زمن النساء والذاكرة البديلة

تصميم الغلاف:

التقديم:

زمن النساء  والذاكرة البديلة

شكر وتقدير

تشكر مجموعه المرأة والذاكرة جمعية النداء الجديد لما قدمته من دعم ورعاية لمشروع قراءة التاريخ العربي من وجهة نظر المرأة. فلقد تبنت الجمعية هذا المشروع في مراحله الأولى. مما ساهم في تقديم دفعة مهمة لمجموعة البحث ترتب عليها توسيع آفاق البحث ومن ثَم تأسيس ملتقى المرأة والذاكرة. ويأتي هذا الكتاب ثمرة التعاون الفعال بين جمعية النداء الجديد ومجموعة المرأة والذاكرة.

ولا يكتمل هذا الشكر إلا بتحية خاصة إلى الدكتور سعيد النجار. رئيس مجلس إدارة جمعية النداء الجديد. لإهتمامه العميق بقضايا المرأة كجزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع.

مجموعة المرأة والذاكرة

تقديم

نحن مجموعة من الباحثات المهتمات بقراءة التاريخ العربي من منظور يأخذ في الاعتبار التشكل الثقافي والاجتماعي للجنس. التقينا حول اهتمامنا بالتاريخ العربي، واجتمعنا على اختلافات تخصصاتنا، وأيضًا على اختلاف المؤسسات التي تنتمي إليها. نحاول جاهدات أن يكون أسلوب العمل فيما بيننا أسلوبًا جماعيًا، يستند إلى المشاركة وتبادل الخبرات. إذا حاولت الإجابة على سؤال: لماذا هذا التجمع؟ تجيء الإجابة متقطعة: البحث الرغبة في العمل الجماعي، الذي لا يتوفر دائمًا في السياق الثقافي المحيط بناء، الرغبة في التغلب على العزلة المفروضة على الكثيرات من المهتمات بالبحث العلمي، الرغبة في التواجد في محيط إيجابي، التواصل مع أخريات، اقتناع بجدوى العمل المشترك مع تعدد التخصصات. هناك أيضًا إحساسنا بالحاجة الملحة إلى إعادة قراءة التاريخ العربي، من منظور يأخذ في الاعتبار التشكل الثقافي الاجتماعي للجنس. لماذا؟

إن الهدف من إعادة قراءة التاريخ العربي، لا يقتصر على كونه هدفًا أكاديميًا يبغى المعرفة، ويطلب العلم غاية في حد ذاته. إن هدفنا من قراءة التاريخ العربي، يعتبر هدفًا سياسيًا في الدرجة الأولى؛ إذ إنه يعد تعبيرًا عن موقف من الحياة، واهتمامًا بالمشاركة الإيجابية في الواقع الثقافي والاجتماعي؛ من أجل إحداث تغيير أو تطور نحو حياة ثقافية واجتماعية أكثر عدلاً، وأكثر توازنًا لجميع أفراد المجتمع. ينصب اهتمامنا على قراءة التاريخ العربي، من منظور الـ gender، من منطلق أن النساء يشكلن جزءًا هامًا من المجتمع، وأنهن قمن بدور هام في صنع وتشكيل التاريخ العربي، وأنه لأسباب لا مجال للخوض فيها الآن تم استبعادهن من التاريخ الرسمي المدون. أو بعبارة أخرى تم تهميش دورهن، وتقليص حجم وأهمية مساهمتهن، مما أدى إلى تشويه التاريخ، ومن ثم تشويه الذاكرة الجماعية. ونظرًا إلى أهمية الذاكرة الجماعية في تشكيل الهوية، وفي تحديد عناصر الانتماء والترابط بين أفراد المجتمع الواحد، يكتسب البعد التاريخي أهمية خاصة.

هذا على سبيل التعميم. ولكن إذا افترضنا أن أي عمل بحثي، أو أي اهتمام علمي حقيقي، إنما يأتي تلبية لحاجة إنسانية، أو لضرورة اجتماعية، أو لظرف سياسي، يصبح من واجبنا أن نضع اهتمامنا البحثي هذا، في سياق الواقع الثقافي والسياسي لوطننا.

أولاً: في سياق الصراع الثقافي الذى احتدم في أواخر القرن الماضي، وبداية القرن الحالي، بين الأصالة والمعاصرة، بين خصوصية الثقافة العربية وعلاقتها بالعالمية، هذا الصراع الذي لم يحسم، بل استمر، ثم احتدم بعنف وعشوائية، مرة أخرى، في أواخر القرن العشرين، إنما هو صراع حول معنى ووظيفة التاريخ في علاقته مع الحاضر. كانت الأسئلة المطروحة، وما زالت تصاغ على النحو التالي: كيف نتحول إلى دولة حديثة، ونأخذ بسبل العلم والتطور، دون أن نفقد هويتنا، ودون أن نتنكر لتراثنا وتاريخنا الثقافي؟. كانت نتيجة هذا السؤال المغلوط، أن انقسم الناس، إلى فريقين متناحرين علا صوتهما، وفريق ثالث خافت الصوت والتأثير. لقد افترض السؤال، وكرس لفكرة وجود تناقض حتمى بين التراث والمعاصرة، وطرحت القضية في صيغة تضاد ثنائي بين قطبين؛ مما أدى إلى الفرقة. وترتب على هذا؛ ترسيخ مجموعة من المغالطات حول معنى التاريخ والتراث. فنجد – مثلاً أن مجموعة كبيرة من الأفكار السلطوية، أو الأفكار التي تكرس لدونية المرأة، أو التي تدافع عن علاقات طبقية غير عادلة بين أفراد المجتمع مبررة، وتجد شرعية باعتبارها مستقاة من التراث. وكما لاحظت ميرفت حاتم، كثيرًا ما نجد أن مصطلح التراث أو الهوية القومية، يستخدم بغرض الحفاظ على العلاقات السلطوية بين أفراد المجتمع، أو الحفاظ على الأدوار الاجتماعية غير المتوازنة بين النساء والرجال.

وفي ظل هذا المفهوم المشوه، لمعنى التراث والتاريخ، تتحمل المرأة عبئًا مضاعفًا؛ باعتبارها المسئولة الأساسية عن الحفاظ على التراث، أو مخزون القيم والمفاهيم السائدة المستمدة من التاريخ. التراث هنا – كما يستخدم في هذا السياق، هو تراث جامد، غير متجدد أحادى الملامح.

ثانياً: نجد في سياقات مرحلة ما بعد الاستعمار، جدلاً يثار حول الهوية القومية، وحول الخصوصية الثقافية بصورة مكثفة ومحتدة؛ بسبب اندلاع الصراعات السياسية، وغياب توازن القوى بين الشرق والغرب. ونجد أن هذا الظرف السياسي العالمي له أشد الأثر في تحديد وتوجيه مفهوم التراث. والهوية القومية لدينا. إن الكثير جدًا من مواقفنا الثقافية، من مناهج البحث في تاريخنا. إنما تأتى كرد فعل لما تصدره الثقافة العالمية السائدة عن حضارتنا وتاريخنا. ففكرة أن الثقافة العربية، هي عبارة عن كتلة جامدة وغير متجددة من المفاهيم والقيم، هي فكرة استعمارية بالدرجة الأولى، روج لها؛ للبرهنة على تفوق الشعوب المستعمَرة، بالمقارنة بالشعوب المستعمرة، ثم شاعت وتبناها بعض أبناء الشعوب المستعمرة؛ مما أفرز نوعين من رد الفعل: الأول: رأى أن السبيل الوحيد للتقدم، هو نبذ التراث والانتماء إلى العالمية. والثاني: سلك مسلك التحدى، وقرر الإعلاء من شأن التراث، والتمسك المفرط بالماضي. والآن يصبح هذا المفهوم الجامد للتراث، هو المفهوم السائد، والمسيطر على الساحة الثقافية، ومن ثم فهو أيضًا سلاح سیاسي خطير.

وكالمعتاد، تتحمل المرأة العبء الأكبر من أثر تلك المغالطات. فكما نبهت ليلى أحمد، استُخدمِت المرأة العربية، خلال المرحلة الاستعمارية، كرمز لتخلف الشعوب العربية، واعتبر وضعها المتدني في المجتمع، دليلاً على الاستبداد والقهر المتأصل في نظم الحكم العربية، وفي الرجال العرب. ومن هذا المنطلق، تحدث اللورد كرومر عن ضرورة تحرير المرأة العربية، من استبداد الرجل الشرقى (ولم يكن ذلك بسبب انحيازه إلى المرأة؛ فهو يتبنى موقفًا معاديًا لتحرير المرأة في بلده) كوسيلة للبرهنة على حاجة تلك الشعوب إلى الحكم الإنجليزي؛ لأنها في عرفه شعوب غير قادرة على حكم نفسها. إن الصراع الحضاري الجاري، في مرحلة ما بعد الاستعمار، الذي يتمحور حول التضاد المفتعل، بين الأصالة والمعاصرة، يعلى من شأن الاستبداد، ويعتبر أى مطالبة بحرية أو حقوق، نوعًا من أنواع التبعية، ويكرس كل المقولات التي اخترعها أمثال كرومر، عن العلاقة غير المتساوية بين الرجل والمرأة، ولكنه يعتبرها قيمًا تراثية ثمينة، يتعين الحفاظ عليها.

مرة أخرى، نحن نشهد صراعًا حول معنى التاريخ، ووظيفته في الحاضر. ومن منطلق إعادة قراءة التاريخ العربي، من منظور يأخذ في الاعتبار التشكل الثقافي والاجتماعي للجنس، نطرح الأسئلة التالية: عن أى تاريخ نتحدث؟. هل نعنى بالتاريخ، تاريخ السلطة والحكام، كما هي الحال في معظم كتب التاريخ الرسمي؟. أم نحن معنيون بتاريخ الناس، تاريخ الفئات الاجتماعية المختلفة التي تحتويها الشعوب؟ كيف نعرف التاريخ ؟ هل هو منظومة متماسكة، أحادية الشكل والمنطق، من القيم والمفاهيم والأحداث الاجتماعية والسياسية على مر العصور، يتفاعل معها، ويتأثر بها جميع أفراد المجتمع، بنفس الأسلوب وبنفس الدرجة؟ كيف يكتب التاريخ؟ من يكتب التاريخ؟ ما هي وجهة النظر السائدة في كتابة التاريخ العربي؟ ثم، ما هي الأحداث الجديرة بالدخول في التاريخ؟. من هى الشخصيات التي تحفظ ذكراها؟ والأهم من ذلك، من الذي يحدد ومن يختار تلك الشخصيات؟.

ليست في نيتي، محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، وإنما أضعها أمامكم من باب الإشارة وإسقاط المعاني. وأستخدمها توطئة للسؤال: أين النساء في التاريخ؟. أين النساء من كتابة التاريخ؟. إن البداية بالنسبة إلينا تتلخص في افتراض أنه على الرغم من تواجد النساء، ومشاركتهن في صنع التاريخ والحضارة، تم استبعادهن، وسادت الغلبة لوجهة نظر سلطوية مازالت سائدة، وتمارس هيمنتها على الساحة الثقافية، في مصر والعالم العربي.

مقالات المجلة

الصلة بين الآخر والذات المرأة البيزنطية في المصادر الإسلامية
الحملة الفرنسية على مصر: قراءة من منظور نسوى
إشكالية عصر النهضة في الصحافة النسائية اللبنانية
سير النساء والهوية الثقافية: نموذج عائشة
قراءة جديدة في وثائق قديمة هوامش على بعض الوثائق العربية في مصر
قراءة في تاريخ عابدات الإسلام
النساوية: صوت مسموع في النقاش الديني
علاقتي بأم نادر وشادية: العلاقات المتشابكة بين الباحثة والمبحوثة
تاريخ النساء. أم وجهة نظر النساء في كتابة التاريخ؟
امرأة ما بعد الحرب
المكبوت في الزمن المكتوب
دموع عائشة تيمور ونقد خطابي الحداثة والنسوى عن مصر في القرن التاسع عشر
الذاكرة النسائية البديلة؟
انعكاس صورة المرأة بين الحياة – الأدب، والأصولية، والتغريب
النساء بين ذاكرة العجز والتاريخ المعجز
التشكيل الثقافي للجنس. العمل والثقافة: تذكر تجارب العمل لدى الفلسطينيات الريفيات قبل نكبة ١٩٤٨
قراءة في كتاب السخاوي: النساء
التاريخ المنسي من يتذكر أدوار النساء في السياسة
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات