الفتاة

التصنيفات: أرشيف صحفي
طباعة: Promotion Team

رقم الايداع:

2007/17648

الترقيم الدولي:

977-5895-19-7

رقم الطبعة:

الطبعة الثانية

تصميم الغلاف:

التدقيق اللغوى:

التقديم:

إشراف:

مقدمة

هدى الصدة

صدر العدد الأول من مجلة الفتاة في الاسكندرية في ٢٠ نوفمبر ۱۸۹۲ لصاحبتها هند نوفل. وللفتاة دور ريادي في تاريخ مساهمة النساء في مجال النشر والإبداع، حيث أنها أول مجلة نسائية تنشر في مصر في أواخر القرن التاسع عشر أي مجلة تحررها امرأة، وتساهم فيها النساء بكتابة المقالات، كما أنها تخاطب النساء بالدرجة الأولى لما تحتويه من موضوعات تخص النساء على وجه التحديد. إلى جانب ذلك، تعد الفتاةإضافة هامة في الساحة الثقافية العربية التي شهدت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر طفرة في عدد الصحف والمجلات الصادرة في مصر على وجه الخصوص، ساهمت بشكل مباشر في تشكيل ملامح الدولة الحديثة.

تنتمي هند نوفلالى عائلة سورية جاءت الى مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مثلها مثل عائلات سورية كثيرة أخرى، جاءت هربا من بطش العثمانيين في سوريا وبحثًا عن مناخ ثقافي حيوي. كانت عائلتها وثيقة الصلة بالوسط الثقافي في مصر، فكان أبوها كاتبًا وساعدها في إدراة المجلة، وأيضًا أمها، مريم النحاس، كان لها كتاب عنوانه معرض الحسناء في تراجم مشاهير النساء. وعلى الرغم من قصر عمر الفتاة حيث أنها توقفت بعد صدور آخر عدد في 16 مارس ١٨٩٤، إلا أنها كان لها الفضل في تشجيع النساء على الكتابة في الصحف والمجلات والمشاركة في الحوارات والمناقشات الاجتماعية والسياسية. وتوالت المجلات النسائية حتى وصل عددها إلى حوالي الثلاثين مع بدايات القرن العشرين

و للفتاةأهمية تاريخية لعدة أسباب، فبالاضافة الى كونها أول مجلة نسائية تصدر في مصر، نجد أن تاريخ ظهورها سنة ١٨٩٢ مهم لعدة أسباب، ففي هذه السنة بالتحديد، صدر العدد الأول من مجلة الأستاذلصاحبها عبد الله النديم، وهي مجلة، كما يصفها النديم في العدد الأول، علمية تهذيبية فكاهيةلا تتعرض للسياسة.! ومن الملفت للنظر بعض التشابه بين الفتاة و الأستاذمن حيث عرض النشر، فتصف هند نوفل مجلتها على النحو التالي:

هي جريدة علمية تاريخية أدبية فكاهية مختصة في جنسها مبتكرة تحت سماء الشرق بموضوعها لا غرض لها في الأمور السياسية، ولا منزع فيها إلى المشاحنات الدينية، ولا غاية لها من البحث في مواضيع لا فائدة منها للنساء، ولا مطمع لها في المناظرات إلا ما كان في أدب الهيفاء ومحاسن الحسناء.(21)

وكما تناول النديم في مجلته موضوعات اجتماعية جدلية، مثل العلاقة بين الرجل والمرأة، وأدوار النساء والرجال في العصر الحديث، وهي موضوعات مهمة تقع في صلب مشروع النهضة والتحرر من الاستعمار، وأدت في نهاية الأمر إلى إيقاف إصدار الجريدة في ۱۸۹۳، تعرضت هند نوفلفي مجلتها إلى هذه الموضوعات بالتحديد، فكانت المعالجة سياسية، بتعريف أوسع للسياسة باعتبارها موقف من الحياة، حيث أنها ساهمت في تشكيل الخطاب السائد حول القضايا المطروحة في المجتمع. ii

وتعد سنة ١٨٩٢ مهمة أيضا؛ لأنها شهدت ظهور کتابمرآة التأمل في الأمورلعائشة تيمور، وهو من أهم الكتب الصادرة بقلم امرأة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. يتناول الكتاب وضع المرأة وأدوراها الاجـتـمـاعـيـة الجديدة في ظل المتغيرات الحاصلة في المجتمع. تنتقد التيمورية السلوكيات الجديدة في المجتمعات الشـرقـيـة، وتلمس توترًا في العلاقة بين الرجل والمرأة، وتخلص الى أن الرجل هو المسئول لأنه أصبح لا يقوم بالدور المنوط به وفقًا للعرف والدين. فحقوق الرجل الواجبة على زوجته، أي حقه في أن تطيعه، مشروطة بحقها في أن ينهض الزوج بمسئولياته تجاهها، مثل مسئولية الإنفاق، فإذا تقاعس عن أداء دوره كرب للأسرة، تختل الموازين وترتبك الأدوار. وعلى الرغم من أن التيمورية تضع نفسها داخل إطار قيمي محافظ، إلا أنها تطرح سؤالاً هامًا، وقد نعتبره ثوريًا، لأنها تستكشف إمكانية تبادل الأدوار الاجتماعية ولا تتعامل معها باعتبارها أدوارًا طبيعية، أي أدوار مرتبطة بطبيعة المرأة والرجل، بل باعتبارها أدوارا اجتماعية، ومن ثم متغيرة.

كما ترتبط سنة ١٨٩٢ بكتاب الدر المنثور في طبقات ربات الخدورلزينب فواز، وهو عبارة عن تراجم الشهيرات النساء في الشرق والغرب. ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من أن تاريخ النشر المكتوب على الطبعة الأولى من الكتاب هو 1896، إلا أننا نجد في الفتاةإعلانا عن صدوره في 1 يونيو ۱۸۹۳ (ص ۳۱۰۳۱۱)، مما يعني أن زينب فواز شرعت في تأليفه قبل ذلك التاريخ، وربما في ١٨٩٢. أركز على هذا الكتاب بسبب أهميته في التأثير على الكاتبات في ذلك الوقت. فلقد تم استخدام التراجم التي جمعتها زينب فوازفي تغذية المجلات النسائية الصادرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وأصبح عامود شهيرات النساءمن الأعمدة الأساسية في الكثير من تلك المجلات. كان لهذه المادة التي تقدم إنجازات النساء في التاريخ ومساهمتهن في المجال العام دورًا حيويًا في الإرشاد والتوجيه، وأيضا في زعزعة الأفكار السائدة حول دور المرأة المحصور في محيط المنزل والعائلة. فمن خلال تراجم شهيرات النساء، نجحت زينب فواز في تأسيس خطاب مـواز عن أدوار النساء في العالم الشرقي والإسلامي بالتحديد، حيث فككت الفكرة الحداثية التي افترضت أن النساء في العالم الإسلامي لم يساهمن في المجال العام واقتصر دورهن داخل المنزل. وكما تقول ميرفت حاتم قدمت التراجم رواية أخرى عن الإسلام الحديث حيث وضعت التاريخ الاجتماعي والسياسيي للمجتمعات الإسلامية في خدمة تعريف أوسع لحقوق النساء في سياق الجماعة العربية الإسلامية“. iii

واذا ألقينا نظرة سريعة على العدد الأول من الفتاة نستطيع أن نستنتج اتجاه المجلة وأهم ملامحها. تكتب هندمقالة افتتاحية تحدد فيها مسار المجلة وأهدافها، فتؤكد أن الفتاةلا علاقة لها بالسياسة وإنما مبدأها الوحيد الدفاع عن الحق المسلوب والالتفات الى الواجب المطلوب “(۲۱). تحث النساء أن يعتبرن الفتاةجريدتهن الوحيدة في الشرق، فهي تعرب عن أفكارهن” (۲۱). تشجعهن على الكتابة في الجرائد والمجلات، وتؤكد أن هذا العمل لا يحط من مقام العفاف أو يمس الطهر والآداب (۲۲). وتستطرد في هذه النقطة لأنها تعلم أن فكرة الكتابة في الصحف لم تكن قد استقرت بعد في المجتمعات العربية، باعتبارها عملاً شريفًا مجديًا بشكل عام، ولا سيما بالنسبة للنساء. تستخدم هند أسلوب المقارنة بين المجتمعات العربية والمجتمعات الغربية لتعزيز فكرتها، وهو أسلوب سوف تنتهجه باستمرار كوسيلة لتعزيز أفكارها ومقترحاتها، فتشير إلى عمل النساء في الجرائد والصحف في البلدان الأوروبية، وتستشهد بإحصائيات منشورة في صحف فرنسية، مثلاً، فتقول أن ٢١٣٣ من النساء يشتغلن بالكتابة والتأليف (۲۳). أما بقية المقالات في العدد فهي كالتالي: تراجم لمشاهير النساء في العالم الغربي بالتركيز على الملكة فيكتوريا، ملكة انجلترا مقالة عن التطريز، مقالة عن حقوق المرأة وواجباتها،مقالة تقارن بين معايير الجمال في البلدان المختلفة، مقالة عن الخطبة، تقارن بين العادات والتقاليد المختلفة التي تمارسها المجتمعات في العالم، أخبار متنوعة (٢٥٢ طالبة طب في فرنسا، 50 محامية في شيكاجو)، إعلانات زواج، أخبار عن النساء في معرض شيكاجو، وخطاب يثنى على المجلة وصاحبتها بقلم هنا كورانی (٦٢٦٣).

بتحليل المادة المنشورة في العدد الأول، نخلص الى نتيجة أن الفتاةمعنية بمخاطبة النساء وتعزيز مكانتهم في المجتمع من خلال تشجيعهن على المساهمة في المناقشات الدائرة في المجال العام، وأيضًا من خلال التأكيد على أهمية دور النساء في المجال الخاص والعائلة. فمن الجدير بالذكر، أن الفتاةمن خلال كتابات صاحبتها هند نوفلبالتحديد لا تتحدى النظام السائد في تقسيم الأدوار الاجتماعية. فهي تقبل فكرة محورية دور المرأة في العائلة استنادا إلى الفكرة الحداثية التي تستند الى مقولة أن طبيعة المرأة تجعلها مؤهلة بشكل خاص للعمل المنزلي ورعاية الأسرة، وأن البيت هو مملكة المرأة ومكانها الأساسي lvوفى هذا الإطار، تسعى هندمن خلال مجلتها إلى التأكيد على أهمية هذا الدور النسائي داخل المنزل، وتحويله إلى مهنة متخصصة مبنية على أسس علمية ومهارات دقيقة بحيث تكتسب هذه المهنة أهمية تضاهي بها المهن الأخرى التي يمتهنها الرجال في المجال العام. وفي نفس الوقت، تنشر المجلة أخبارًا وموضوعات عن نساء تفوقن في المجال العام وفي مهن مثل الطب والهندسة، ومن ثم فهي لا تسعى إلى قفل باب الاحتمالات في المستقبل، ولكنها لا تتبنى مبدأ خروج المرأة للمجال العام بشكل مباشر. ونستطيع أن نعتبر اختيار الملكة فيكتوريا، كنموذج مثالي للنساء ووضعه في محل الصدارة في العدد الأول من المجلة، صدفة مقصودة – إن جاز التعبير-. فلقد كانت فكتوريا رمزًا للأمومة وجميع الفضائل المرتبطة بالمرأة الحديثةالتي ترعى منزلها وأسرتها على أكمل وجه، المرأة التي أصبحت بطلة معظم المجلات والروايات التي تعظم من دورها العائلي، وتعتبر الأدوار الأخرى إضافات يمكن الاستغناء عنها إلي حين ضرورة. ومن ناحية أخرى، يحتوى رمز الملكة فكتوريا على التناقضات الكامنة في الخطاب الحداثي عن المرأة، فكانت فكتوريا ملكة، وكانت تتولى حكم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، الأمر الذي يستبعد فكرة قصر دورها في المجال الخاص.

سوف استطرد بعض الشئ في مسألة الجدل الدائر حول دور النساء في المجتمع الحديث لأهميته في ذلك الوقت وحتى الآن. أشير إلى رسالتين أرسلتهما زينب فواز: الأولى إلى عبد الله نديم ونشرها في الأستاذ” (الجزء الخامس من السنة الأولى ٢٠ سبتمبر ۱۸۹۲)، والثانية إلى هند نوفل ونشرت في الفتاة” (الجزء الثالث من السنة الأولى 1 فبراير ۱۸۹۳)

وفيما يلي نص رسالة زينب فوازكما نشرت في الأستاذ“:

ورد إلينا هذا السؤال من درة صدف الحجاب الجـامـعـة بين فضيلتي العلوم والآداب، الست زينب هانم فوازونصه:

قد علم السواد الأعظم ما لفلاسفة العصر الحاضر وأشهر العلماء من البحث في أمر المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في العقل والذكاء والقدرة على الأعمال. ولكن لم تعلم أن أحدًا بحث في هذا الموضوع وهو أيهما أشد تعبًا في هذه الحياة الدنيا الرجل بتعاطيه الأشغال من تجارة وصناعة وسياسة وزراعة أم المرأة في حملها ووضعه وتربيته وتدبير منزلها ومشاركتها للرجل أحيانًا في أعماله فأرجو من حضرتكم وحضرات علماؤنا الأفاضل جوابًا شافيًا“. (ص ١١٤)

يرد النديم على السؤال ويقسم النساء الى قسمين: الفلاحة والمدنية، ثم يقسم المدنية إلى فقيرة ومتوسطة وغنية يسترسل في وصف الأعمال المتعددة التي تقوم بها الفلاحة والنساء الأخريات لينتهي الى النتيجة التالية:

إن الفلاحة أكثر تعبًا من الرجل في الأعمال وإن فقيرة المدن تساوي الرجل المشتغل بعمل لطيف لا النجار والحداد والبنا مثلاً، والمتوسطة أقلهن عملاً والغنية لا شغل لها إلا ذاتها اللطيفة، ولا عمل لها إلا فيما يختص بالزينة والقلع واللبس والنوم واليقظة حتى عارض الولادة قصير المدة، ينسى ألمه بعد أسبوع غالبا. فإذا تأملت السائلة هذا التقسيم والتفصيل علمت الفرق بين الرجل والمرأة، ورأت أن تحايل ربات الرفاهة على مساواة الرجل بدعاويهن غير مقبول عند ذوي الاختبار، (الأستاذ،4 أكتوبر ١٨٩٢ص ١٦١)

إن النديم يستنتج من بحثه، لأحوال النساء من المنتميات إلى طبقات مختلفة، أن قضية عمل المرأة أو مشاركتها في الحياة العامة المطروحة بشدة على الساحة الثقافية قضية لا طائل لها ولا يجب مناصرتها. وعلى الرغم من التفاته إلى عمل الفلاحة الشاق، فيعي قدرة النساء على النهوض بالأعمال المنوطة بهن، إلا أنه لا يستخدم هذه المقارنة ليدعم مطلب النساء للمساواة، ولا يقول إنه متى أتيحت للنساء الفرصة فهن قادرات على عمل الرجال، أو إن المرأة تعمل دائمًا وإن وضع النساء من الطبقات المتوسطة وضع خاص لا يجب تعميمه للحكم على قدرات النساء، ولكنه يختار أن يوظف هذه المقارنة لدحض مساعي النساء لتحقيق المساواة، ويسعى إلى سحب الشرعية من النساء من الطبقة المتوسطة، اللاتي يكتبن في المجلات، ويطالبن بالمساواة فيقول لهن إنهن غير قادرات على العمل، متبنيا بذلك الخطاب الحداثي السائد الذي يعبر في الأساس عن رؤية الطبقة المتوسطة الصاعدة.v

أما رسالة زينب فوازالموجهة للفتاة، فنشرت كما يلى:

اقتراح

لحضرة وكيلتنا الكاتبة الفاضلة السيدة زينب فواز بمصر

(الرجل أشد تعبًا في هذه الحياة أم المرأة)

قد بحث العالم الاجتماعي في أمر المرأة والرجل والمساواة بينهما بالعقل والذكاء وما أشبه ذلك، وإلا فلنجعل بيننا بمن منهما أشد تعبًا في هذه الحياة.

الرجل بتعاطيه الأعمال من تجارة وصناعة وسياسة وزراعة وحروب وغير ذلك أم المرأة وما تعانيه من حمل ووضع وتربية وتدبير المنزل وما أشبه.

وحيث أن لا يجوز الحكم من أحد الطرفين فقط.

فأرجو من حضرات السيدات من عقائل وأوانس اللواتي سطعت أشعة أنوار العلم معارفهن، وبزغت من وراء غيوم الحجب وقد أتت تتهادى إلينا على أكف نسيم رياض الصحف مبشرة بإدراك درجة الفلاح وارتقاء أريكة التقدم.

أن يبدين آرائهم بهذا الموضوع وليحكمن بما يرينه من الحكم العادل، وليتركن التخصيص للجنسين ويحكمن بما يقتضيه العدل ولهن منى مزيد الشكر والامتنان الأبدي، (ص ١٢٤١٢٥)

من المفيد الإشارة الى أنه قد تم تناول موضوع عمل المرأة وواجباتها في العصر الحديث قبل وصول ونشر رسالة زينب فوازالى مجلة الفتاة“. فكما ذكرت من قبل، تبنت هند نوفل فكرة محورية عمل المرأة داخل المنزل، وكتبت في العدد الأول تقول أن النساء سوف ينهضن بالفضل ومحاسن الأعمال” (ص ٣٤)، وأن عمل النساء لا علاقة له بعمل الرجال،إنما نريد بعمل المرأة ما تخصص لها، ولا يقتدر عليه سواها ألا وهو ما كان من خصائص البيت” (٣٤). تتحدث هندعن مبادئ تدبير المنزل ورعاية الزوج والأطفال، وتحث النساء على النهوض بمسئولياتهن لاكتساب الاحـتـرام والشرعية“.

ولذلك تلقت هند رسالة زينب فواز، ترد على الرسالة في مقالة عنوانها الفتاة” (الجزء العاشر، 15 فبراير ١٨٩٤ ص ٤٠٥٤١٣) وتصر أن العمل الأساسي للنساء المتزوجات هو العمل المنزلي، أما غير المتزوجات فلهن الحق في العمل خارج المنزل.vi كما تنتقد هند النساء اللاتي يضيعن وقتهن في أمور لا طائل منها، وتحثهن على إجادة التطريز والخياطة بوصفها أعمال مفيدة. تشير هندباختصار إلى الفروقات بين عمل النساء المنتميات إلى الطبقة المتوسطة أو الطبقة العاملة أو الفلاحات على وجه التحديد، إلا أنها لا تستطرد في دلالات تلك الفروقات. وكما يفعل النديم، تخاطب هند نساء الطبقة المتوسطة وتفترض أنهن يملكن رفاهية الاختيار بين تكريس كل وقتهن للعمل داخل المنزل أو توزيعه بين المنزل وعمل آخر في المجال العام. تقبل هندأيضا مبدأ تقسيم الأدوار الاجتماعية على أساس طبيعة الرجل والمرأة وتعتبرها من المسلمات.

ومع هذا، يمكننا أن نستشف ردًا مختلفًا على الرسالة، وذلك بالإشارة إلى مجمل مـحـتـوى الفتاةوأيضًا بالرجوع الى الدور الذي لعبته في المحيط الثقافي. بداية، كان للفتاةدور لا ينكر في تشجيع أعداد كبيرة من النساء المتعلمات على المشاركة في الكتابة في الصحف. أشير هنا إلى أن النساء شاركن بالكتابة في الصحف والمجلات منذ ظهورهن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إلا أن صدور مجلة نسائية، تخاطب النساء وتستكتبهن بشكل خاص قد شجع نساء كثيرات على المشاركة. نجحت الفتاةأيضًا في بناء قاعدة من القراء والقارئات اهتمت بمتابعة موضوعات تتناول حياتهن بالتحديد. والأهم من ذلك أن الرسالة التي حملتها الفتاةإلى قارئاتها لم تقتصر على الدعوى إلى تدبير المنزل ورعاية الأسرة، وإنما شملت أيضًا، وبشكل بارز، التعريف بإمكانيات النساء وإنجازاتهن في التاريخ القديم والمعاصر، ومن ثم فتحت الفتاةالباب على مصراعيه أمام تطلعات النساء للمزيد من الحرية والمساواة.

وأخيرا، فلقد اهتمت مؤسسة المرأة والذاكرةبإعادة نشر الفتاةلأهميتها، ولكي تكون متاحة للباحثين والباحثات في التاريخ العربي، خاصة أنه يصعب الحصول على الأعداد الكاملة للمجلة في المكتبات العربية.

وانتهز هذه الفرصة لتوجيه الشكر لجامعة ييلفي الولايات الأمريكية، حيث وجدت نسخة كاملة من أعداد المجلة وقمت بتصويرها بهدف إعادة النشر.

 

! كان النديم رائدًا من رواد الحركة الوطنية المناهضة للاحتلال الإنجليزي لمصر، فكان خطيب الثورة العرابية ومساندها في كافة المنابر، مما دفع الإنجليز إلى نفيه الى يافا إثر هزيمة عرابي. وفي ١٨٩٢، أصدر الخديوي عباس الثاني قرارا بالعفو عن النديم، فعاد إلى مصر في 9 مايو ۱۸۹۲، ولكنه اشترط عليه ألا يعمل في السياسة. إلا أن النديم استطاع من خلال أخيه استخراج تصريح لإصدار جريدة، وأصدر العدد الأول من الأستاذفي ٢٤ أغسطس ١٨٩٢، وهي ثالث صحيفة يصدرها عبد الله النديم بعد التنكيت والتبكيت، والطائف“.

ii للمقارنة بين الفتاةوالأستاذأنظر:

Hoda Elsadda, “Gendered Citizenship: Discourses on Domesticity in the Second Half of the Nineteenth Century,” in Hawwa, Journal of Women of the Middle East and the Islamic World 4:1 (2006) pp. 1-28..

iii أنظر:

Mervat Hlatem, “A Discursive Study of the Debate on the Changing Roles of Women in Late Nineteenth Century Egypt and the Development of a Social-Sexual Contract. “Paper presented at the Mediterranean Social and Political Research Meeting, Florence, march 2001, Mediterranean Programme, Robert Schuman Centre for dvanced Studies, European University Institute, p. 10.

iv لتوضيح الفكرة الحداثية القائلة بإن البيت مملكة المرأة، أنظر هدى الصدة، مقدمة: عائشة تيمور وتحديات الثابت والمتغير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في عائشة تيمور: تحديات الثابت والمتغير في القرن التاسع عشر، تحرير هدى الصدة، القاهرة، مؤسسة المرأة والكرة، ٢٠٠٤، ص ۹۱۲.

vهذا الجزء مأخوذ من ورقتي بعنوان: “تناقضات الخطاب الوطني في تناوله لمسألة المرأة: قراءة في مجلة الأستاذلعبد الله النديم، في عائشة تيمور: تحديات الثابت والمتغير في القرن التاسع عشر، تحرير هدى الصـدة، القاهرة، مـؤسـسـة المرأة والذاكرة، ۲٠٠٤، ص، 169–۱۹۷.

Vi أذكر هنا أن سبب توقف صدور الفتاةهو زواج صاحبة المجلة، كما تقول لنا هند نوفلفي آخر عدد.

مقالات المجلة

الجزء العاشر من السنة الأولى
الجزء الحادي عشر من السنة الأولى
الجزء الأول من السنة الأولى
الجزء الثاني عشر من السنة الأولى
الجزء الثاني من السنة الأولى
الجزء الثالث من السنة الأولى
الجزء الرابع من السنة الأولى
الجزء الخامس من السنة الاولى
الجزء السادس من السنة الأولى
الجزء السابع من السنة الأولى
الجزء الثامن من السنة الأولى
الجزء التاسع من السنة الأولى
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي