الإيدز في القرن الواحد و العشرين

طباعة: Promotion Team

افتتاحية العدد

هيئة التحرير

يأتي هذا العدد بعد قرابة ٥٢ عاماً على ظهور فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب ومرض الإيدز، وفي منتصف الفترة التي حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ٢٠٠١ عبر إعلان الالتزاماتالذي تبنته ۱۸۹ دولة، والذى أكد على أهمية تقديم الوقاية والرعاية والعلاج والدعم لمرضى الأيدز وحاملو الفيروس، بحيث يمكن وقف انتشار الوباء والعمل على تراجعه بحلول ۲۰۱5″. لقد حدث تقدم كبير فى المعارف حول الأيدز وفي أساليب الوقاية منه بل وعلاجه، كما حدث تقدم كبير في آليات المواجهة، وخاصة تنامى دور المجتمع المدنى فى وقف انتشار الوباء. بالاضافة الى ذلك تم تطوير مؤشرات واضحة لتقييم مدى تقدم البلدان المختلفة فى التصدي الجاد لهذا الوباء. لكن على الرغم من ذلك ما زالت هناك وفقًا للتقرير الدولي عن الإيدز ٢٠٠٦ الصادر عن منظمة الصحة العالمية والبرنامج الدولي لمكافحة الأيدز استجابة ضعيفة في العديد من البلدان للتعامل مع فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب والإيدز حتى الآن، وبشكل خاص فيما يتعلق بالهدف الذى كان من المرجو تحقيقه بحلول عام ٢٠٠٥، ألا وهو أن يكون لدى 90% من الشباب معرفة شاملة بالمرض وكيفية الوقاية منه، فالمسوح توضح أن أقل من ٥٠% من الشباب حتى الآن لديهم معرفة واسعة بالمرض.

لقد حاولنا أن تعكس مقالات هذا العدد ما جرى عبر الأعوام الماضية فى من جانب تؤكد على أن البشر يمكنهم إذا أرادوا أن يواجهوا أشرس التحديات، وهي من جانب آخر تذكرنا بأن التحديات ما زالت كبيرة وتحتاج الى إلى مواجهة صادقة مع النفس سواء على المستوى الفردي أو على مستوى الأمم والشعوب، لكن يمكن التصدي عن حق للتحديات التي يطرحها علينا فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب / الإيدز.

أول مقالات العدد هى افتتاحية العدد الانجليزى مايو ۱۹۹٥، الحمل، وتنظيم الأسرة، والأمراض المنقولة جنسيًا. ومرض نقص المناعة المكتسب: نحو النهوض بحياة جنسية أكثر أمانًا“. ورغم أن العدد قديم وسياسة تحرير الطبعة العربية هي ترجمة أحدث المقالات حول كل موضوع، إلا أننا قررنا ترجمة هذه المقالة التي ما تزال الأمور التي تطرقت إليها شديدة الأهمية ومحل نقاش واسع حتى الآن فعلى سبيل المثال مازال الرأي الذي كتبته رئيستا التحرير في ذلك العدد من أهم التحديات أمام جهود مناهضة الأيدز والأمراض المنقولة جنسياً بشكل عام. ألا وهو أن مجرد وجود مرض نقص المناعة المكتسب / الإيدز في العالم أمر سئ بحد ذاته، ولكن الأسوأ أن تدرك أن ممارسة الجنس بطريقة أكثر أمانًا ليس لمدة شهر أو عام، بل مدى الحياة أمر أصعب من أن يشعر الناس بالرغبة في القيام بذلك، أو القدرة عليه“.

ورغم أن مقال خدمات الصحة الجنسية والإنجابية واختبار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب: رؤى وتجارب النساء والرجال الذين يعيشون بالفيروس، مقال طويل إلا أننا رأينا أنه من الهام ترجمة المقال دون تصرف لأنه من الضروري أن يعرف العاملون فى مجال تقديم الخدمات الصحية التمييز والتخوفات التي يعاني منها المصابون بالفيروس أو المرض نفسه والتى أحيانًا ما يكون العاملين الصحيين أو حتى الأهل والأصدقاء مسئولين عنها.

يتضمن العدد أيضًا مقالات حول موضوع ختان الذكور والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب / الإيدز، يعرضان لأحدث الدراسات التى تؤكد على الدور الايجابى لختان الذكور فى تقليل نسبة انتقال المرض من النساء إلى الرجال، لكنها تؤكد أيضًا على أن ختان الذكور ليس بديلاً عن الإلتزام بممارسات الجنس الآمن، ولا يوفر حماية مطلقة بحد ذاته. والمقالات المنشورة هي جزء من لقاء تشاوري عقد تحت رعاية منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك حول الإيدز. والحق أن كل المداخلات في ذلك اللقاء التشاوري مهمة، ولكننا لم نتمكن سوى من ترجمة أحدها، باﻹضافة الى نتائج وتوصيات اللقاء التشاوري.

كما يتضمن العدد أيضًا، مقالان حول البحوث فى مجال أمراض النساء والولادة، تطرح علينا الاشكاليات التي يثيرها البحث في هذا المجال، وتطرح علينا أيضًا بدائل لكيفية عمل هذه البحوث خاصة على المستوى المجتمعي. وفى تقديرنا أنها مفيدة أيضًا فى مجال عمل البحوث المجتمعية المتعلقة بالإيدز.

ولا يمكن أن ننهي هذه المقدمة دون الاشارة الى الوضع فى البلدان العربية. فعلى الرغم من أن المنطقة تتميز بمعدل انتشار منخفض لفيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز مقارنة بباقي مناطق العالم وفقًا لاستراتيجية المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط ۲۰۰٦ / ۲۰۱۰ حيث لا يزيد انتشار الوباء عن 5% بين أى من المجموعات السكانية المعرضة للخطر إلا أن معدلات العدوى تتزايد بشكل شديد فقد كان عدد الحالات الجديدة للإصابة بالفيروس بين الأطفال والبالغين فى عام ۲۰۰٤ حوالى ۹۲۰۰۰ حالة بزيادة تمثل ٦٠% مقارنة بعام ۲۰۰۳، وهي بذلك تعتبر ثانى منطقة من حيث ارتفاع معدلات الانتشار فى العالم. أما إذا قارنا مجرد الأعداد، فإن عدد حالات الإصابات الجديدة فى المنطقة العربية تزيد عن مجموع الإصابات الجديدة في كل من أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية مجتمعتين.

إلا أن الاستراتيجية نفسها تشير الى أن معدل الانتشار المنخفض قد لا يعكس الواقع الفعلى بسبب ضعف المسوحات، وعدم وجود بيانات موثوقة. خاصة فى ظل ضعف الأنظمة الصحية، وتحديداً آليات المسوحات الصحية، والتي يفاقمها فى عديد من بلدان المنطقة التدهور الحادث بسبب الحروب والنزاعات الداخلية (العراق والسودان وغيرهما). وفى ظل ضعف الموارد الاقتصادية تعانى المنطقة من ضعف توفير العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، فنسبة من يحصلون على العلاج لا تتجاوز 5% ممن يحتاجونها (وفقًا للأرقام المسجلة). مقارنة بالمتوسط العالمى (٢٤%) بما في ذلك أفقر البلدان في جنوب الصحراء الإفريقية التي تصل نسبة التغطية فيها إلى ٢٣%.

وخلافًا للقناعة الواسعة الانتشار بأن الأيدز هو مرض يصيب المثليين فقط، توضح الاستراتيجية العربية أيضًا أن الأسباب الأساسية للوباء فى المنطقة هى العلاقات الجنسية بين النساء والرجال، وتعاطى المخدرات بالحقن وتشير بعض التقارير الى أن إصابات النساء فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمثل 48% من إجمالي الإصابات وهى ثالث أعلى نسبة بين الإصابات بين النساء على مستوى مختلف مناطق العالم. من جانب آخر فإن هناك عوائق أخرى تسهم في إعاقة جهود مقاومة هذا الوباء وعلى رأسها الارادة السياسية والديموقراطية. وقد يبدو الأمران غريبان.. إلا أن افتقاد الإرادة السياسية القادرة على الاعتراف بالواقع الفعلى، ومواجهته بدلاً من الانكار أمر أساسي لتوفير الموارد المالية والبشرية. كما أن المناخ غير الديموقراطى الذى يعوق تأسيس وعمل منظمات المجتمع المدنى، يحرم جهود مواجهة هذا الوباء من فاعل أساسي يلعب دوراً هاماً فى المجتمعات الأخرى في باقي مناطق العالم، وخاصة فى مجال مقاومة الوصمة الاجتماعية والتمييز ضد المصابين بالفيروس ومرض الإيدز.

لنأمل أن يساهم هذا العدد فى مساعدة المهتمين فى التعلم من الخبرات المستفادة ليس فقط من دروس الآخرين. بل من درس تجربتنا فى الإنكار لسنوات طويلة وانعكاسها السلبى على تزايد معدلات انتشار المرض. وكما تقول افتتاحية العدد الانجليزى عام ۱۹۹5 عندما سيحصل جميع أطفالنا على معلومات حول الجنس، ويمتلكون هذه النظرة له، أي احترام الشريك، وقبول الاختلاف، والوصول إلى طرق إيجابية جنسيًا وآمنة في الوقت نفسه، ربما لن تكون هناك حاجة بعد إلى كتابة المقالات التي ننشرها هنا“.

مقالات الاعداد

ختان الذكور للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية
تعزيز الممارسات الجنسية الأكثر أمناً
قضايا إشكالية في البحوث السريرية حول الصحة الانجابية للنساء
تصميمات بديلة للبحوث حول المراضة في مجال أمراض النساء في الدول النامية
الجسنانية والنوع الاجتماعي في سياق مرض الأيدز
مطبوعات
الحمل، وتنظيم الأسرة، والأمراض المنقولة جنسياً، ومرض نقص المناعة المكتسب
قائمة المصطلحات
الأيدز في القرن الحادي والعشرين: بعض الاعتبارات المهمة
رؤى وتجارب النساء والرجال الذين يعيشون بالفيروس
مائدة مستديرة
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي