العدد الثامن عشر – المرأة الجديدة
رقم العدد:
18
تاريخ النشر:
2006
رئاسة التحرير:
التحرير:
سكرتارية التحرير:
الإخراج الفني:
الافتتاحية
لنستعد للمعركة القادمة
بدأت الدورة البرلمانية الجديدة منذ نحو شهر، وسوف يناقش خلالها العديد من مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة، والتي من بينها قانون “الجمعيات الأهلية” الذي يضع مزيدًا من القيود على الجمعيات الأهلية، تلك القيود التي من شأنها القضاء على المجتمع المدني، فقد تمكنت الحكومة من حصار الأحزاب السياسية داخل مقارها، ووضعت ترسانة من القوانين التي تقيد تشكيل الأحزاب – لجنة الأحزاب وقانون الأحزاب – كما تزخر ترسانة القوانين المقيدة بمنع حرية إصدار الصحف والمطبوعات، ولم يكفها ما أصاب الدور والعمل النقابي في العديد من أهم النقابات المهنية التي لم تجر فيها انتخابات منذ أكثر من عشر سنوات، والأخرى الموضوعة تحت الحراسة، بل أحكمت قبضتها بالقانون المعروف بقانون تنظيم النقابات، ولولا أن المنتمين إلى النقابات يدركون حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم إزاء قضايا وطنهم: لأصبحت النقابات بموجب قوانين الحكومة وسطوتها مجرد مكاتب إدارية وأبواب مغلقة على ملفات الأعضاء.
وتواصل الحكومة سياستها في إحكام قبضتها على ما تبقى من أشكال المجتمع المدني ومنظماته عن طريق القانون المزمع تقديمه لمجلس الشعب، ولم يكفها القيود والسلاسل البيروقراطية الموجودة في القانون الحالي الذي يمثل قيدًا محكمًا للعمل المدني، بحيث يفرغه من أي مضمون ويسلبه دوره التاريخي وانطلاقته الحقيقية خلال القرن الماضي، فهي لن ترحب بالضرورة بتصدي منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوق الإنسان في بلادنا، وليس بعيدًا عن ذاكرة الحكومة الدور الذي لعبته الجمعيات الأهلية في فضح وكشف انتشار ظاهرة التعذيب المنظمة في أقسام الشرطة، واستخدام النساء كرهائن بل وتعذيبهن وهتك أعراضهن في ظاهرة أصبحت تستخدم في القضايا الصغيرة والكبيرة كافة. (وليست بعيدة عنا معركة منظمات المجتمع المدني ضد الحكومة وسلوكها الممارس في الشارع، وكان أبرزها ما حدث من انتهاكات للنساء في يوم ٢٥ مايو عام ٢٠٠٥ – يوم الاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور. كما أنها – أي المنظمات الأهلية – لعبت الدور الأساسي في کشف تزوير انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية في العام نفسه – ٢٠٠٥. وهذه مجرد أمثلة وقعت بالأمس القريب تؤكد ثقتنا في أنها تقف خلف نية الحكومة في فرض قانون يسلب الجمعيات الأهلية المساحة الضيقة المتاحة لها في الحركة. لذا فنحن نقدم في هذا العدد من النشرة مواجهة أولى حول المشروع المزمع تقديمه، ونؤكد أنها مواجهة أولى وليست الوحيدة أو الأخيرة.
وندرك أيضًا أن وراء موقف الحكومة وقوى التخلف ضد منظمات المجتمع المدني أن هذه المنظمات تفتح ملفات عديدة خاصة فيما يتعلق بالنساء، بداية من الدفاع عن حقوقهن في العمل والمشاركة السياسية، وليس انتهاءً بما نقدمه في هذا العدد حول العنف الجنسي ضد النساء، في تغطية لمؤتمر عقد بهذا العنوان، وفي مقالة الدكتور خالد منتصر وما يتستر عليه المجتمع رغم وجوده وهو “الاغتصاب الزوجي“.
وإذ أننا لن نغمض عيوننا ولن ندفن رؤسنا في الرمال، فإننا نطرح قضية تخص جزءًا من الوطن، أفرزته سياسات الإفقار التي تتحمل مسئولية وجود ظاهرة ما يسمون بأبناء الشوارع، وهؤلاء الذين يقدر عددهم مرة بمليون وأخرى باثنين مليون مواطن مصري. ونحن في عددنا هذا تحدثنا عن بنات الشوارع، وليس ذلك تمييزًا لهن عن أولاد الشوارع، ولكن لأنهن الأكثر عرضة للانتهاك والاستغلال الجنسي والاجرامي، كما أنهن من يعدن إنتاج أطفال جدد للشوارع، أطفال يجيئون نتيجة لاغتصاب قد يكون جماعيًا، أطفال بلا آباء وبلا شهادات ميلاد وبلا هوية.
كما لن يرضى الحكومة ولا قوى التخلف تناولنا لما عرف بحادثة التحرش الجنسي بالنساء، فنحن نحمل الدولة مسئولية حالة العنف التي تمكنت من الإنسان المصري وأوشكت أن تحدث تغيرًا جذريًا في الشخصية المصرية، ولن نقف صامتين وسوف نظل متمسكين بالأسباب الموضوعية للظواهر والأحداث بما في ذلك حادثة التحرش الجنسي، وسوف نظل متمسكين بحقنا في الشارع وفي بلادنا وفي وجودنا الفعال والمؤثر في رسم مستقبل هذا الوطن، وفي إرساء قيم وحقوق المواطنة والحرية والعدل. هل يمكن الآن أن نطرح السؤال: لماذا تسعى الحكومة والقوى الرجعية لتكبيل حركة منظمات المجتمع المدني؟ أعتقد أن الإجابة معروفة، ولذا نرجع مرة أخرى ونضع أمام التاريخ ما قدمه المجتمع المدنى لمصر، ونستعد لمعركتنا القادمة مع القانون الجديد.
أيضًا نرحب بمشاركة الكاتب الكبير حسين عبد الرازق في هذا العدد، ونأمل بمشاركته الدائمة لنا مدافعًا عن قيم العدل والحرية، ومنتصرًا لحقنا الديمقراطي في المشاركة. كما نعيد نشر مقال للرائدة العظيمة السيدة فاطمة اليوسف سبق أن نشرته في مجلة روز اليوسف، وقد نشرناه لأننا ما زلنا بحاجة لكل ما طالبت به منذ أكثر من نصف قرن.
(هيئة التحرير)