العدد الثالث – قضايا الصحة الإنجابية
الشركاء: المرأة الجديدة
رقم العدد:
3
التحرير:
التقديم:
ترجمة:
الإخراج الفني:
تقديم
اختراق حاجز الصمت
كثيرة هي التابوهات في حياتنا (المواضيع الحساسة التي يحرم فيها النقاش أو يتم خوضها بحذر بالغ). وكثيرًا منها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة النساء. تعتبر الشئون الجنسية إحدى هذه المحرمات الكبرى، والحديث حولها محفوف بالمخاطر، وتزداد المخاطر إذا ما تحدثت النساء. إن التحريم والتابوه والحساسية يرتبطون دائمًا بقضايا حيوية تخص أفكار البشر، وممارساتهم الحياتية، وعلاقاتهم. وهى قضايا اتخذت فيها ترتيبات على مر العصور توحي بالاستقرار، ولكنها مبنية على أسس غير صحيحة أو غير عادلة. إنه استقرار مزور ومزعزع أفاد طوائف وفئات واسعة من البشر، لكنه أضر بفئات وطوائف أخرى.. وفتح النقاش حول هذه القضايا يمثل تهديدًا جديًا لمصالح الفئات المستفيدة، وقد ترفض حتى الفئات المضارة فتحه لما تمثله خلخلة الاستقرار من افتقاد للأمان النسبي الموجود. الجنس أحد المحرمات لأنه شكل من أشكال التعبير عن العلاقات بين البشر، ولكنه بني على أساس ملكية الرجال لأجساد النساء في ظل علاقات قوى غير متكافئة بين الجنسين!! وكما في كل التابوهات. الحديث والنقاش ليسا محرمين بشكل مطلق فيهما مباحان للطرف الأقوى الذي يصيغ قواعد وقوانين “اللعبة” بشرط الالتزام بالشروط المتفق عليها. لكنه محرم أساسًا على من يحاول تعديل تلك القواعد، وبالتالي يعبث بالاستقرار، وينفخ في النار المشتعلة تحت الرماد. رغم حرمة النقاش في الجنس فقد حفل تاريخنا الشرقي بالذات بعد الفتوحات الإسلامية بنقاشات وكتابات حول الموضوع، ولكنها جميعًا دارت بين الرجال حول أساليب المتعة وأفضل الجواري و“الغلمان“، والأوضاع الجنسية المختلفة.. باختصار الاستخدام الأمثل لجسد المرأة “غالبًا” لإمتاع الرجل. واختزلت النساء خلال تلك الحوارات من ذوات “عقول وأرواح وأجساد” مشاركة على قدم المساواة في تلك العلاقة الحميمة إلى موضوعات وأدوات للمتعة. ومع تصاعد المد النسائي في القرن العشرين استطاعت المرأة بصعوبة أن تدخل كطرف مشارك في الشئون الجنسية، بالأبحاث والكتابات والمشاركة في المؤتمرات العلمية. وعانت من المخاطر التي يتعرض لها من يجرؤ على الاقتراب من التابوه. ولعلنا جميعًا نذكر الاستهجان والاتهامات التي واجهتها الشجاعة الدكتورة نوال السعداوي بعد نشر كتابها “المرأة والجنس” وكتبها الأخرى، ولعلنا نذكر التحفظ الشديد الذي تم به تعریب کتاب Our bodies our selves تحت اسم “حياة المرأة وصحتها“. وهو كتاب موسوعي تناول حياة النساء الإنجابية والجنسية من خلال رؤية النساء أنفسهن لتجاربهن، رغم كامل تقديرنا للجهد الذي قامت به الباحثات اللاتي عربن الكتاب ولما يمثله الكتاب العربي من قيمة مضافة رغم كل التحفظات. إن اختراق حاجز الصمت هو قضية كل النسويات اللاتي يعنيهن أن تعيش المرأة حياة سوية يمكنها فيها التعبير عن نفسها بحرية “عقلاً وروحًا وجسدًا” والتفاعل مع المجتمع المحيط بها والأخذ والعطاء كطرف مساوٍ ومتمتع بكل الحقوق المكفولة للإنسان الرجل. هذه هي قضية عددنا الثالث من مجلة الصحة الإنجابية والذي اختار قضية الشئون الجنسية ليكون موضوع النقاش ليقوم من خلاله باستعراض مجموعة أبحاث ومقالات من بلدان مختلفة تدور كلها حول موضوع الشئون الجنسية. ومعظم مقالات هذه المطبوعة مترجمة من العدد ۱۲ الصادر في نوفمبر ۱۹۹۸ والذي يعني أساسًا بموضوع الشئون الجنسية ما عدا المائدة المستديرة حول التشويه الجنسي للإناث، وعرض كتاب المرأة وافتقاد الخصوبة في منطقة الصحراء الأفريقية واللذان نشرا في العدد ١٣ الصادر في مايو ۱۹۹۹ وقد تم اختيارهم لصلتهم الحميمة بموضوع الشئون الجنسية. في المقالة الافتتاحية حول البحوث والممارسة في الشئون الجنسية تستعرض جوليت ريشترز المدارس المختلفة في مجال البحوث الجنسية وتصور كل منها، والصعوبات التي يواجهها الباحثون في مجال علم الجنس والعاملون على تقديم المشورة، والسعي المستمر للنسويات النشيطات لتحويل الشئون الجنسية إلى قضية يتم تناولها من خلال مناهج علم الاجتماع. وتشير الباحثة إلى مخاطر إلحاق دراسات الجنس بالعلوم الطبية والبيولوجية فقط، حيث لا يمكن اختزال السلوك الإنساني لتغيرات هرمونية وفيزيائية تفتقد البعد النفسي والاجتماعي. تكشف الدراسة التي تقدمها آني جورج – العلاقات الجنسية ومناقشاتها داخل إطار الزواج في الهند – عن المسموح به والممنوع في مفاوضات الأزواج حول علاقاتهم الجنسية. كما توضح بعض الاختلافات بين رؤى الجنسين حول قضايا المتعة الجنسية المبادرة في العلاقات الجنسية والتعبير عن الرغبة، القبول بالقهر الجنسي، تأثير السن واكتمال العدد المرغوب من الأطفال على العلاقة الجنسية، الحماية من الأمراض المنقولة جنسيًا كما تناقش الدراسة طبيعة علاقات القوى السائدة في المجتمع وتأثيرها على المفاوضات بين الطرفين. من الهند إلى زيمبابوي حيث قام مشروع موساسا بعمل بحث لاختبار وتوثيق نوعين من العنف الجنسي ضد النساء وهما إجبار النساء على ممارسة الجنس قسرًا من جانب الزوج/ الشريك، أو الامتناع القصدي لهذا الشريك عن ممارسة الجنس كنوع من العقوبة للمرأة وتحاول الدراسة استكشاف الأسباب التي تكمن وراء العنف الجنسي في هذه المنطقة الأفريقية وتصل لنتيجة تحتاج لمزيد من الاختبار وهي أن النساء اللاتي تم تمكينهن اقتصاديًا يتعرضن للعنف أكثر من غيرهن من النساء الأضعف. أمام هذه النتيجة لا بد لنا من التساؤل هل يدفع شعور المرأة بالقوة والاستحقاق الرجل للعنف الجنسي كوسيلة لتحقيق الهيمنة الذكورية التي يهددها تمكين المرأة الاقتصادي؟ أم أن هذه المرأة أصبحت أكثر وعيًا بالعنف الكامن داخل سلوك الرجل والذي كان من قبل يعتبر من طبائع الأمور؟ تكشف نقاشات المائدة المستديرة حول التشويه الجنسي للإناث عن أسلوب جديد وحضاري في النقاش حيث تقدم كارلا مخاوف وروبرت رينولدز وجهة نظر مخالفة لما استقرت عليها آراء نشطاء حقوق الإنسان حول ما يمثله الختان من تشويه لجسد ونفس الفتاة والمرأة ويشترك في النقاش عدة باحثات معظمهن مصريات ليظهرن وجوه اختلافهن مع المقال السابق. تمت أيضًا ترجمة ملخص بحث أجرى في ماليزيا حول أسلوب ختان الإناث بوخز البظر الذي يمارس في ماليزيا ويرفض هذا البحث تسميته تشويها جنسيًا بل اعتبره أسلوبًا لإرضاء العادات والتقاليد بدون إضافة أضرار بالنساء. وإن كانت العديدات من المهتمات بصحة المرأة وحقوق الإنسان يتخوفن من أي ممارسة ولو رمزية للختان لما يمثله ذلك من تهديد بعودة تلك الممارسات للحياة. تم اختيار عرض كتاب المرأة وافتقاد الخصوبة في منطقة شبه الصحراء الأفريقية، لما يتضح من خلاله من صلة وثيقة بين مختلف جوانب الصحة الإنجابية حيث يرتبط السلوك الجنسي بمشكلة العقم، فقد يكون سببًا لها، كما قد يؤدي افتقاد الخصوبة إلى تغير السلوك الجنسي لكلا الزوجين كما تشير محررتي المقال. إننا نأمل أن يكون لهذه المطبوعة أثر في توضيح العلاقة الحيوية بين كافة قضايا الصحة الإنجابية للمرأة والشئون الجنسية، وندعو كافة المهتمين بصحة المرأة إلى إدراج قضاياها الجنسية على جداول أعمالهم، كما نرحب بملاحظاتهم.مقالات الاعداد
المفاهيم المختلفة للرجال والنساء حول العلاقات الجنسية ومناقشتها في إطار الزواج في الهند
- الناشر: المرأة الجديدة
شارك:
