الصحة الإنجابية والسرطان
رقم العدد:
14
التحرير:
ترجمة:
هيئة تحرير:
تصوير:
إفتتاحية العدد
نالت قضايا الصحة والحقوق الإنجابية اهتمامًا واسعًا وغير مسبوق منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وبشكل خاص منذ المؤتمر العالمى للسكان والتنمية (القاهرة – ۱۹۹٤)، والمؤتمر العالمى الرابع للمرأة (بكين – ١٩٩٥) ورغم ذلك، لم تلق مسألة السرطانات وثيقة الصلة بالصحة الإنجابية، وعلى رأسها سرطان عنق الرحم وسرطان الثدى القدر الواجب من اهتمام الأنظمة الصحية فى العديد من بلدان العالم النامي. وعلاوة على ذلك، لم تلق الاهتمام الواجب من المؤسسات المهنية والعلمية، بل والمنظمات غير الحكومية في هذه البلدان.
وتبرز أهمية السرطانات المتعلقة بالصحة الإنجابية في منطقتنا العربية على وجه الخصوص حيث ترتفع نسب وفيات الأمهات في العديد من بلدان المنطقة فوق المعدلات المقبولة عالميًا بكثير، وتظهر الدراسات أن هذه السرطانات قد تكون مسئولة عن نسبة مرتفعة من تلك الوفيات. فعلى سبيل المثال بلغت نسبة الإصابة بسرطان الثدي 18.9% من جميع حالات السرطان التي عولجت في معهد الأورام القومي في مصر عام ٢٠٠١ ، وكان غالبية هذه الحالات يتم اكتشاف المرض فيها في مرحلة متأخرة. وبلغت نسبة الاصابة بسرطان عنق الرحم في نساء منطقة شمال أفريقيا ٩.٢ لكل مائة ألف امرأة، وبلغت نسبة الوفاة ٧.٤ وهي نسبة مرتفعة للغاية.
ورغم هذا فإن جهود التوعية والوقاية والإكتشاف المبكر للسرطانات المتعلقة بالصحة الإنجابية ضعيفة للغاية. فعلى سبيل المثال تشير احصائيات منظمة الصحة العالمية لعام ۲۰۰۳، إلى أن نسبة النساء اللواتي قمن بفحص مسح عنق الرحم في حياتهن في كل من المغرب وتونس بلغ 4% و 10% على التوالي ، أما نسبة النساء اللواتي قمن بفحص الثدي بالأشعة فكان 2% و ٧% على التوالي وذلك مقارنة بمتوسط يبلغ 75% في دول أوروبا الغربية، ولم توجد إحصائيات حول أي من هذه الفحوص الوقائية في معظم بلدان شمال إفريقيا نهائيًا.(1)
تمر معظم بلدان المنطقة العربية بمرحلة انتقالية من النمو، تعاني فيها من عبء مرضي مزدوج يتمثل في بقاء نسب عالية من الأمراض التي تنتقل بالعدوي. (سرطان عنق الرحم غالبًا ما ينشأ من عدوى فيروس الورم الحليمي البشري)، إضافة الى تزايد ظهور الأمراض التي لا تنتقل بالعدوى (مثل سرطان الثدي) وغيره. ويزيد من عبء مواجهة تلك الأمراض عوامل تتشابه فيها إلى حد كبير غالبية دول المنطقة مثل ضعف الإنفاق الصحي، وضعف النظم والسياسات الصحية، إضافة إلى غياب الاهتمام بوضع قضايا الصحة الإنجابية، الغير متعلقة مباشرة بالحمل والولادة، عمومًا من قائمة الأولويات الحكومية وخصوصًا تلك المتعلقة بالسرطان.
ومن هنا تبرز أهمية هذا العدد من قضايا الصحة الإنجابية، فهو يقدم للقارئات والقراء في عالمنا العربي ليس فقط معلومات حول مدى انتشار هذه الأمراض فى العالم عمومًا وفى الدول النامية خصوصاً، وبالذات تلك التي تتشابه مع مافى منطقتنا من ظروف وأوضاع، لكنه يقدم أيضًا تقاريرًا عن تطبيق أحدث التقنيات (مثل الفحص البصري باستخدام حمض الخليك) والتى يمكن أن تكسر حاجز نقص الموارد المالية والبشرية فى البلدان النامية، ويفتح الباب أمام الوقاية من سرطان عنق الرحم والاكتشاف المبكر له وبالتالي إنقاذ حياة الملايين من النساء في المستقبل. كما يقدم العدد شهادات لنساء قاومن السرطان بكل شجاعة واستطعن النجاة منه، ليس فقط بالعلاجات الطبية، ولكل أيضًا بالدعم الهائل من الأهل ومن العاملين الصحيين على كافة مستوياتهم، الذي كان له أثر حاسم في قدرتهن على مواجهة المرض والانتصار عليه. ونحن نأمل أن تثير الطبعة العربية إهتمام المسئولين والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق النساء إلى خطورة هذا الموضوع.
يتضمن العدد مقالات متنوعة إخترنا معظمها من العدد رقم ۳۲ لسنة ۲۰۰۸ من الطبعة الانجليزية بما في ذلك المقالة الافتتاحية لمارج بيرر، والتي تضع فيها السياق السياسي للتعامل مع أمراض السرطان المتعلقة بالصحة الإنجابية. تقدم المقالة أيضًا استعراضًا وافيًا للمقالات المنشورة فى العدد الانجليزي، والتي قمنا بترجمة قسم كبير منها في هذا العدد من جانب آخر اخترنا عددًا من المقالات من أعداد سابقة رأينا أن أهميتها ما زالت قائمة رغم مرور عدة سنوات على نشرها.
أحد أهداف المجلة هو نشر ما ينتجه الباحثون والباحثات العرب حول قضايا الصحة الإنجابية في البلدان العربية، وعادة ما يكون هناك مقال على الأقل في كل عدد، لكن هذا العدد للأسف لا يوجد به أى مقال عن الوضع في أي دولة عربية. ونحن على استعداد لمساعدة من قاموا بأبحاث حول موضوعات العدد على النشر في قضايا الصحة الإنجابية التي تصدر باللغة الانجليزية. من جانب آخر نأمل أن يتحمس الباحثون والباحثات في منطقتنا للنشر في الأعداد المقبلة عن المجلة الإنجليزية (هناك عرض للموضوعات المقبلة ومواعيد إرسال المساهمات في الصفحة الأخيرة من هذا العدد).
مع ترجمة كل عدد جديد تواجهنا مشكلة ترجمة المصطلحات الطبية بشكل يمكن لغير المهنيين الطبيين فهمه بسلاسة ووضوح. وفي هذا العدد تحديدًا برزت هذه المشكلة بشكل واضح، وأبرزت معها احتياجنا الشديد الى تطوير الترجمات العربية لتتواكب مع التطورات الجارية في مجال الصحة الإنجابية على المستوى العالمى، فكلمات مثل screening، survey, surveillance عادة ما تترجم جميعها بكلمة “مسح” رغم أنها تحمل معان مختلفة باللغة الإنجليزية (وهي الكلمة التي التزما بها لترجمة Screen). ومن جانب آخر فإن بعض القواميس الطبية تورد ترجمات عربية لبعض المصطلحات قد لا يعرفها الكثير من القارئات والقراء، بل وحتى الكثير من الأطباء وباقي العاملين في المجال الصحي، على سبيل المثال يترجم القاموس الطبي الصادر عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط needle biopsy بكلمة “خزعة“، بينما ترجمناها نحن “عينة ” (فى اختبار محدود على عدد من الأطباء لم يفهم أغلبيتهم معنى الكلمة).
وقد حدث الأمر نفسه في أعداد سابقة. فعلى سبيل المثال تترجم stem cells بالخلايا الجذعية (يربطها الكثيرون بخلايا جذع المخ)، بينما ترجمناها نحن بالخلايا الرئيسية انطلاقًا من طبيعتها، حيث أنه يمكن أن تتخلق منها الخلايا المتخصصة في أجهزة المختلفة. إننا نحاول الاجتهاد في إيجاد ترجمات سلسة مقابل للمصطلحات المختلفة، وإضافة ملاحظات شارحة للمعانى قدر الإمكان في قائمة المصطلحات في كل عدد، لكي يصبح الحديث حول القضايا الصحية متاح لكافة المعنيين بالصحة ومعظمهم من خارج الدوائر الطبية، ونأمل أن تتفاعلوا معنا في تدقيق وتطوير هذه القائمة.
تعتدر لقارئاتنا وقرائنا عن عدم صدور أى أعداد من مجلة الصحة الإنجابية فى عام ۲۰۰۹، نظراً لظروف خارجة عن إرادة المؤسسة، ونعد بأن نواصل إصدار عددين سنوياً
كما نعتذر أيضًا عن بعض الأخطاء التي وردت في العدد السابق.
-
ورد في المقدمة فقرة ١ ص ٤ عبارة تطبيب اﻹجهاض، والمقصود بها تطبيب الختان
-
أيضا ورد في المقدمة ص ٣ فقرة ٣ السطر الرابع كلمة مساء، والمقصود بها نساء.
-
كما وردت أيضًا بعض الأخطاء المطبعية في بعض المقالات من قبيل عدم وضع الهمزة في مصادر الأفعال الرباعي مثل كلمة إجهاض، إلتهاب ، إجتماعية، إقتصادية …. الخ
ونشير الى أن د. هالة الدمنهوري لم تشارك فى المرحلة النهائية من إعداد ذلك العدد، ومن ثم فهى ليست مسئولة عن أي من تلك الأخطاء أو غيرها من الأخطاء المطبعية.
(1) http://apps who int/whosis/data/Search jsp