النساء والسلطة

طباعة: Promotion Team

رقم العدد:

4

رقم الطبعة:

الأولى

تاريخ النشر:

2004

رئاسة التحرير:

افتتاحية

يتناول هذا العرض من طيبة موضوعًا شائكًا يتعلق بعلاقة النساء بالسلطات الرسمية من سلطات سياسية وتشريعية وتنفيذية، ومدى إسهام إحدى هذه السلطات أو بعضها أو كلها مجتمعة في تكريس التمييز ضد النساء، والذي تم تناول الشكل الشعبي منه في العدد الماضي. كما يتناول العدد أيضًا. محاولات النساء للنفاذ من خلال أحابيل تلك السلطات؛ لتحقيق بعض أهدافهن في الحصول على حقوقهن السياسية والاجتماعية.

وفي إطار التعرض لبعض هذه السلطات، تأتى ورقة العدالة تفتح عينيهاللباحثة الشابة لمياء لطفى، وفيه تقارن لمياء بين أحكام الزنا في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي المصري، حيث يظهر التناقض الشديد بين أحكام الشريعة في حالة الزنا والتي تساوى بين الرجل والمرأة، وأحكام القانون المصري الذي تتميز بالانحياز الشديد إلى الرجل في تحدٍ صارخ لأحكام الشريعة، رغم الإدعاء بأن الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين.

كما يحتوى العدد أيضًا على بحث آخر مترجم عن القوانين، التي تميز بين النساء والرجال وهو بحث لباحثة قانونية شابة أيضًا هي باسكال فورينيه، وفيه تقدم صورة أخرى من صور التمييز ضد المرأة أمام القوانين، ولكن التمييز هنا لا يأتى من منطلق ذكوري، أبوى، كما هو الحال مع أحكام القضاء المصرى، التي تعكس وضع المرأة كملكية خاصة للرجل، ولا تقيم وزنًا كبيرًا لمشاعرها. ففي حالة أحكام القضاء الكندي.. تتدخل عناصر أخرى تتمثل في النظرة إلى الإسلام كآخر، وإلى المسلمين كطائفة غريبة من البشر. وينتج عن هذه النظرة إما ألا يطبق القاضي أحكام القضاء الكندي حتى في مجال المعاملات المادية الواضحة، حيث المتقاضين ينتمون لتلك المجموعة الغريبة من البشر (المسلمين)، أو ألا يعترف القاضي بأية اتفاقات تمت بين هؤلاء الأشخاص في إطار ديني إسلامي، بزعم أن هذا الاتفاق لا يتفق وطبيعةالعلاقات الإنسانية، فتكون الطبيعةهنا هو ما نشأ عليه هذا القاضي في مجتمعه الغربي، وفي كلتا الحالتين تعانى المرأة المسلمة، كما توضح الكاتبة في بحثها، من خلال الأمثلة الحية التي تسوقها، ويثير هذا البحث قضية قضاء الأقليات في كافة المجتمعات، وما يتضمنه من قهر مزدوج ضد النساء.

كما يتعرض العدد أيضًا للسلطات التشريعية متمثلة في المجالس النيابية، حيث يعرض لكتاب المرأة في المجالس النيابية المنتخبة تحرير سلوى شعراوي جمعة، ويتضمن عدة أوراق، تتناول كل منها نظام الحصص (تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس النيابية)، وتتراوح الأوراق بين تجارب بلاد متقدمة تنعم بقدر كبير من الديمقراطية مثل السويد والدانمارك، وبلاد فقيرة نامية مثل بنجلاديش وأوغندا.وتخلص ياسمين صلاح الدين، كاتبة العرض، في نهاية عرضها، إلى أن كل التجارب، بما فيها تجارب الدول الديمقراطية المتقدمة، تعكس قدرًا من التمييز ضد النساء في المجالس النيابية، تحاول التغلب عليه بنظام الحصص الذي اختلفت حوله الآراء، وإن كنا نرى أنه إحدى وسائل تعويض النساء عن حرمانهن من المشاركة السياسية لفترات تاريخية طويلة، تسببت في ضعف هذه المشاركة عند الحصول على الحق فيها، كما يثبت أحمد زكي في بحثه الوثائقي عن النساء في البرلمان المصرى، وفيه يقدم صورة لمشاركة النساء من حيث خلفية هؤلاء النساء الثقافية والاجتماعية والأسباب التي أدت إلى تعيينهن أو انتخابهن كعضوات بالبرلمان، بالإضافة إلى التطرق إلى مساهمات هؤلاء النساء من حيث الكم والكيف.ويخلص الباحث إلى أن إسهامات النساء تتميز في مجموعها بتجنب المواجهات الحادة مع الحكومة، وإن كانت تأتى بنسبة معقولة، إذا أخذنا نسبة عدد النساء إلى نسبة عدد الأعضاء جميعًا في الاعتبار.

وفي ورقة هالة كمال عن الحركة النسائية كحركة سياسية، تقدم الكاتبة صورة لصراع النساء مع السلطات السياسية على مدى تاريخ حركتهن، فكما تقول هالة كمال في ورقتها تبدأ الحركة دائمًا في إطار حركة سياسية وطنية، يحتاج فيها الرجال والوطن بأجمعه إلى جهود الجميع، ولكن عندما تأتى الحركة السياسية ثمارها يتمتع الرجال فقط بقطف تلك الثمار دون النساء اللاتي يطلب منهن العودة مرة أخرى إلى بيوتهن؛ مما دفع النساء إلى القيام بحركتهن الخاصة، التي تتبنى قضايا النساء كنقطة انطلاق أساسية، ولكن الكاتبة تؤكد أيضًا. كون الحركة النسوية حركة سياسية واجتماعية أيضًا؛ حيث تقوم على إدراك علاقات القوى السائدة في المجتمع والتنظيم في سبيل تغييرها في مواجهة السلطات القاهرة“. وفي إطار هذه العلاقة بين الحركة النسوية والسلطة، تأتي ورقة يسرى مصطفى التي يعرض فيها لشكل من أشكال تهميش قضايا المرأة، عن طريق التركيز على القضايا الوطنية والسياسية وإرجاء المطالب النسائية حتى يتثنى الوقت، مما نحى بهذه المطالب دائمًا إلى ذيل القائمة.أن هذه الورقة تقوم على قراءة لشهادات مجموعة من النساء الناشطات في حركة تدعى التقدمية وهي الحركة الشيوعية المصرية.. إلا أن موقف القيادات – بما فيها النسائية منها – تتخذ الموقف نفسه من قضايا النساء، بوصفها قضايا فرعية لا تجب مناقشتها حتى تحقيق الأهداف الوطنية الأعلى” .

ولا تكتفى السلطة بأنواعها بتهميش قضايا النساء، ولكنها كثيرًا ما تتخذ موقفًا عدوانيًا منها، وهذا ما يوضحه كتاب العولمة، والجندر والدين الذي تعرضه سهى رأفت، والذي يحتوى على مجموعة من الأبحاث يعرض كل منها لموقف السلطة الدينية والحكومية في عدة بلدان كاثوليكية وإسلامية من قرارات مؤتمر بكين، الذي تميز في معظمه بالرفض القاطع لهذه القرارات والدعوة لمقاطعتها، بزعم أنها تتناقض وتعاليم الشرائع السماوية، مع عدم دقة هذه العبارة في كثير من الأحيان .

وفي كتاب نساء في مواجهة نساء لعزة كرم، والذي تعرضه لقرائنا هند إبراهيم، تقوم عزة كرم بتقديم صورة للسلطات الفاعلة في المجتمع المصرى من سلطة الدولة وسلطة الجماعات الإسلامية، بالإضافة للجمعيات الأهلية التي تقوم على أسس علمانية، وتقدم صورة مقربة للتفاعلات بين هذه السلطات المختلفة والأسلحة التي تستخدمها كل سلطة عن طريق إجراء مقابلات مع أهم ممثلات كل سلطة ومناقشتهن في رؤيتهن لنوع العلاقات بين السلطات وأثرها على علاقات القوى في المجتمع المصرى .

أما إليزابيث بيشوب فهي تقدم في ورقتها رؤية تتسم بالجدة في علاقة النساء بالسلطة، حيث تقدم الورقة لدور النساء في البيروقراطية المصرية (التي تمثل في أحيان كثيرة سلطة الدولة، حيث الدولة هي من يحفظ ملفات المواطنين ويمتلك المعلومات عنهم)، وتزعم بيشوب في ورقتها أنه باحتلال النساء للوظائف الكتابية في كافة المصالح الحكومية، بما فيها العسكرية منها، يتم تأنيث البيروقراطية .. وبالتالي تأنيث الدولة المصرية نفسها. وقد نتفق أو نختلف حول تلك النتيجة ولكنها بلا شك تفتح المجال لمزيد من الدراسات عن النساء في هذا القطاع الحكومي وما يتمتعن به من سلطة، وهل ستؤدى هذه السلطة البيروقراطية بالنساء إلى التدرج في المناصب الحكومية، حتى يصلن في يوم من الأيام إلى ارتقاء أعلاها، وأن يتحقق نوع من التأنيث الحقيقي للدولة المصرية ؟

وإذا كانت الأبحاث السابقة تدور حول نماذج محددة لممارسات السلطة في أماكن بعينها.. فإن الأبحاث التالية تدور حول نظريات السلطة في علاقتها بالنساء، وفي هذا السياق يأتي بحث رجائى موسى عن ما بعد النسوية، وهي نظرية يزعم موسى أنها تعمل على هدم السلطة المركزية من موقعها في الهامش، حيث المزيد من الحرية التي يتيحها على هدم الوجود على الهامش .

أما الدراسة النظرية الثانية فهي لا تحتاج لتقديم حيث هي عرض لكتاب أصل العائلة لفريدريك إنجلز، وهو كتاب مؤسس في مجال التأريخ لعلاقة النساء بالسلطة أو بفقدها، مع ظهور المجتمعات الذكورية الأبوية، كما تثير نولة درويش في عرضها بعض التساؤلات التي كثيرًا ما راودت قراء هذا الكتاب، الذي يقدم كثيرًا من النظريات دون القدرة على البرهنة العلمية عليها.ولكنه مع اختلافنا معه، يجب أن نعترف إن مجرد التفكير في الموضوع ومحاولة استخلاص النظريات حوله هو محاولة جديرة بالتقدير الذي حصل عليه الكتاب، منذ ظهوره حتى الآن، والدليل على أهمية نظريات إنجلز حول أصل العائلة وارتباطها بالنظام الأبوي والسلطة يظهر في بحث آخر مترجم لراينا راب يتضمنه هذا العدد، حيث أقامت راب في دراستها البناء على أطروحات إنجلز الخاصة بأصل الدولة وهى تربط بينها وبين النظم السياسية الحديثة بما فيها الاستعمار وأدواره في العالم الثالث، ولكن ما يؤخذ على هذه الدراسة أنها تنطلق من أطروحات إنجلز كقضايا مسلم بها، دون محاولة مناقشتها قبل بناء أطروحتها الخاصة عليها .

وإذ تدعو هيئة تحرير المجلة قارئتها وقراءها إلى الاستمتاع بتلك الوجبة الدسمة من الأبحاث والدراسات الخاصة بعلاقة النساء بالسلطة تدعوهم أيضًا إلى الاشتباك في حوار حول ما يقدم في العدد من أفكار وأطروحات مثيرة للجدل إلى درجة الاستفزاز في بعض الأحيان؛ ونحن نرحب بكل الاستجابات.كما نلح كعادتنا في التعرف على الآراء النقدية حول مواد العدد حتى يتثنى لنا أن نقدم ما يطمح إلى تقديمه كل من قارئات وقراء طيبة“.

مقالات الاعداد

النسوية بين الوعي القائم والوعي الممكن
أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة
نساء في مواجهة نساء
العولمة والنوع الاجتماعي والدين
تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة
أصل الدولة والتفكير حول النساء
محو التمايز الإسلامي في الأحكام القضائية الكندية والأمريكية المتعلقة بالأسرة
الحركة النسائية حركة سياسية
المرأة والبرلمان
الحركة الشيوعية المصرية وقضايا المرأة
تأنيث البيروقراطية المصرية
عندما تفتح العدالة عينيها
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي