فى العاشرة من عمرها، منتظمة في الدراسة بالمرحلة الابتدائية ويقوم أبواها برعايتها، تختلف جذرياً عن احتياجات فتاة في مثل سنها تعول أسرة نتيجة لوفاة أبويها وتتحمل مسؤوليات الكبار.

المراهقة ومفهومها المتغير

کارل دن وجابرييل ريدنر

وفي دفاعنا عن حقوق المراهقين الجنسية والإنجابية، نحن نضع ثقتنا في الديمقراطية، والمشاركة الاجتماعية (المواطنة) والإبداع. نحن نصبو إلى بلد أو عالم (إن كان ممكنًا) لا يتعرض فيه غالبية الشباب والشابات، بما في ذلك الأكثر فقرًا، للحمل غير المرغوب فيه، أو الإجهاض، أو الأمراض المنقولة جنسياً والإيدز، أو الإيذاء الجنسي، أو البغاء .. إلخ، مما يحفل به الواقع حاليًا.

التعليم الجنسي القائم على الوعي الذاتي

ميرسيدس مونز

تقع على عاتق مُعلمي الطب مسئولية تدريب الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الصحة، على الكفاءات الجوهرية المطلوبة لتحسين وضع الصحة الجنسية والإنجابية في مجتمعاتهم المحلية. ومع ذلك، لا يزال وجود رعاية الصحة الجنسية والإنجابية محدوداً إلى حد كبير في المناهج الدراسية المُقدمة إلى الأطباء وغيرهم من المهنيين في مجال الصحة، فضلاً عن وجودها المحدود أيضًا في التعليم الطبي المستمر وبرامج التنمية المهنية.

تضمين الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية في مناهج التعليم الطبي في البلدان النامية

ماریان هاسلجراف، أولوفيمي أولاد تونيوسون

مقالات الاعداد

حمل المراهقات في شيلي اليوم: من الزواج إلى الإجهاض
المراهقات المتزوجات في ماهاراشترا - الهند
الجنس والصحة الجنسية والأمور الجنسية
المراهقة ومفهومها المتغير
إستراتيجيات الدعوة في المكسيك
التعليم الجنسي القائم على الوعي الذاتي: فنزويلا
تضمين الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية
العدوى المنقولة جنسيًا بين المراهقين
العمل مع عيادات القطاع العام لتوفير خدمات صديقة للمراهقين في جنوب أفريقيا
قهر مزدوج، مخاطرة مزدوجة
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي