النساء والعمل
رقم الايداع:
2003/12138
رقم العدد:
8
رقم الطبعة:
الأولى
تاريخ النشر:
2006
رئاسة التحرير:
هيئة تحرير:
تصميم:
افتتاحية
يتناول هذا العدد من مجلة طيبة الوجه الآخر لموضوع قد تناولناه من قبل هو “النساء والفضاء الخاص“، موضوع العدد السادس من طيبة. وكما ذكرنا من قبل في افتتاحية ذلك العدد إن الفصل بين الوجهين – الفضاء الخاص والفضاء العام / العمل، هو فصل تعسفى، ثم اللجوء إليه إجرائيًا لتسهيل البحث في كلا الوجهين. ويتضح هذا أكثر ما يتضح في دراسة هانية شلقامي حول “مستقبل تمكين المرأة ووعود العمل“.
لقد قامت هانية شلقاني ورقتها في مؤتمر” مستبقل الحركة النسائية في مصر” ، الذي صدرت أبحاثه في العدد ا لماضي، ولكن ارتأت هيئة التحرير تأجيل نشر هذه الورقة للعدد الخاص بالنساء والعمل، حيث تقدم هذه الورقة نتائج دراسة ميدانية طويلة ومعمقة حول الأمان الاجتماعي المتوفر، أو غير المتوفر، للنساء في أماكن العمل. ومن أهم إسهامات هذه الدراسة توسيع مفهوم الأمان الاجتماعي، حيث لا يعني فقط الضمان المادي ولكنه يشمل أيضًا وسائل الاحترام وحفظ الكرامة، وهي أمور كثيراً ما يتم تجاهلها تمامًا عند تناول مفهومي الرفاه والأمام الاجتماعي. تسعى الدارسة أيضًا إلى إعادة النظر في نظرية أن العمل وسيلة لتمكين النساء، في دعوة لضم السياق الذي يتم فيه العمل لوسائل قياس هذا التمكين. وتأتي ورقة هالة شكر الله تحت عنوان: ” من البيت إلى موقع العمل, والتي قدمت أيضاً في مؤتمر “مستقبل الحركات النسائية في مصر” , لتؤكد فكرة أن عمل النساء ليس بالضرورة وسيلة لتمكينهن، بل وقد يكون أيضًا وسيلة للقهر والاستغلال، تقوم الورقة على دارسة ميدانية وتورد الكثير من الاقتباسات عن أحوال النساء في مجال العمل في صناعة النسيج على ألسنتهن، مما يضفي على الورقة كثير من الحيوية، كما تؤكد نولة درويش في تعقيبها على هذه الورقة. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الورقة بعدًا عولميًا لمشاكل النساء في مجال العمل عن طريق إلقاء الضوء على سياسات الخصخصة وتأثيرها على مكاسب العمال بصفة عامة, والعاملات بصفة خاصة.
وتأتي ورقة أحمد زكي عثمان لتؤكد على بعض الأفكار في الورقتين السابقتين بالإضافة إلى مقاربة تاريخية وقانونية لعمل وثقافة المرأة في مصر منذ أواخر القرن التاسع وحتى الوقت الراهن، وتركز الورقة على المواقف الرسمية من عمل النساء طوال هذه الفترة ودورها في تشكيل الخطابات المجتمعية أو التشكل بها. ومن أهم إسهامات هذه الورقة هو التحليل الدقيق لأسباب هذه المواقف وتغيرها من مرحلة إلى أخرى. كما تخلص الورقة إلى بعض النتائج المهمة فيما يختص ببطالة النساء وقصور القوانين الخاصة بعملهن.
في ورقتها حول قوانين العمل المصرية والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر والخاصة بحقوق العمال، تؤكد ياسمين إبراهيم من خلال دراسات الحالة المشكلات القانونية التي تتعرض لها النساء، والتمييز ضدهن في أماكن العمل بسبب أدوارهن المنزلية والرعائية. أما ورقة صابر بركات فتركز على قوانين التأمينات الاجتماعية، وتخلص من خلال الأرقام والإحصائيات إلى تأكيد ما أشارت إليه كل الأوراق السابقة من ظلم النساء في أماكن العمل. وتتميز الورقتان بوضع القهر وتدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانعدام الأمان الوظيفي لدى العاملات في سياق الظلم الواقع على العمال في مصر بصفة عامة، مما يؤكد على ازدواجية القهر بالنسبة للنساء، حيث يقهرن مثل زملائهن من العمال الذكور، بالإضافة إلى التعرض للتمييز بسبب الجنس.
وتأتي عروض الكتب الثلاثة التي يضمها هذا العدد لتؤكد على أفكار الدراسات، فيقدم كتاب النساء والرجال في العمل، التي تعرض له هالة كمال التحديات التي تواجه النساء في العمل ومظاهر التمييز ضدهن في العالم الغربي، بينما يركز كتاب: المرأة المعلومة: تقارير حول مستقبل من عدم المساواة التي تعرض له نولة درويش على هذه التحديات في دول العالم الثالث ودور سياسات العولمة في تعقيد المشكلات في مجال العمل بالنسبة للنساء. كما يركز وظائف أكثر وأفضل للمرأة:دليل عمل التي تعرضه هند إبراهيم على مشكلات النساء، وخاصة الفقيرات منهن، في مجالات العمل كما نوقشت في مؤتمر بكين 1995 وأيضًا إعلان كوبنهاجن في القمة العالمية للتنمية الاجتماعية في نفس العام. ومن المثير للاهتمام أن الكاتبات الثلاث قد حملن السياسات الرأسمالية الهادفة للربح دون الاهتمام بالاعتبارات الإنسانية مسئولية معاناة العمال في جميع أنحاء العالم، وخاصة النساء، حيث تثبت الإحصائيات أنهن الأكثر عرضة للبطالة ولسياسات الإفقار.
وتؤكد الدراستان القيمتان لكل من المفكرتين الهنديتين شاندرا موهانتي ولاكشمى لينجام أفكار استغلال وإفقار النساء في ظل النظام العولمي الليبرالي الجديد. ولكن ما تضيفه شاندرا موهانتي هو ضرورة وعى النساء، وخاصة من تعمل منهن بالبيت، بكونهن نساء عاملات، وبالتالي بضررة الحاجة لتنظيم أنفسهن مع النساء العاملات الأخريات عبر القارات من أجل مواجهة سياسات الإفقار والاستغلال. أما لينجام فتعرض لمجموعة من الأدبيات التي تتناول أثر سياسات العولمة على عمل النساء، خاصة أيضًا هؤلاء العاملات في منازلهن، على حياة النساء في أسرهن المعيشية من منظور اقتصادي أكثر اهتمامًا بموضوعات العرض والطلب وأساليب الرأسمالية الاستعمارية الجديدة.
وتأتى دراسة إلين كقاندة حول: “تجسيد العمال الذكور باعتبارهم آباء في الحياة العملية المرنة” لتقديم الوجه الآخر لعمل النساء في ظل نظام العولمة، وهو عمل الذكور وأثره على أدوارهم كآباء. وتؤكد الدراسة أنه كما يساعد هذا النظام العولمي الرأسمالي على تكريس الأدوار الجندرية للنساء كربات بيوت حتى وإن كن يعملن بأجر، كما تطرح موهانتي في دراستها، فإنها أيضًا تكرس أدوار الذكور كعاملين فقط إهمال أدوارهن كأزواج وآباء. ويأتي ذلك من خلال مجموعة من السياسات المسماة بالحياة العملية “المرنة“، والتي تؤدي بالعامل أن يكون ملك المؤسسة بالكامل و “تحت الطلب” في جميع الأوقات، مما يصعب التزامه ببعض الواجبات العائلية الرعائية.
وأخيرًا ، تأتى شروط وثيقة عقد زواج “عجم“، امرأة عاملة من القرن السادس عشر، لتؤكد فكرة أن عمل النساء في مصر ليس بالجديد أو الناتج فقط عن الاحتكاك بالغرب، كما يدعى البعض، وإنما هو حق تمتعت به النساء قبل ذلك بحقب عديدة، وإن كان يجب النص عليه في عقد الزواج، مما يؤكد عدم شيوعه بدرجة كافية، كما يوضح رمضان الخولي في عرضه لهذه الوثيقة.
وختامًا، نرجو أن يقدم هذا العدد إسهامًا قيمًا في أدبيات عمل النساء، خاصة في مصر والعالم العربي، وأن يشجع الباحثات والباحثين على مزيد من الدراسات، وخاصة في ظل التغيرات المتلاحقة في سوق العمل في ظل العولمة بالنسبة لكل من الرجال والنساء.