العدد اﻷول- فك الجدايل

الافتتاحية

أهلاً ومرحبًا بكم في أول عدد من مجلة فك الجدايل، وإن لم يكن العدد الأول من نشرة فك الجدايل التي أصدرها المنتدى من قبل. والاختلاف بين المطبوعتين لا يكمن في الشكل أو الحجم فحسب، بل يعكس تطور المنتدى عبر السنين والأجيال منذ بدايته في 2000. ففي هذه المجلة لا تعبر الفتيات عن أحلامهن وإبداعاتهن فحسب بل يعبرن أيضًا عن أفكارهن ومواقفهن ويؤكدن الوصول بأصواتهن إلى أبعد ما يمكن، آملات في التأثير والتغيير.

ويطرح سؤال نفسه: لماذ لا تغطي نشرة المرأة الجديدة أنشطة المنتدى وأفكار عضواته؟ لقد رأينا في إصدار مجلة منفصلة فرصة للتعبير عن أفكار الأجيال الجديدة من المهتمات بحقوق المرأة، ورأينا ضرورة نشرها بوصفها صوتًا موازيًا، يعكس الاتجاهات الجديدة في المجتمع. فإذا كان للحركة النسائية المصرية أن تتطور فيجب عليها الانفتاح على الأجيال الجديدة والتفاعل معها التأثر بها أيضًا. إن حقوق الإنسان وحقوق المرأة ليست منزهة عن الخطأ ولا هي متشبعة بحيث لا تقبل الإضافة، فهذه الحركة في تطور مستمر ولا يزال هناك الكثير ليبذل للدفع بها إلى الأمام.

سواء كان المقصود من “فك الجدايل” النمو والتعلم أم كان مقصودًا بها التحرر، فإن الاسم يعبر واقع الفتيات اللاتي أصررن، رغم علمهن بما قد يتكون عند البعض من انطباع سيئ إزاءه ، نظرًا لارتباطه بوصف الفتيات ذوات السلوك المشين بأنهن “ماشيين على حل شعرهم“، فقد احتارت الفتيات الاسم بعد مفاوضات مسهبة وتصويت، وفضلن أن يغيرن ما قد يشوب الاسم سوء فهم وتداعيات غير طيبة، ليقدمن مثالاً جديدًا ومختلفًا من الشجاعة والحماسة.

ولا يفوتنا في هذا المقام أن نتوجه بالشكر لكل من ساهم في إخراج هذه المجلة في صورتها الحالية. فبين أيديكم مجلة بكر غير مسفسطة، جاءت نتاج جهود مضنية بدأت من الفتيات أنفسهن وما واجه البعض منهن من صعوبة في الكتابة، مرورًا بالغلاف الذي صممته إحدى فتيات المنتدى لأول مرة. فسامحونا إن كنا سهونا عن شيء ما أو إذا لم نكن قد وصلنا بعد إلى مستوى حرفية غيرنا من المجلات. ولكن نعود ونقول أول الغيث يبدأ بقطرة، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وها قد بدأنا..

رئيسة التحرير

ديوان “شجرة القمر“- نازك الملائكة

على قمة من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرُ

وغلفها أفق مخملي وجو معنبر

وترسو الفراشات عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءُ

وعند ينابيعها تستحم نجومُ السَّمَاء

هنالك كان يعيشُ غلام بعيد الخيال

إذا جاع يأكل ضوء النجوم ولون الجبال

ويشرب عطر الصنوبر والياسمين الخَضِلُ

ويملا أفكارَهُ من شذى الزنبق المنفعل

وكان غلامًا غريب الرؤى غامض الذكريات

وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنيات

وكانت خلاصة أحلامه أن يصيدَ القَمَرُ

ويودعه قفصًا من ندى وشذّى وزَهَرْ

وكان يقضي المساء يحوك الشباك ويَخْلُمْ

يوسدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغم

ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ

وقد عكسته مياه غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ

وما كان يغفو إذا لم يمر الضياء اللذيذ

على شَفَتِيهِ ويسقيه إغماء كأس نبيذ

وما كان يشرب من منبع الماء إلا إذا

أراق الهلالُ عليه غلائل سكرى الشَّذَى