العدد التاسع عشر – المرأة الجديدة

التصنيفات: أرشيف صحفي

رقم العدد:

19

تاريخ النشر:

2007

رئاسة التحرير:

سكرتارية التحرير:

الافتتاحية

نُقبّل ترابها وننهض

كان عنوان افتتاحية عددنا السابق لنستعد للمعركة القادمةوهي المعركة التي أعلنتها الحكومة على منظمات المجتمع المدني والتي بدأت بتصريحات لوزير التضامن الاجتماعي، تدين العمل الأهلي، وفي أحد تصريحاته وصف منظمات المجتمع المدني بأنها كيانات غير نافعة في المجتمع، وأنها تحولت إلى مجرد لافتات ولا تقوم بأي دور، كما اتهمها بالفساد وبأنها تحولت إلى سبوبة.

لم تتوقف الحرب عند التصريحات، بل وصلت لحد حصار منظمات بالأمن المركزي وإغلاق مقارها، واقتحام أخرى ومصادرة أوراقها ومستنداتها، ونحن نعرف، والحكومة أيضًا تعرف أن المعركة الكلامية والأمنية هي مجرد بدايات للمعركة الأكبر، وهي مشروع القانون الذي ستتقدم به الحكومة إلى مجلس الشعب الذي يهدف إلى تشريع المزيد من القيود التي من شأنها تكبيل العمل الأهلي والقضاء عليه، ذلك المشروع الذي نتوقع أن يصدر في غيبة من المجتمع ومنظماته المدنية استمرارًا لمنهج سلق القوانين خاصة تلك التي تنتزع ما تبقى لنا من حقوق ديمقراطية وسياسية واقتصادية في ظل سياسات معادية للديمقراطية، ومن خبرتنا المريرة بها نعرف أن ما يعد – بليل كما يقولون سيصدر اعتقادًا من مصدريه أنهم يوجهون ضربتهم القاضية بالقانون القادم لمنظمات المجتمع المدني، وكأنهم لم يكتفوا بالقيود الموجودة في القانون الحالي، ولم يكتفوا بإطلاق يد الأمن في عمل المنظمات الأهلية، وقد اعترف وزير التضامن نفسه بالتدخلات الأمنية في عمل المنظمات.

ولمواجهة هجمة الحكومة أطلق عدد من منظمات المجتمع المدني حملة تحت شعار الحق في التنظيمنقدم تقريرًا عنها في هذا العدد، كما نقدم تحقيقًا يناقش التفاف الحكومة على العمل الأهلي بتشكيل كيانات حكومية تقوم بدور المنظمات الأهلية وكأن الحكومة أنجزت ما عليها من أدوار ومهام فقد أعلن وزير التضامن عن إنشاء ما أسماه بـ المؤسسة القومية للحج والعمرةمما أثار الجمعيات الأهلية العاملة في هذا المجال ووصفت خطوة الوزير بأنها ذبح لها، كما قام بالإعلان بمشاركة عدد من الوزارات عن تأسيس ما سمي: “بصندوق الخير للعلاجوهنا لابد أن نتوقف، ففي الوقت الذي ينشئون فيه صندوقًا أهليًا من التبرعات لعلاج الفقراء يصدر رئيس الوزراء قرارًا بتحويل هيئة التأمين الصحي لشركة قابضة هادفة للربح تمهيدًا لخصخصتها، ودفاعًا عن الحق في الصحة، وتحت هذا الشعار أطلق عدد من مؤسسات المجتمع المدني حملة تطالب بإلغاء قرار رئيس الوزراء.

كما تبنت منظمات حقوقية رفع دعاوى قضائية بأسماء عدد من المنتفعين والعاملين بالتأمين الصحي، للطعن في عدم دستورية القرار حيث إن أموال التأمين الصحي أموال خاصة ومملوكة للمنتفعين وليس من حق الدولة التصرف فيها ولا في الأصول من مستشفيات وعيادات، وقد أكدت حملة المنظمات الأهلية أن صحة المواطنين ليست سلعة مطروحة في سوق الاتجار وبزنس المستشفيات الفندقية.

وبينما نحن نواصل فتح ملف ظاهرة أولاد الشوارعونقدم زوايا جديدة تضاف لما سبق وقدمناه في العدد السابق منها تحقيق يكشف عن كارثة إنسانية مصاحبة للظاهرة، وهي الاتجار في مواليد بنات الشوارع، ونكشف عن أسباب هروبهن من دور الرعاية، كما نقدم حوارًا مع الدكتورة نبيلة الشوربجيتقدم فيه رؤية تستحق المناقشة لعلاج الظاهرة، كما نقدم تحقيقًا حول دور الدولة والمجتمع في مواجهة تزايد عدد أطفال الشوارع، وتشاركنا في الملف بالرؤية والموقف الزميلة الكاتبة كريمة كمال“.

نقول بينما تحاول منظمات المجتمع المدني أن تقوم بدورها تجاه هذه الظاهرة فإننا قد توقفنا عند اتهام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب لوزير التضامن الاجتماعي بالتقصير في معالجة ظاهرة أبناء الشوارع في جلسة عقدت في الأيام القليلة الماضية، وهي الجلسة التي لم يحضرها الوزير، وأثار عدم حضوره استياء النواب، وقد حضرتها نيابة عنه الدكتورة رباب حسني” – مستشارة الوزيروقدمت تقريرًا حول ما تم إنجازه، والحقيقة أنه لم يتم أي إنجاز، فعدد مؤسسات الرعاية التي ذكرتها كما هي ولم يضف إليها رقم جديد، كما أشارت لبرامج تأهيل للأخصائيين المتعاملين مع الظاهرة، والحقيقة أيضًا أننا سبق واستمعنا وقرأنا عن هذه البرامج في مناسبات قديمة.

وعندما تطرقت مستشارة الوزير لأسباب الظاهرة الأساسية والتي حددتها في الفقر والتفكك الأسرى وذكرت أن الوزارة قد رفعت قيمة معاش التضامن من 75 إلى 100 جنيه، هنا استنكر النواب بشدة هذا الرقم لضآلته ولكونه ليس دخلاً يحمي من الفقر الذي يدفع الأطفال للهرب والانحراف.

كنا في العدد الماضي قد عرضنا لظاهرة التحرش بالنساء في الشوارع، ورصدنا أن شوارعنا لم تعد آمنة في غيبة الأمن المشغول بحصار المنظمات الأهلية والمتظاهرين والمطالبين بحقوقهم: لذلك ولانشغال الأمن وغيابه عن الشارع، لم يعد الاعتداء على النساء مقصورًا على التحرش باللفظ أو اللمس، فقد تطور للاعتداء بالأسلحة البيضاء فيما عرفناه بسفاح المعادي وعجزت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض عليه حتى الآن، ويبدو أن هذا العجز كان سببًا ضمن أسباب أخرى في انتشار جرائم خطف واغتصاب الإناث وهي الجرائم التي نقدم تحقيقًا نطالب فيه بتفعيل مواد القانون المغلظة للعقوبة على مرتكبيها، كما ندعو منظمات المجتمع المدني الحقوقية والنسوية والأحزاب والكتاب إلى اتخاذ موقف قانوني من مطلقي فتاوى الفضائيات التي تستبيح النساء وتحط من شأنهن مما شكل ثقافة تضع النساء في وضع متدن وتجد فيها تبريرًا بل وتحريضًا على انتهاك إنسانيتهن وحقوقهن ولنرفع في وجه من يستبيح وجودنا شعار مش من حقك” – مفتيًا كان أو موتورًا أو مكبوتًا أو سلطة أيًا كانت وهو الشعار الذي رفعته عدة منظمات أهلية في احتفالها بيوم المرأة العالمي. وفي مواجهة ورفض جميع أشكال التمييز القائمة على النوع أو الدين أو العرق، التمييز الذي يقضي على مفهوم وحقوق المواطنة التي نص عليها الدستور ورغم الألم ندين بقوة أحداث الفتنة الطائفية في قرية بمهابالعياط التي تؤكد أن التمييز ورفض الآخر أصبح ثقافة راسخة علينا مواجهتها بكل جهودنا، خاصة مع مظاهرها المحزنة في الواقعة الأخيرة التي تمثلت في اقتحام الشباب المسلمين بالقرية بيوت المسيحيين وإحراقها واستهداف النساء بالضرب والسحل في الشارع.

وفيما يبدو أن منطق استباحة النساء وإهدار كرامتهن انتقل من الشارع ومن بين أنياب المغتصبين والمتحرشين إلى أروقة ومكاتب متخذي القرارات وإلا بماذا نفسر عقد وزيرة القوى العاملة لبروتوكول” – هكذا أسمته لتنظيم العمالة بين مصر والسعودية، يقضي بشحن ١٢٠ ألف امرأة مصرية للعمل كخادمات بالمملكة، وقد بررت الوزيرة قراراها، بأنهن سيعملن تحت حماية الدولة المصرية، ولها نقول: “هل الحكومة المصرية سبق وقدمت أي رعاية لمواطنيها في الخارج؟وهل نذكر الوزيرة بمأساة الطبيب المصري الذي تعرض طفله للاغتصاب من سعودي وعندما أبلغ كان عقابه السجن والجلد ؟! هذا مجرد مثال ثم ترى الوزيرة أن البروتوكولسيحميهن من التحرش، ولا نعرف هل سترسل خفيرًا لحراستهن؟ وعندنا سؤال يجيء بالمناسبة، وهو هل خادمات المنازل بشكل خاص والعاملات بشكل عام محميات في مصر من التحرش؟ تعرف الوزيرة وهي النقابية العتيدة حجم تعرض النساء للتحرش في مصر وتعرف أن مصر ليس بها قانون ينص صراحة على إدانة التحرش، فهل سيفرض هذا القانون وتشرعه في السعودية؟ أم بأي قوة ستحمي بناتنا من التحرش؟ ثم ترى الوزيرة أو الحكومة أن بناتنا يسافرن للدول العربية للعمل خادمات بها وبدونها ونحن نقر بذلك، ولكننا نسأل لماذا تضطر بناتنا لهذا الرحيل؟ أليس مما يدفعهن للسفر الفقر والعوز؟ ذلك الفقر الذي أنتج ظاهرة زواج الصغيرات من العرب وأنتج أطفالاً بلا آباء ولا نسب ولا وثائق تحمي حقوقهم كمواطنين أمهاتهم مواطنات مصريات؟ ثم تردد حديث عن المساهمة في التنمية..أية تنمية تلك؟! ونحن حسب معلوماتنا المتواضعة أن التنمية هي التصنيع، الزراعة والتجارة والتنمية هي تمكين البشر من الحصول على الموارد والسيطرة عليها والمشاركة في اتخاذ القرار. نعم ستضطر بناتنا للعمل خادمات في الخارج، كما سبق واضطر شبابنا للهرب من الفقر عبر البحر وعادوا جثثًا هامدة، وكما اضطر شبابنا للعمل في تطهير خزانات الصرف الصحي في أحد مصانع الأردن، هل تتذكرهم الوزيرة؟ كانوا سبعة من شباب مصر غرقوا أثناء عملهم وعادوا في توابيتهم بعد أن تسول الناجون تكاليف إعادتهم، هؤلاء جميعًا مواطنون مصريون لهم حقوق إن لم يحصلوا عليها في بلادهم فلن يحصلوا إلا على المهانة والقهر والاستغلال في بلاد الناس، ونعتقد أن الوزيرة تعرف أن العاملات في المنازل وفي المحلات وفي المصانع وفي الحقول يحتجن لقانون ينظم علاقات العمل ويضمن لهن حقوقهن المهدرة مرة بسبب طبيعة العمل ومرة بسبب قوانين وسياسات التكيف الهيكلي.

وبالمناسبة نذكر أن عددنا يضم عرضًا لباحثة سعودية حول أوضاع النساء الفقيرات في المملكة وحجم المعاناة والذل الذي يتعرضن له بسبب الفقر المدقع من ناحية، ومن ناحية أخرى ولأنهن فقيرات فهن يتعرضن لضغوط اجتماعية أشد قسوة ومهانة. ورغم ترابط حلقات وأسباب الفتنة الطائفية والاغتصاب وأولاد الشوارع وخصخصة التأمين الصحي، وترحيل بناتنا للخدمة في البيوت ومطاردة المجتمع المدني، هذا الترابط الذي تبدو معه الصورة قاتمة، إلا أننا ورغم كل شيء نتنفس عشق هذا الوطن.

وتتملكنا الرغبة نفسها التي تتملك الزميلة نولة درويشكلما سافرت وعادت وعبرت عنها في عمودها خواطر على الطريق أن ننحني على ترابه ونقبله.

أسرة التحرير

مقالات الاعداد

موقف غير أخلاقي بالمرة
الجمعيات الأهلية في مصر.. الضحية والجلاد
مطبوعات
السيطرة على العمل الأهلى وأموال الفقراء
المرأة الجديدة مع بنات وأمهات أطفال الشوارع
المشكلات الاجتماعية للمرأة الفقيرة في السعودية
المعاناة الجنسية للنساء..
تحية لنساء مصر
ردًا على التدخلات الأمنية والإدارية في شئونها
مش من حقك شعارنا في احتفال يوم المرأة
من يحمى بنات الشوارع في مصر؟
منظمات أهلية.. ومحاولة لتلوين وجه الحياة
الاغتصاب بين مواد تخفيف العقوبة وفتاوى تحمل النساء مسئولية حدوثه!
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي